عودة حكومة هادي الى عدن هل ستكون “نهائية” فعلا؟ وهل تزامن هذه الخطوة مع قصف “سوق الهنود” الدموي في الحديدة مجرد صدفة؟ وهل كان قصفا بالخطأ فعلا؟
إب نيوز 22سبتمبر
وما علاقة كل هذا بعودة سيناريوهات الانفصال والتقسيم؟
لا نعرف ما إذا كان قصف طائرات التحالف السعودي “لسوق الهنود” في مدينة الحديدة الساحلية جاء بمحض الصدفة، ام انه كان متعمدا لإفساد احتفالين، الأول للحوثيين وحليفهم الرئيس علي عبد الله صالح، بمناسبة الذكرى الثانية لسيطرتهم على العاصمة صنعاء، والثاني عودة السيد احمد عبيد بن دغر، رئيس الوزراء اليمني ووزرائه بصورة “نهائية” الى مدينة عدن.
ما نعرفه ان القصف الجوي الذي قال مصدر حكومي يمني انه وقع عن طريق الخطأ، أدى الى مقتل عشرين يمنيا واصابة العشرات الآخرين جميعهم من المدنيين، ومن بينهم أطفال ونساء، وبثت معظم وسائل التواصل الاجتماعي صورا مرعبة للضحايا، بينما تجنبت وسائل اعلام التحالف وقنواته هذه الجريمة وكأنها لم تحدث ابدا.
منذ عام وتسعة أشهر، وطائرات التحالف السعودي تقصف المدارس والأسواق والمستشفيات والمزارع والمدارس في اليمن “عن طريق الخطأ”، حتى ان البعض بات يتساءل، فاذا كان هذا القصف الخطأ يحدث هذا الحجم الكبير من الضحايا الفقراء المعدمين، فكيف سيكون حجم ضحايا القصف المتعمد؟
ويتندر البعض في اليمن قائلين، في اكثر أنواع “الكوميديا السوداء” قتامة، يبدو ان الطيارين السعوديين الذين قاموا بإطلاق صواريخهم هذه المرة في الحديدة التبس عليهم الامر، واعتقدوا ان رواد هذا السوق من الهنود، وليس من اليمنيين اعتمادا على اسمه، وعندما اكتشفوا العكس، قالوا انه كان قصفا غير مقصود.
قصف التحالف السعودي لأهداف يمنية مدنية ليس جديدا، بل لم يعد خبرا لافتا للنظر لتكراره عشرات المرات طوال الأشهر الـ 19 الماضية، لكن الجديد هو عودة السيد بن دغر وحكومته الى عدن، العاصمة الاقتصادية للبلاد، والتأكيد بأنها ستكون “عودة نهائية” هذه المرة، ومركزا لإدارة شؤون اليمن، خاصة انها جاءت بعد صدور قرار بنقل المصرف المركزي اليمني من صنعاء اليها.
لا بد ان السيد بن دغر تأثر كثيرا بتسمية حكومته بأنها “حكومة منفى” او “حكومة الرياض”، تدير شؤون اليمن من العاصمة السعودية، أي من على بعد آلاف الكيلومترات، ولذلك قرر “المغامرة” والعودة لتبديد هذه الصورة، ووضع حد للانتقادات الموجهة اليه من نسبة كبيرة من اليمنيين.
انه قرار “شجاع″ جرى اتخاذه بعد تردد، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو عما إذا كانت العاصمة الاقتصادية اليمنية آمنة بالقدر الكافي لتوفير الأجواء الملائمة، او الحد الأدنى منها، لأداء الحكومة عملها بسهولة ويسر؟
من الصعب الإجابة على هذا السؤال، فالتقارير الأمنية الواردة من عدن تتحدث عن اعمال اغتيال وتفجير تنفذها حركات إسلامية متشددة مثل “القاعدة” و”الدولة الإسلامية” استهدفت الكثير من الشخصيات والقيادات العسكرية والسياسية مثل محافظ عدن وقائد الشرطة، او مركزا لتدريب المتطوعين، مثلما حدث قبل شهر تقريبا.
النقطة الأخرى اللافتة في هذا المضمار، تزامن عودة “حكومة الرياض” مع تقارير تتحدث عن انفصال الجنوب اليمني عن الشمال كليا، وحصول اجتماعات مكثفة في عدن وخارجها، بمشاركة قيادات يمنية بارزة، من حكومة اليمن الديمقراطي سابقا، ورجال اعمال يمنيين وشخصيات خليجية واماراتية على وجه التحديد، حيث تتولى قوات الامارات مسؤولية توفير الامن في المدينة.
الهدف الأساسي من انطلاق “عاصفة الحزم” السعودية قبل 19 شهرا كان عودة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي الى العاصمة صنعاء بعد تحريرها، والقضاء على “التمرد” او “الانقلاب” الحوثي الصالحي، حسب ادبيات التحالف السعودي، ولكن يبدو ان عملية “تحرير” صنعاء ستتأخر كثيرا هذا إذا تمت في الأساس، وباتت عدن هي العاصمة البديلة او المؤقتة.
الوضع في اليمن يزداد صعوبة وتعقيدا كلما تأخرت الحلول والتسويات السياسية، واستمر القصف للمواطنين الأبرياء، سواء في “سوق الهنود” في الحديدة او مستشفى “شهار” في صعدة او العرس الشعبي في تعز.
حرب اليمن باتت الحرب المنسية بسبب انشغال العالم بالأزمة السورية، رغم انها لا تقل خطورة، فنصف الشعب اليمني ينام جائعا، حسب تقارير المنظمات الإنسانية، وعدد القتلى يقترب من العشرة آلاف، وهناك مئة الف طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، في ميناء الحديدة وحده، حيث الحصار خانق، والمستشفيات في حال انهيار كامل.
“عاصفة الحزم” جاءت لتحل مشكلة سياسية، ولم تنجح في هذه المهمة، بل خلقت مشاكل سياسية وإنسانية أكبر وأكثر خطورة، ولذلك يجب وقفها تقليصا للخسائر على الأقل، وحماية لأرواح الأبرياء على وجه الخصوص.
الشعب اليمني الذي يتعرض للعدوان مثل الجمال صبره طويل، وقدرته على التحمل بلا حدود، ولكنه معروف بانه لا يسكت على الضيّم، وسيثور لكرامته، ويأخذ حقه بيده مهما طال الزمن، وهنا تكمن الخطورة التي لا يدركها من يقومون بقصفه بطائراتهم وصواريخهم.
“راي اليوم”