من يقتل أطفالنا ؟!
إب نيوز ١٩ ربيع الأول
عبدالملك سام
ليس الموضوع بعادي، ولا العدد قليل، ولا الحادثة “قضاء وقدر” والسلام!! هؤلاء أطفال يمنيون، وقتلوا غيلة بأيدي مهربين قذرين، وبمساعدة أجهزة رقابة كان من المفترض أن توقف هذه الأدوية قبل أن تدخل الأسواق، وهناك تواطئ من أجهزة رقابية أخرى لا تقوم بواجبها، وسمحت لهذه الأدوية بأن تصل إلى المريض الذي كان يعتقد أنه بين أهله وناسه، وتناول هذا العلاج وهو آمن وممتن ممن مد له يده بدواء يخفف آلامه!
بيان وزارة الصحة كان صادقا في جزء منه، والمعتدون يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية كونهم حاصروا حتى وصول الدواء لنا، وهؤلاء الأطفال المظلومين يجب أن يضافوا إلى قائمة الحساب بيننا وبين دول العدوان، ولكن..
نحن أيضا يجب أن نحاسب كل من له ضلع في المسألة، وليس من المقبول أن نعفي أي شخص متورط في الموضوع، سواء كان قاصدا أم مهملا. وسواء كان مجرد موظف أو وزير، وأني لأشفق فعلا على وزير الصحة الطيب المخلص، فقد تحمل أسوأ ملف خدمي في البلد، وفي أصعب الظروف.
من المؤسف أننا سنضطر مجددا للأعتماد على القضاء، وهذه القضية لن تؤخذ بجدية كونها لا تتعلق بالأموال، وسيتم البت فيها (كيفما قسم)، وهذا الموضوع يجب أن يأخذ حقه من الإهتمام حتى لا يتكرر، رغم أني أؤكد لكم أن هناك أخطاء وجرائم فضيعة تحدث كل يوم دون أن تنال أي أهتمام، ولولا عدد الضحايا هذه المرة لما لقي الخبر كل هذه التغطية والإهتمام.
هناك مقولة رائعة لتوني موريسون تقول: “تحتاج إلى قرية كاملة لتربية طفل”، بمعنى أنه لكي تربي طفلك فإن البيت وحده لا يكفي، فالمجتمع من حولنا – شئنا أم أبينا – يؤثر في تركيبتنا النفسية وقيمنا الأخلاقية، فما بالكم بالأمان؟!
لقد دفع هؤلاء الأطفال ثمن فسادنا وتواطئنا، فنحن ربينا ذلك المجرم الذي قام بإستيراد هذا الدواء، ومن قام بالموافقة على أدخاله، ومن نقل، ومن باع، ومن أهمل، ومن سكت.. كلهم قتلوا هؤلاء الأطفال، ونحن المسؤولين أيضا عن محاسبة كل شخص او جهة لها أرتباط بهذه الجريمة، ونحن مسؤولين أيضا عن تربية أبنائنا حتى لا يكونوا مثلنا، وحتى لا يدفعوا ثمن فسادنا قبل أن يكبروا حتى!
باسم كل يمني، نتقدم بالتعازي الحارة لأسر الأطفال الشهداء، ونقسم لكم أننا نشارككم أحزانكم، وبأن قلوبنا مليئة بالحزن على هؤلاء الأبرياء. كما نشد على يد وزير الصحة والنائب العام بأن يتخذوا كل ما يمكن من إجراءات حتى نضمن أن يحصل أسر الأطفال على حقهم، وأن يتم ضمان عدم تكرار ما حصل، ودراسة الأرقام والاحصائيات لأكتشاف مواطن الخلل والإهمال، ومعالجتها بعون الله.. وإنا لله، وإنا إليه راجعون.
…
* نصيحة للأخ الوزير او لأي مسئول.. قم بالتنكر، وجرب أن تدخل مستشفى ما لكي تتعالج مثل أي مواطن عادي، وخاصة قسم الطوارئ في أكبر مستشفى لدينا، فماذا ستجد؟! لا يوجد نقص في الكوادر ولا الإمكانيات بقدر ما ستجد من نقص الإنسانية! صدقني أني أدعو الله ليل نهار أن يبعدني عن المستشفيات والمحاكم في بلادنا..