مدونة السلوك الوظيفي .. أداة إصلاح أم صك عبودية ؟!
إب نيوز ٢٤ ربيع الثاني
عبدالملك سام
من جديد لم يتوانى أبواق العدوان من الهجوم على أي تحرك لإصلاح الأوضاع في مؤسسات الدولة، ولم يتوانى أيضا الكثير منا عن ترديد ما يقال دون وعي أو تيقن مما سمعوه، رغم أن الأمر بغاية البساطة ولن يأخذ وقتا طويلا للتأكد من صحة ما يقال، بدل أن نجد البعض ينتقد الموضوع بحماس قل نظيره عن موضوع لم يقرأ عنه سطرا واحدا!
وصلتني المدونة قبل أيام، وقد طلب مني من أرسلها أن أعلق عليها، ولكني كنت مشغولا بمواضيع أخرى، ولم أرد في حينه. تفاجأت في اليوم التالي بالهجوم الشرس من قبل بعض الزملاء، وللأمانة أني توجست خيفة بعد أن رأيت البعض وهو ينتقدها بحدة حتى أنتفخت أوداجه والشرر يتطاير من مقلتيه، واصفا المدونة بأنها صك عبودية وأداة شريرة لتدمير حياة الموظفين المساكين، حتى ظننت أنني أمام كتاب سيء السمعة يضاهي كتاب (مطرقة الساحرات) في عصور الظلام!!
مع ردة فعل كهذه لم أجد بدا من قراءة المدونة، فشربت خمسة أكواب شاي في مكتبي، وعدلت من طريقة جلوسي، وأستعذت بالله عشر مرات إحتياطا، وفتحت هاتفي الجوال بيد مرتعشة، وبدأت أقرأ…
أنا لا أريد أن أفرض رأيي على أحد، ولكن من حقي كمواطن يمني وموظف حكومي أن اقول رأيي دون قمع وبحرية تامة. ولكن منذ بدأت القراءة وحتى آخر صفحة في المدونة وأنا أبحث عما قيل عنها من تعابير، وتفاجأت أنني وصلت إلى نهايتها دون أن أصل إلى ما أبحث عنه! عندها أحسست أن هناك خطأ، وبدأت أهز الهاتف ظنا مني أن هناك عيب فيه، وأتصلت بصديق لي لأتيقن من المدونة فأكد لي أنها بالفعل 35 صفحة لا غير!!
قرأت المدونة مجددا لعلي أغفلت صفحات منها، وتذكرت النقد اللاذع المتشنج الذي سمعته، وأدركت أن مشكلة المدونة الوحيدة هي أن منتقديها لم يقرأوا حرفا مما جاء فيها، بل قاموا بنقل ما وصلهم بطريقة النسخ واللصق المعتادة!
المدونة – برأيي – تتحدث عن حلم جميل يناقض تماما ما نراه في المؤسسات والوحدات الحكومية، وهي توضح ما يجب أن تكون عليه هذه المؤسسات في دول متقدمة وليس عندنا، وتتكلم عن علاقات بين الموظف والمواطن، وبين الموظف ورئيسه في العمل، وبين الموظف وزملاءه وكأنها تتحدث عن مجتمع راق ومتوائم، وهي بذلك أسست لتحقيق منجز ثقافي عظيم لم تستطع الكثير من العقول المتحجرة أن تستوعبه.
لن أطيل عليك عزيزي بسرد رأيي، ولكني أنصحك بأن تقرأ قبل أن تبدي رأيا، فلو كانت المدونة هذه تقر باطلا، أو سيئة كما قيل عنها لما وجدنا أدوات العدوان تصفق لهذا الجدل المحتدم. وربما أن ما ساء البعض فيها أنها جائت لتفضح واقعهم الفاسد وغير السوي فيما جاء فيها وأكدت عليه بالآيات والأحاديث النبوية التي تؤكد ما كان يجب أن نكون عليه، وهذا ما دفعهم للهجوم على كل من طلب من الناس أن يقرأوها، فالجهل عدو غاشم.
ختاما، أرى أن موضوع التطبيق يحتاج دقة وتأني في طرق التطبيق والتقييم التي وردت في المدونة؛ فرغم وضوحها إلا أن الفاسدين لطالما أدهشونا بطرقهم الإحتيالية في تفسير وتحريف أي توجيه لخدمتهم، وهذه المدونة لو تم تطبيقها وفق الأهداف التي وضعت لأجلها لكانت برأيي من أعظم ما يمكن أن تنجزه حكومتنا الموقرة.