قللك (هاي، باي).. قال.

 

إب نيوز ١٩ ربيع الثاني

بقلم الشيخ /عبدالمنان السنبلي.

أعتقد أننا أخطأنا كثيراً عندما قررنا يوماً التحول المفاجئ من حقبة الإعلام الموجه الذي كانت تديره الدولة إلى عصر السماوات المفتوحة والبث الفضائي وصولاً اليوم إلى عصر الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعية المختلفة!
ذلك أننا كمجتمعاتٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ قد أسأنا استغلال هذا التحول وهذا الإنتقال ولم نحسن استخدامه كما يجب.
علينا اليوم أن نعترف بهذا.
على الأقل في حقبة الإعلام الموجه كان الناس ملزمون بمتابعة نفس المواد والبرامج التلفزيونية والإذاعية المتنوعة والخاضعة للرقابة والتي كانت تُبث بحسب الخارطة البرامجية المعدةلذلك، الأمر الذي أسهم في تشكل ثقافة دينية واجتماعية ووطنية وسياسية واحدة لدى عامة الناس تقريباً.
أما اليوم وفي عصر السماوات المفتوحة وعوالم الإنترنت اللامحدودة فقد أصبح الأمر بالنسبة للناس اختيارياً وغير متحكم به الأمر الذي جعل معظم الناس يقبلون بشراهة ويحرصون على متابعة قنواتٍ وبرامج ومحتوياتٍ ومواد هابطة وتافهة ورخيصة لم يكونوا يعتادونها أو يألفونها من قبل.
اخبروني،
والسؤال هنا موجهٌ لكل فردٍ منكم على حده،
متى آخر مرة شاهدت أو تابعت مسلسلاً أو فيلماً إسلامياً مثلاً أو حلقةً ثقافيةً أو معلوماتية؟
متى آخر مرة شاهدت برنامجاً هادفاً؟
أؤكد لكم أن لا أحد يتذكر!
فالكل مقبلٌ على مشاهدة ومتابعة أرخص الأشياء وأتفهها وأكثرها انحطاطاً إلا ما رحم ربي!
لقد وصل بنا الحال للأسف الشديد إلى الدرجة التي نرى فيها برنامجاً هادفاً وغنياً بالمعلومات وثرياً بالمعرفة كبرنامج (العلم والإيمان) لمصطفى محمود مثلاً لا يحصد سوى بضع آلاف من المشاهدة والمتابعة بينما نرى برنامجاً تافهاً ورخيصاً كبرنامج (آرب آيدول) أو (ستار أكاديمي) يحصد عشرات الملايين من المشاهدة والمتابعة!
والسبب ماذا؟!
أن كل شيءٍ قد أصبح اليوم في متناول الجميع، الغث منه والسمين!
حتى على مستوى حلقات ومسلسلات الأطفال!
كانت أطول فترة برامجية للأطفال في زمن الإعلام الموجه لا تتجاوز النصف ساعة يومياً يعرض خلالها حلقة أو حلقتين يتم إنتاجهن بعناية وبما يراعي خصوصيتنا وهويتنا وثقافتنا العربية والإسلامية الأصيلة.
أما اليوم فقنواتٌ تبث على مدار الساعة حلقات أطفال متتالية لا نعرف لها غايةً ولا هدفاً ولا مصدر تجبر الأطفال على التسمر أمام الشاشات والبقاء طويلاً لمتابعتها وتقمص شخصياتها الغريبة والبعيدة عن ثقافتنا وهويتنا العربية والإسلامية.
لا.. والمصيبة الكبرى أن كل هذا يحدث بأيادٍ وعقولٍ وأموالٍ عربية وإسلامية!
والنتيجة ماذا؟!
هذا الإنهيار المتسارع الرهيب والفضيع في القيم والأخلاق وفي كل انماط وسلوكيات الحياة الإجتماعية المثلى!
يكفي أن تحيتنا اليوم لم يعد فيها (سلام)!
فقد أصبحت لدى الكثيرين تتلخص فقط في كلمتين : (هاي وباي)!
وقس على ذلك الكثير من العبارات والألفاظ والسلوكيات التي صرنا نتداولها ونمارسها يومياً والتي لا تنم إلا عن انسلاخٍ واضحٍ وفاضحٍ عن قيمنا وثقافتنا وهويتنا العربية والإسلامية.
فمن المسئول عن كل هذا التدمير والهدم القيمي والاخلاقي اللامسئول؟
وما الذي يعيب أصلاً في هويتنا وثقافتنا وخصوصيتنا العربية والإسلامية حتى نمعن في حربها والتنصل منها؟
ومن المستفيد من وراء كل هذا؟
أسئلةٌ كثيرة وكثيرة مطروحة على طاولة كل عربي ومسلم لايزال يحلم بهوية إيمانية سليمة!
قللك (هاي، باي).. قال.

#معركة_القواصم

You might also like