في ذكرى مجزرة (سنبان).
إب نيوز ١٣ ربيع الأول
بقلم الشيخ/ عبدالمنان السنبلي.
لم يكن هنالك في الحقيقة (رافضيٌ) ولا (مجوسيٌ) ولا (انقلابيٌ) ولا أي (مسمىً) ممن يحلو لهم دائماً أن يسموهم، بل أنه لم يكن هنالك على الإطلاق أي غريبٍ واحدٍ آخر من خارج هذه المنطقة.
لم يكن هنالك أيضاً ساحة حرب أو خط مواجهة عسكرية أو معسكرات أو مخازن أسلحة أو أي شئٍ من هذا القبيل!
كأنت كأي قريةٍ من قرى اليمن يغلب على أهلها البساطة والطيبة والإرتباط بالعادات والتقاليد اليمنية الأصيلة لولا أنهم أكثر انفتاحاً على التعليم والتمدن من غيرهم قليلاً..
هنالك في مكانٍ قصي كان المنزل ذو الثلاثة الطوابق ينتصب على أقدامه وكان في هذه الساعة يعج بالإطفال والنساء ويشهد نشاطاً محموماً كأنه خلية نحل لوضع اللمسات الأخيرة لمراسيم استقبال ثلاث عرائس قادمات من مناطق مجاورة.
الثلاثة العرسان من آل (غوبة)، كلٌّ في غرفته الآن قد بدأ يُشيِّع آخر لحظات العزوبية ويستعد في نفس الوقت لاستقبال مولد فصلٍ جديدٍ ومختلفٍ من حياته .
لم يكن أحدٌ منهم يعلم أن هنالك من لا يَسُرَّه أن يرى مثل هكذا مظاهر فرحةٍ على هذه الارض قد بدأ يترصد ويرقب من بعيد من فوق السحاب.
وجاءت اللحظة التي بدأت فيها مواكب العرائس الثلاث بالوصول واحداً بعد آخر وكانت إحدى السيارات الواصلات يقودها صديق طفولتي (عمار) وتقل على متنها أمي (خُضرة) وأمي (خديجة) التي قد طالما ألفت حديثها وصوتها الدافئ الحنون وكذلك أحفادها (ثريا) و(ريهام) و(عفاف) و(هشام).
أما صديقي الأسد (عم إحدى العرائس) ولأنه لم يجد له متسعاً في هذه السيارة فقد آثر البقاء وتخلف عن الركب والمجئ!
وبدأت النساء الوافدات والأطفال بالدخول إلى ذلك البيت بمعية العرائس وبقي الرجال خارجاً وما إن امتلأ البيت بالعدد من النساء والأطفال الذي يطمئن له المجرم السفاح عند ارتكابه مثل هكذا جرائم حتى أطلق لنفسه ولطائراته العنان وأجهز في لمح البصر بصاروخٍ متفجر يزن 500 كيلو جرام على ذلك البيت بكل من فيه!
يا للهول!
الأشلاء والشظايا أخذت تتطاير في كل مكان حتى لم يسلم منها الواقفون غير بعيد خارجاً من الرجال، فنال صديقي (عمار) وابنه (هشام) نصيبه من تلكم الشظايا شظيةً أو اثنتين أوقعتهما جريحين وأفقدتهما الوعي والذي لم يستعيداه إلا في احدى مستشفيات ذمار!
أما أمي (خديجة) وأمي (خُضرة) ومعهن الفتيات (عفاف) و(ثريا) و(ريهام) فقد سقطن جميعاً شهيدات إسوةً بمعظم من كانوا في ذلك المنزل من النساء والأطفال مع أربعة من العرسان والعرائس الذين كانوا داخل المنزل لحظتها.
هكذا وبضغطة زر حول ذلك المجرم السفاح فرح منطقةٍ كاملةٍ إلى مأتمٍ..
وأي مأتم ؟!
هو ذات المجرم الذي استهدف من قبل صالات أفراحٍ وعزاءٍ مماثلةٍ في (حجة) و(الجوف) و(مستبأ)، وهو ذاته أيضاً من استهدف لاحقاً (الصالة الكبرى) وهو كذلك من ظل ومازال يستهدف وطناً وشعباً بأكمله منذ أكثر من سبع سنواتٍ..!
ثم يأتي بعد ذلك من يقول لك مفاخراً وهو عندهم أصغر الصاغرين :
شكراً سلمان، شكراً إمارات الخير!
صحيح اللي اختشوا ماتوا!
على أية حال،
الرحمة والخلود لجميع شهداء مجزرة (سنبان) وهي كذلك بالطبع لكل شهداء اليمن الأبرار..
الشفاء لجميع الجرحى..
وعاشت اليمن حرة عزيزة مستقلة،
ولا نامت أعين الجبناء .
#معركة_القواصم