تسليم .. ولكن بشروط !
إب نيوز ٣٠ محرم
عبدالملك سام
معنى أن مقال واحد أثار كل هذا الجدل لا يعني بالضرورة أنه أصاب كبد الحقيقة، بل قد يعني أنه أصاب كبد مشكلة أخرى فينا نحن، ألا وهي ميلنا لكثرة التنظير والأختلاف، فالموضوع كان يمكن حله بالقليل من الهدوء، والكثير من التعقل وعدم الإنجرار للإختلاف.. نحن اليوم ما نزال نتحدث مع بعضنا، فكيف سيكون حالنا غدا عندما نكون مضطرين لمواجهة “الآخرين” الأكثر حذاقة وخطرا؟! موقفنا الواحد يظهرنا أقوى، وتنازعنا سيؤدي للفشل حتما!!
أتحدى أي واحد ممن أنطلقوا للرد أن يقول بأن السيد القائد لم يبين لنا كيف نتصرف في هكذا مواقف؟! ولكن إعجاب كل واحد منا برأية جعله يقول أي كلام فقط ليثبت أنه كشف المؤامرة، وأنه لولاه لضاع الآخرون! بينما النتيجة أنه ساهم في نشر فكرة – قد تكون – خاطئة بقصد أو بدون قصد عندما جعل الذين لا يعرفون شيئا عن الموضوع يشعرون بالفضول للبحث عن سبب هذا الجدل المحتدم!
السيد القائد وضح أن التوجه القرآني في هذه الحالة وما يشبهها هو تجاهلها، وترك الأمر للذين “يستنبطونه” ليردوا عليه هم، تسليما بالآية الكريمة: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء:83).
أنا لست ضد الدكتور (علي الصنعاني)، وأعتقد أنه يعرف ذلك مسبقا، بل أنني أحسن الظن به بأن ما قاله لم يكن بقصد أثارة هذا الجدل الكبير، وربما هو شخصيا الآن يشعر بالدهشة من ردة الفعل العنيفة التي واجه الناس بها مقاله الأخير! فهو هنا لا يعبر سوى عن رأيه، بينما نحن تحاملنا عليه لأننا نعتبره واحد من الأنصار، وهو – كما أذكر – لم يدعي يوما أنه من أنصار الله، بل دائما ما يتحدث عن “الأنصار” كطرف يحترمه ويؤيد معظم مواقفه.. نقطة، وانتهينا.
لذا أعتقد أننا يجب أن نوضح فكرتنا للدكتور العزيز، فنحن نؤمن – بعد كل هذه الأعوام والتجارب – بأن السيد القائد يدرك تماما الظروف التي تحيط بنا، وأن كلامه عن النقاط التي يجب أن نركز عليها خلال المرحلة القادمة تحمل اهدافا هامة لضمان النصر، وأنه حريص جدا على كل ما يتعلق بما نواجهه واولوياتنا التي تضمن تحقيق هذه الأهداف. ولدى الأنصار ثقة راسخة لا تتزحزح فيما يخص رؤية القائد لكافة الجوانب، ولذا فمقالك دق ناقوس الخطر فيما يتعلق بثبات الجبهة الداخلية لمواجهة ما هو قادم، بل أؤكد لك أننا لا نبالي حتى لو كان ثمن هذا من دمائنا، طالما وأننا متأكدين بأن النتيجة ستكون النصر بإذن الله.
فيما يتعلق بالفساد، فنحن لا نطلب منك أن تسكت، بل أن السيد القائد نفسه قد بين لنا كيف يجب أن نتحرك في هذا الجانب، وبما يضمن عدم إستفادة المتربصين من آثار الأختلاف، وحتى لو أعتقدت أن هذه اجراءات غير مجدية، فأنا أجزم أنك لم تجربها بعد، فكيف تحكم قبل أن تجرب؟!
نظرتك، يا عزيزي، قاصرة للقائد، وأنت تعتقد أنه لا يدرك ما يجري في الساحة! ودعني أؤكد لك أن هذا غير صحيح؛ فقد كان من ضمن الإبتلاءات التي حملها القائد والثورة هي تركة كبيرة من المشاكل والكوارث التي أقترفها نظام العمالة البائد، ولعل أهمها ما نراه اليوم من أنعدام الثقة بين اليمنيين ببعضهم، وثقافة الفساد واللامبالاة والشللية والأنتهازية وقسوة القلوب ….الخ، وهي كلها مشاكل زاد من تعقيدها العدوان والحصار ومهرجان الأرتزاق الذي نعاني منه اليوم! فهل وصلت الفكرة؟!
أخيرا.. عفا الله عنا وعنكم، ولنجعل ما حدث نقطة أنطلاق نحو توجه جامع لنا جميعا، ولندرك أن نتيجة التنازع هي الفشل الحتمي، وأننا مع بعضنا كالبنيان المرصوص أقوى في مواجهة العدو المتربص بنا جميعا. وحتى أولئك الطفيليات الذين يعتقدون أن الفرصة سانحة لينهبوا ويفسدوا ولو على حساب شعبهم، فأنا أؤكد لك أنهم لن يفلحوا، فبعد النصر لنا وقفة حساب مريرة معهم، وأقسم لك أننا لن نسامحهم ولو في قرش واحد مما نهبوه، حتى لو أخفوه في امعائهم فسنخرجه منها.. والعاقبة للمتقين.
…
*يقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال: 46)