كيف تنعم بالسلام ؟!

 

إب نيوز ٣ صفر

عبدالملك سام

يظن البعض منا أنهم (مسالمين)، ولن يشتركوا في أي عمل عنيف مع أي طرف! واولا.. أنا لا أريد من أحد أن يسخر من هذه الفكرة، فمن منا لا يفكر أن يعيش بسلام؟ فيدير مشروعا، ويتزوج وينجب ويربي أطفاله في سلام؟! وعندما يموت في بيته يكون مطمئنا على أسرته، فيموت في هدوء وسكينة.. ولكن رغم أن هذه الفكرة جميلة وناعمة كبشرة طفل أوروبي (فبشرة أطفالنا أقل نعومة)، إلا أن هذا الحلم غير قابل للتحقيق، في الوقت الحالي على الأقل، وسأقول لك لماذا؟!

أولا.. لأنك في حلمك الوردي هذا قررت أن تتزوج؛ وهذا في حد ذاته مغامرة بأي هدوء وسلام قد تنشده، وأريد منك أن تفكر في الناس المتزوجين الذين حولك، فمن منهم يعيش في سلام؟! حتى لو كنت مسالما، فمن المستحيل أن تتركك زوجتك تنعم بالسلام الذي هو حق مكفول حتى لأي خروف يريد أن يأكل ويتكاثر وينام في هدوء! ولكن حتى الخروف – يا عزيزي – ستجد أن الجزارين يفضلون لحمه على لحم الشاة!!

ثانيا.. فلنفترض – وهذا مستحيل – أن زوجتك كانت من النوع الذي لا يسبب أي مشاكل مع الجيران والأهل، فأنت تعيش في مجتمع، وكما قال جان بول سارتر : “الجحيم هو الآخرون”، وأعتقد أن سارتر لم يعيش في مجتمع صاخب كمجتمعنا، ولذلك أنت ستضطر للتفاعل مع البائع الذي يغشك بسرعة لكي يلحق صلاة الجماعة، والسباك الذي يسرقك بسرعة لكي يذهب لشراء علاج والدته، والطبيب الذي يغشك بسرعة لكي يلحق أن يغش مغفل آخر غيرك! وهكذا دائرة كبيرة من المواجهات التي ستضطر لخوضها طوال حياتك، وهي بالتأكيد تعني إستحالة أن تعيش بسلام وهدوء!

ثالثا.. فلنفترض أن لك زوجة من كوكب آخر تحب السلام، وأن مجتمعنا – بمعجزة ألهية – أهتدى فجأة وصار مجتمعا مؤمنا ومتحابا وهادئا، ولكن دعني أؤكد لك بأن حلمك بالسلام لن يتحقق أيضا!! فنحن بلد غني – وأؤكد على ذلك – في منطقة تعج بالفاجرين والحاقدين، والذين يعتبرون أذنابا لدول أفجر منهم؛ لذلك فلا تتوقع أن هؤلاء يمكن أن يدعوك تعيش بسلام! ومهما حاولت أن تقنعهم بأنك مستعد لأن تمد يدك بالسلام، وأن علاقتك معهم ستكون مملؤة بالأحترام، فلن يوافقوا.. لذا سيتوجب عليك أن تتحرك وتناضل لتنعم بالسلام الذي تنشده..

قد تظن – وبعض الظن إثم كما تعلم – بأنني أقول لك أن حلمك بالسلام غير قابل للتحقق، ولكن دعني أدغدغ مشاعرك وأقول لك: لا، حلمك قد يتحقق لو فكرت بأنك يجب عليك أن تفكر بواقعية، فزوجتك تستطيع أن تجعلها مسالمة بالدبلوماسية والمحبة، ومجتمعك سيكون مسالما لو أنتشر الوعي الديني والحضاري بين أبناءه، وهذا جزء من رسالتك في الحياة.. أما عدوك – غير الشريف – الذي لا يملك منطقا، ويصر على تركيعك فلابد من تدرك أن هذا لن يتم إلا بمواجهته، وسأترك لك البحث عن أفضل طريقة لتحقيق ذلك طالما وأنت إلى الآن لم تتحرك مع أبناء وطنك للدفاع عن بلدك!

نحن رأينا نتائج الركوع والركون لوعودهم، ورأينا أنهم لا يبحثون عن “شرعية” ولا أستقرار، ورأيناهم يتسابقون لإحتلال جزرنا وموانئنا وآبار نفطنا، وسعيهم الحثيث لتقسيمنا ونشر الفتن فيما بيننا، ووجدناهم يسعون لسفك دمائنا والعبث بنسائنا وإفسادنا، ووجدناهم يسلطون علينا اللصوص والفاسدين ليحيلوا حياتنا جحيما، ويحاولون بشدة أن ينشروا الفساد والشذوذ والرذيلة بين أبنائنا، فماذا تنتظر عزيزي اليمني حتى تتحرك؟! على الأقل لو أنك كنت مضطرا للتحرك ليس من أجل نفسك، فليكن تحركك من أجل أبناءك لعلهم يحصلون على السلام الذي لم تستطع تحقيقه لنفسك!

قد لا توافقني الرأي لو قلت لك أن حالنا أفضل من اؤلئك الذين فتحوا مدنهم وقراهم للترحيب بأعداء بلدنا، ولكنك تستطيع أن تبحث بنفسك، فالمؤكد أن لك معارف او أقارب في تلك المناطق، وأسأل بنفسك لو أنك بعد كل ما حدث لم تتأكد بعد!! لا تخاف، فالحظ مع الشجعان، وأنت لديك كل الحق لتواجه كل هذا الخبث والألم الذي يحيط بك، ولذلك فالله معك ومع الذين تحركوا لمواجهة هذا العدوان المجرم.. تحرك بنفسك، وبمالك، وبقلمك؛ فقد عرفنا عبر تاريخ البشرية أن الأمم لا تحصل على السلام إلا عبر الكفاح والأصرار، لذا فتحرك.

..

*لا تظل تفكر طويلا، فيكفي ما قد فات.. سنوات وأنت قابع في تشاؤمك وترددك وأحلامك التي لم تؤدي لنتيجة.. تحرك بما تستطيع، وأنا متأكد أنك ستحقق حلمك، والغد لنا لو تحركنا.. تحرك، وكن ولو مجرد ترس صغير مع الآخرين في معركة بلدك.. تحرك.

You might also like