أزمة الضمير وسوء المصير
إب نيوز ١٨ ربيع الثاني
عبدالملك سام
من المسلم به أن العقول متشابهة فسيولوجيا، إلا في حالات خاصة طبعا.. ولكن القدرة على إستخدام العقول تختلف من شخص لآخر بحسب البيئة وظروف أخرى. لكن الغريب أن نجد أن أكثر الناس لا يعقلون!
قوى العدوان والشر تشتغل على هذا الجزء لتسقط الناس في مستنقع العمالة، وهي تستغل نقطة عدم إستغلال البعض لعقولهم لتقدم لهم فائدة بسيطة قريبة مقابل التخلي عن فائدة أكبر وأهم، ولكنها تحتاج لوقت وجهد للحصول عليها.
مثلا، فإن تلك الأموال التي تدفع لبعض المرتزقة المحليين، هي في الأساس جزء من ثروات بلدهم، أي أنها من حقوقهم لأنهم مواطنين في بلدهم! ولكن بسبب عدم قدرتهم على التفكير المنطقي تجعلهم يتناسون ذلك، ويتعاملون مع دول الإحتلال على أن ما يحصلون عليه هبة من هذه الدول، ولأجل الحصول على تلك الأموال يتصرفون بشكل مخل بالأخلاق والكرامة، وهو ما يجعلهم حقراء في نظر انفسهم ونظر من يشغلهم!
ويتمادى الكثير منهم عندما يتصرفون بالمزيد من الحقارة طمعا في المزيد، مع أن المفترض عليهم أن يتصرفوا بشكل مغاير تماما؛ لأن هذه الأموال التي يحصلون عليها هي من ثروات بلدهم، وعلى حساب شعبهم!
سموها عدم توفيق إلهي، أو غباء مرضي، أو لأي سبب آخر. المهم أن هؤلاء غالبا يدفعون ثمن غبائهم سريعا، وقد شاهدنا كيف تم التخلص من غالبيتهم خلال سنوات العدوان، فمنهم من تم قتله، ومنهم من نهبت أمواله، ومنهم من سجن، ومنهم من فر! فالقاعدة الأساسية هي إن الله لا يصلح عمل المفسدين.
المنطق كان يحتم على هؤلاء أن يفكروا ببناء بلدهم، وعندها كان ما سيحصلون عليه أضعاف ما اخذوه على حساب دينهم وأخلاقهم وكرامتهم. كان يتحتم عليهم أن يتعظوا من التاريخ الذي بين نتائج الخيانة والعمالة، أو على الأقل أن يتعظوا من أقرانهم الذين تم التخلص منهم من قبل الذين خانوا بلدهم وشعبهم من أجلهم!
حتى مبرر أنهم يكرهون توجه بعض أبناء بلدهم، كأنصار الله وغيرهم من القوى الوطنية، غير منطقي؛ فقد كان بإمكانهم أن يقدموا مشروعا آخر يحقق النهضة لبلدهم وشعبهم، دون السقوط في مستنقع العمالة والتبعية. عندها كانوا سيجدون حالهم أفضل مما هم عليه من الذل والخزي، وكانوا سيجدون من يقف معهم من أبناء جلدتهم.. اليس كذلك؟!
قد يحصل الواحد منا على أموال من المحتل، ولكنها تبقى أموالا حرام تذهب بصاحبها إلى أسواء مصير في الدنيا قبل الآخرة، بالإضافة أن جهد الحصول عليها يكون باهظا جدا، فتضطر لأن تكذب وتدلس وتقلق وتقاتل وتحتمل شتى أنواع الهوان لتحقيق ما ترجوه من مال وسلطة، وفي الأخير تجد كل ما حصلت عليه هو السراب لا غير! وكما يقال: “من ضاق عليه الحق، كان الباطل عليه أضيق”!
…
*أما آن الآوان للمرتزقة أن يرجعوا عما هم فيه؛ فهوانهم يحزننا، وما كان يجدر باليمني أن يكون مجرد “غلام” لدى أنظمة الهوان الخليجية، فهم مهانون لدى أهون وأحقر الأنظمة في العالم! هل حق القول على المرتزقة فلم يستطيعوا أن يتعظوا بما جرى ويجري للبعض منهم من قتل وإذلال وملاحقة وحبس ودوس بالأقدام؟!