أهدافُ الضجيج المضاد
إب نيوز ٢٧ ربيع الثاني
يحيى المحطوري
ليس موضوعُ المدوّنة السلوكية هو الأخير، ولم يكن الأولَ من المواضيع التي حظيت بموجة هائلة من الضجيج على مواقع التواصل الاجتماعي.
ليس الأمر صدفة بالتأكيد، ولكن يختلفُ الكثيرُ حول أهداف وأسباب هذا الضجيج والتعاطي غير الطبيعي مع هذه المواضيع صغرت أَو كبرت بالشكل الذي يفوق حجمها وأثرها الحقيقي على أرض الواقع.
إلا أن هناك أهدافاً أَسَاسية لتحريكِ هذه الموجات من ردود الأفعال السلبية أَو الإيجابية يسعى العدوّ إلى تحقيقها وإلى توظيف كُـلّ ضجة لخدمتها.
من هذه الأهداف إغراقُ الناس في التفكير الدائم في التفاصيل الداخلية البسيطة والعادية، وذلك لنسيان القضايا الكبرى التي بات اليمنُ لاعبًا أَسَاسيًّا فيها إقليميًّا ودوليًّا.
ومنها تركيزُ أنظار الناس إلى السلبيات في كُـلّ شيء، وتشتيتها عن كُـلّ الإيجابيات مهما عظمت.
ومنها ضربُ ثقة الناس في كُـلّ عمل تقوم به الدولة.
ومنها إرهاب إعلامي وسياسي لصناع القرار لحشرهم في زاوية التردّد عن أي عمل في إصلاح مؤسّسات الدولة ووضعهم في حالة من الاضطراب والإرباك.
ومنها أَيْـضاً، تجريم القيام بأية خطوات حقيقية وفعلية لإصلاح مؤسّسات الدولة.
ومن أبرز الأسباب التي تؤجِّجُ الضجيجَ وتعطيه صدى أكبر من حجمه وجود أخطاء حقيقية وإساءَات فعلية على أرض الواقع من بعض القائمين والمكلفين بالأعمال الرسمية وتأخر الإنصاف فيها.
وكذلك أن الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يأمنون جانب قادة أنصار الله.. ويعرفون أنهم لن يبسطوا إليهم يد البطش والتنكيل مقابل إساءَاتهم إليهم.
وأيضاً الانجرار وراء بعض الأصوات في تشويه مصطلح (أولوية مواجهة العدوان)، على الرغم أنها القضية الرئيسية والأولوية الأولى للقيادة، والتي بنيت عليها تفاصيل المشهد السياسي والحكومي الحالي، ابتداء من المجلس السياسي الأعلى وُصُـولاً إلى وضع السلطة المحلية في عزل وقرى المديريات، وكل قرارات الدولة مبنية على أَسَاس أولوية مواجهة العدوان.
ورغم تركيز العدوّ الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي وبذله جهوداً كبيرة في توجيهها ضد كُـلّ الأطراف الوطنية والشخصيات والرموز التي تتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن اليمن، إلا أنه يمكنُ إفشالُ أهداف الضجيج المفتعل في كُـلّ مرة عبر التركيز على النقاط التالية:
أولاً: معالجة الأخطاء الحقيقية التي تحصل، ومعالجة آثارها والاعتراف بها بشجاعة، وهذا لا يعتبر عيباً أبداً، بل شرفٌ وكرامة لكل من يقوم بذلك.
ثانياً: طرح القضايا بكل قوة وثقة وعدم الانجرار وراء المهاترات التي لا جدوى منها.
ثالثاً: الزخم الإعلامي الواعي والمدروس المرافق لكل خطوات الإصلاح والبناء في مؤسّسات الدولة.
رابعاً: إصدار الردود والتوضيحات اللازمة في القضايا التي تحتاج إلى ردود وبما يناسب.
خامساً: تفادي أبواق الدفاع التي تسيء إلى القضايا أكثر مما تفيدها، وذلك بالردود المغلوطة والمسيئة التي تعجز عن الرد على الشبه المطروحة وتفشل في تفنيدها.
سادساً: التواصل مع أصحاب النقد البناء والنصائح الصادقة والتوضيح لهم والاستماع منهم بعيدًا عن وسائل الإعلام، وحتما أن كُـلّ مسؤول بحاجة إلى ذلك.
سابعاً: مقاطعة وحظر أصحاب الأسماء المزيفة والمستعارة الذين لا يتحدثون عن الخارج إطلاقا، ويركزون نشاطهم على الحديث عن الأنصار وعلى الشخصيات المؤثرة فيهم، ولا يتحدثون عن المهملين والمقصرين نهائيًّا، كما أنهم لا يتحدثون عن الجهات والوزارات والمؤسّسات التي يتولى قيادتها أطرافٌ سياسيةٌ أُخرى ولا يتابعون ما يحصل فيها أصلاً.
وفي الختام، نود التنبيه على أننا لا نخافُ وسائلَ التواصل الاجتماعي، بل نحترمُ رأيَ الناس فيها بشكل كبير من واقع الشعور بالمسؤولية في التوضيح والتبيين لا من واقع الحرص على السمعة والمناصب والشهرة أَو الجاه أَو الموقع الإداري
كما أننا حريصون على من نعتبرهم شركاء في الوطن ممن شاركوا في قتال أعدائه وصمدوا في مواجهة عدوانهم، أما من باعوه بثمن بخس فعليهم أن يبحثوا عن حقوقهم ممن اشترى منهم العظيم الباقي والدائم، بالقليل الهزيل الزائل.
واللهُ المستعان.