رسالة للعزيز “محظوظ”

 

إب نيوز ٢٤ محرم

عبدالملك سام

عزيزي محظوظ..
لا أعرف من أين ابدأ معك الحديث، فمنذ فترة وأنا أفكر أن أكتب لك، ولكني كلما بدأت ترددت حتى لا اجرح مشاعرك، رغم أني متأكد أنك لن تبالي بما سأقوله؛ فبالك واسع كما يقال عنك، ويدك طويلة، وخيرك قليل، وشرك كثير. ورغم هذا احسست أنه من واجبي أن أقول شيئا، ربما من باب الحرص، أو من باب تمضية الوقت، أو ربما من باب “اللهم هل بلغت”، أو أي باب تريده، فالمهم أنه كلام من القلب لأجل مصلحتنا جميعا..

أنا لا أعرف لماذا يتكلم عنك الجميع بهذه الطريقة، وستجد في كلامهم مرارة لا حدود لها، وقد خطر لي أنهم جميعا قد وقعوا في شرك الإشاعات المضللة، ولكن الغريب أن الجميع مجمعين على كلام واحد! وطبعا ليس من الممكن أن يكونوا جميعا مخطئين؛ فأنا أعرف أن الله إذا أحب عبدا ألقى عليه محبة في قلوب الناس، وهذا غير حاصل معك للأسف! كما أن وظيفتك ليست من النوع الذي يمكن أن تكون سببا لكل هذا الأنزعاج والتوتر، وهي وظيفة روتينية وبسيطة لأبعد الحدود، فماذا يحدث فعلا؟!

عزيزي محظوظ.. يقال أن السبب قد يكون هو تعاملك الفظ مع الجميع، وهذا أمر لا يليق بك وأنت في مكان كان من المفترض أن يكون في خدمة الناس، فكيف يتصرف الخادم مع المخدوم؟! وفكرت أن السبب قد يكون بسبب أنك تمثل حجر عثرة لأصحاب المصالح، لكن الغريب أن منتقديك من عدة فئات مختلفة، فمنهم المصلحي والفقير والمرجف والمؤمن والسياسي والبسيط…. وغيرهم! فكيف أجمعوا جميعا على كلام واحد بأنك حجر عثرة والسلام؟!

صدقني، أنا لا أحمل لك أي مشاعر حقد أو حسد، ولست مهتما بمركزك أو عملك، وما يهمني هنا هو أن أبحث عن الحقيقة فعلا، خاصة وأنت متهم بأنك أحد أهم أسباب نقمة الناس على رجال الثورة! قد تكون هناك مبالغة ربما، ولكن ماذا فعلت أنت لتغير هذه النظرة السلبية عنك؟! ربما إهتمامي بهذا الأمر عائد لطريقة تفكيري؛ فأنا أعتقد بأني لو كنت مكانك لأنسحبت من عملي الذي أدى لوجود كل هذه العداوة والبغضاء لي ولمن أمثلهم، ولبحثت لنفسي عن عمل آخر أستطيع من خلاله أن أفعل شيئا يرضي الله وخلقه، خاصة وأن ما تفعله ليس عملا محوريا قد يؤدي إلى كارثة لو أداه غيرك، وهناك الكثيرين ممن يستطيعون إنجازه بسهولة ويسر.

لا أريد أن تغضب من كلامي، ففي الأخير هي نصيحة صديق، وتستطيع أن تتجاهلها، وتستطيع أيضا أن تفكر فيها بشكل عقلاني، فربما أنت مخطئ في كيفية أداء عملك فتعدل من تصرفك، وربما الخطأ في فهم الناس لك، وهذا يتطلب أن تكتسب مهارات في فن التعامل مع الآخرين، أو قد يكون مناسبا أن تكتسب موظفا للعلاقات العامة. المهم أنك يجب أن تفهم أن عملك أمانة ويجب أن يرضي الناس الذين تخدمهم، وليس الجميع بالطبع؛ فرضاء الناس غاية لا تدرك، ولكن لنقل معظم الناس خاصة البسطاء منهم. وإذا ما عجزت عن ذلك فصدقني: أرحل، أرحل قبل أن يجبرك على ذلك الواقع، وقبل أن يتحول غضب الناس طوفانا يجرفك، فنحن جميعا عايشنا فترة التغيرات، وعرفنا ماذا يستطيع غضب الناس أن يفعل!

عزيزي.. قل ما شئت عن كلامي هذا، فأنا والله صادق في نصحي، ولا منفعة لي من وراء كلامي سوى مصلحتنا جميعا. لست مدسوسا ولا طامعا في كسب عداوتك، وليس لي معرفة شخصية بك. أنا واحد من الناس الذين تؤرقهم هموم الحياة ومصلحة البلد.. أنا مواطن مثلك ومثل الكثيرين الذين لا يريدون سوى أن ننتصر في معركتنا اليوم ضد المحتلين والمرتزقة، وأنا واحد من ملايين لا يحلمون سوى بأن ننتصر ويصير بلدنا عظيما كما يليق به، وصالح لعيشنا نحن وأبنائنا، ونريد أن نعيش بكرامة، ودون وجود فساد، فقد تعبنا كلنا.. أليس كذلك؟! وأنت محظوظ فعلا لأن هناك الكثيرين ممن يتمنون نجاحك في عملك، وهم – لحسن الحظ – أكثر من الذين يتمنون فشلك.

*يقول النبي الأعظم محمد – صلى الله عليه وآله وسلم: “خير الناس من أمن الناس شره، ورجوا خيره”. ويقول أيضا: “ليس مني من يشق على أمتي”، ويقول الإمام علي – عليه السلام: “ما دخل اللين في شيء إلا زانه، ولا دخل الحمق في شيء إلا شانه”..

You might also like