خريطة التزاحم في أروقة المحاكم !

 

إب نيوز ٣٠ صفر

عبدالملك سام

للمرة ال99,999,999 أسمع ذات المشكلة، لقد صارت الشكوى من القضاء وضياع الحقوق جزءا من تراثنا، حتى أننا لو سمعنا بشخص نال حقوقه بحكم من محكمة فهذا هو الأمر العجيب! وستجد الناس يتوافدون إلى منزل هذا البطل الخارق من بعد الظهر وحتى منتصف الليل مهنئين ومباركين له الإنجاز العظيم، ولخروجه من المحاكم بالسلامة وبكامل قواه العقلية!

لقد صارت القضايا في المحاكم أكثر من عدد السكان، والسبب هو أنك متى دخلت باب المحكمة مرة فهذا مؤشر أنك لابد أن تعود حتى تتعود، وعندما تموت سيرث أبنك قضاياك بالإضافة الى قضاياه، ولذلك فمن الطبيعي أن تجد شخص في المحكمة يحضر بالنيابة عن جده في قضية تخص ميراث جده من أبيه! وطبعا الورثة كلهم قد ماتوا، وحتى القاضي قد مات قبل أن يبت في القضية، ولذلك عليك أن تحتمل القاضي الجديد حتى يدرس تاريخ القضية لعدة سنوات، ويحضر الدكتوراه فيها!

ما يزيد الطين بلة هو لو قادك حظك العاثر لإحدى لجان “الإنصاف” أو “العدليات”، فهذه اللجان بجانب قلة خبرتها وعدم وضوح طريقة عملها، إلا أنها في احيان كثيرة تتحول عبئا عليك، ففي الأصل هذه اللجان تعمل بطريقة الإصلاح بين الناس، وقد حققت نتائج جيدة في البداية، ولكن مع الوقت أستطاع خبراء النصب من جر المحكمين فيها إلى طريق الهدايا ثم الإكراميات، وفيما بعد صار من الطبيعي أن يحصل هؤلاء الذي يفترض عملهم أن يكون من أعمال الخير، إلى خصوم وأصحاب نصيب فيما يردوه من مظالم للناس، ولذلك بدأوا يهملوا القضايا التي ليس فيها مردود مالي كبير، ومن ثم باتوا يحكمون للذي يدفع أكثر، وهكذا عدنا إلى النظام السابق!

أنا لست متشائما، ولكني أحاول أن أدلكم على طريق تختصر عليكم تعب القلب وألم القهر، او أن تقرروا أن تتحولوا إلى “حمامي” آخرين لتأخذوا حقكم بأيديكم! وأنا هنا لن أقدم لكم حلا سحريا، فهذا الحل غير موجود حاليا إلا في الأساطير، وفي ظل الطغمة الممسكة بالقضاء منذ عقود فمن المستبعد أن نصل لحل ولو بعد سنوات ضوئية؛ فمشاكلهم من النوع القابل للتوريث، وأبناء القضاة غالبا قضاة، وأنتم تعرفون معنى المثل القائل: “الولد سر أبيه”..

الحل يكمن اولا في أن لا تتنازل عن حقك بتاتا، ولتخفي إثباتاتك في الصندوق الأسود لليوم الأبيض، وتتعامل بسوء نية مع الجميع! أتخذ الإجراءات الممكنة قانونيا عبر النيابات والمحاكم حتى تقيم الحجة مستقبلا بالاثباتات، وإن نجوت فنم قرير العين بعدها، لأيام أو شهور أو سنين، لا تقلق من مرور الوقت فهذا الروتين في المحاكم عندنا.. لا تصدق أحدا من المتنفذين الجدد بأنه يستطيع أن يفعل شيئا لك، ولا تشتكي لغير الله، وأصبر.. ستأتي اللحظة لا محالة، فكل شيء يتغير، وأعرف شخصيا بعض هؤلاء وقد تحولوا من طواغيت وفراعنة إلى فئران مرعوبة من كل شيء!

أنت بحاجة لصحتك وعقلك، والمحاكم ولجان الإنصاف ستجعلك تخسر الأثنين، ولذلك تحرك بذكاء وهدوء، وأجعل نفسك مطلعا على كل ما يدور خلال فترة هدوءك.. صدقني، الظالم يفتقد التأييد من الله، ولذلك لابد أن يقع في يدك يوما لو تحركت بشكل صحيح، وفي أقصى وأسواء التوقعات ستصبر إلى أن تنزاح الغمة عنا، وبعد الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم، ولكل حادث حديث.. اليمني بطبعه يصبر ويصبر ويصبر، ثم تأتي مرحلة (أتق شر الحليم إذا غضب)! ولن يكتفي بأخذ حقوقه فقط صدقوني.. ودمتم عقلاء حتى ينعدل الميزان الأعوج للقضاء.

*رجو ألا يتسبب هذا المقال بإغلاق برنامجي… عفوا، قناتي… معذرة، صفحتي، كما حدث لقناة “الهوية”، فللأسف هناك من يريد منا أن نعاني، وبصمت! (هسسسس).. لو سمحت عزيزي القارئ، أحرق المقال بعد أن تقرأه!!

You might also like