الرياض تستنفر دبلوماسيتها لإنقاذ طائف إمتيازاتها بعد الدعوة لعشاء السفارة السويسرية،
كَتَبَ إسماعيل النجار
عندما تسمع بدعوة عشاء على طاولة مستطيلة في سفارة أوروبية في لبنان في هذا الظرف القاهر الذي يقف فيه وطن الأرز على أبواب إستحقاقاتٍ دستورية بالغة الأهمية،
يتماهىَ إلى فِكرَكَ ويلفت إنتباهكَ أمرين مهمين أحدهما أميركي والآخر سعودي يُصرفان في لبنان،
الأمر الأَول: الإنتخابات النصفية الأميركية القادمة التي يُحضِر لها الجمهوريون والديمقراطيون وموقف بن سلمان ضد سياسة بايدن ورفض طلبه بإبقاء سقف الإنتاج النفطي العالي في أوبك كما هو، وإتخاذ قرار بتخفيض الإنتاج إلى ما يزيد عن مليونَي برميل يومياً، الأمر الذي أعتبرته الإدارة الأميركية الحالية أنه إعلان موقف سياسي سعودي ضدها يتماهىَ مع ما يريدهُ ويتمناه خصومهم الجمهوريون لتسجيل نقاط لصالحهم،
والأمر الثاني : هوَ وقوف الإدارة الأميركية خلف عشاء السفارة السويسرية كرسالة خطيرة للمملكة بأخذ لبنان نحو مؤتمر تأسيسي جديد يقلب الطاولة على الطائف ويُنهي عقود ثلاث من الهيمنة السعودية على القرار السياسي في لبنان،
من هنا كانَ تحرُّك سفير المملكة السيد البُخاري في بيروت بإتجاه الرئاسات الثلاث، وتشكيلَهُ ضغوطاً على أفرقاء سياسيين لبنانيبن تابعين لسياسات الرياض، فأول مَن بادرَ إلى الإعتذار كانت القوات اللبنانية، وتبعها النائب السُني وضَّاح صادق وتوالت البيانات التي ترفض طاولة العشاء في السفارة،
ونُشِر بيان مدعوم من السفارة السعودية في بيروت بإسم العشائر العربية يرفض المشاركة في أي عشاء أو إجتماع في أي مكان قد يأخذ لبنان إلى مؤتمر تأسيسي جديد يطيح بأزلام النظام وأمتيازات الطائفة السُنِّية وضرب الهيمنة السعودية ما يؤكد إصرار المملكة إنهاء دور تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري واستبداله بما سُمِّيوا العشائر العربية،
إذاً هي حربٌ خفيه من خلف الكواليس تجري بين الرياض والديمقراطيين الحاكمين في البيت الأبيض مسرحها السياسي لبنان على أبواب إستحقاقات غاية في الأهمية،
في بيروت فريقٌ آخر إعتبرَ إنَّ الدعوة إلى العشاء وُلِدَت مَيِّتَة،
وخصوصاً أن بعض الأطراف السياسيين يقرأون بين السطور جيداً، وبكل تأكيد أنهم لَن يُلبوا دعوة إلى العشاء أو طاولة حوار أينما كانت في حال تأكدَ وقوف واشنطن خلفها حتى ولو كانت بإسماء وعناوين سويسرية، وأنَّ فريق ٨ آذار وعلى رأسهم حزب الله دائماً ما كانوا ينادون بالحوار ومنفتحون على الجميع وأيديهم ممدودة،
أما أن تُلَبَّىَ الدعوة إلى حوار ترعاه جهات محايدَة وموثوقة لا يوجد يَد لأميركا فيها ولا تكون موجهة لإستهداف أي فئة من فئات الشعب اللبناني،
الذي يحصل اليوم يؤكد أن لبنان لا زال أرضاً خصبَة لعمليات تصفية الحسابات السياسية الدولية على مسرحِهِ وأن إستخدام أميركا والسعودية الأفرقاء اللبنانيين كأدوات ضرب وضغط بين بعضهم البعض لرفع جهة على حساب أخرىَ وضرب فئة بفئة دون أخذ مصالح الوطن الأم كأولوية هي مصيبة قد تصيب لبنان بمقتل،
اللهُمَّ إهدي قومي فإنهم لا يعلمون إلى أي وادي عميق ذاهبون،
بيروت في…
19/10/2022