ليته كان.. وكان.. وكان…!
إب نيوز ٩ شعبان
بقلم الشيخ /عبدالمنان السنبلي.
أقولها وبكل صراحة:
ليت الفساد في اليمن كان (غُولاً) متغولاً!
ليته كان (مصيبةً) أو (كارثةً) أو (نازلةً) نزلت علينا!
ليته كان (طوفاناً) داهمنا أو (زلزالاً) وقع بنا أو حتى (قنبلةً نوويةً) سقطت علينا!
ليته كان كذلك…
على الأقل كنا قد واجهناه وتدبرنا أمره من بدري، وكما يجب، وانتهى الأمر!
لكنه أصبح (ثقافةً)، ثقافةً نشأت وترسخت بأثرٍ تراكميٍ في أوساطنا، فلا يكاد يبارحنا أو نبارحه!
هل تعلمون ماذا يعني ثقافة؟
يعني أنه أصبح طقساً يُمارس بصورة اعتيادية وطبيعية مثله مثل أي طقسٍ يُمارس من الطقوس الإجتماعية المعروفة والمألوفة الأخرى!
خذوا عندكم ثقافة القات مثلاً…
هل يستطيع أحدٌ اليوم أن يجبر الناس مثلاً على عدم زراعة القات بدعوى أنه قد يضر بالأرض مثلاً أو يستنزف المياه الجوفية أو يصيب الإقتصاد الوطني في مقتل أو…؟!
هل يستطيع قرارٌ جمهوري أو عشرة أو حتى مائة أن يمنع بيعه أو يحد من تداوله أو الإتجار به بدعوى أنه يضر بالصحة مثلاً أو يستنزف الوقت أو…؟
هل تستطيع (فتوى) شرعية أن تمنع الناس من تعاطيه أو تناوله بدعوى الإسراف أو التبذير أو…؟!
قطعاً لا.. وألف لا…!
لا يستطيع أحدٌ في الحقيقة القيام بذلك لسببٍ بسيط جداً هو أن زراعة وتداول وتعاطي القات في اليمن أصبحت ثقافة متفشية وسائدة في أوساط المجتمع اليمني ومرتبطه ارتباطاً وثيقاً به وبعاداتٍ وتقاليدٍ وطقوسٍ يصعب معها إقناع الناس أو إرغامهم على التخلي عن ممارستها أو الإقلاع عنها لبرهة!
ثقافة التدخين أيضا، نلاحظ أن جميع التحذيرات الطبية والصحية والإجتماعية وكل فتاوى المنع والتحريم ذات الصلة، لم تفلح قط في اقناع الناس أو ثنيهم ولو لمرة واحدة عن ممارسة عادة التدخين هذه أو تعاطي السيجار!
لماذا؟!
ذلك أن التدخين وتعاطي السيجار ببساطة شديدة قد أصبح ثقافة سائدة ومتفشية أيضاً!
وقس على ذلك طبعاً في بقية العادات والطقوس والممارسات الإجتماعية الأخرى!
كذلك الفساد بالضبط وقد تطور وأصبح ثقافة،
فإنه ينطبق عليه ما قد ينطبق على ثقافة القات أو التدخين أو أي عاداتٍ أو طقوسٍ تمارس أخرى!
وهنا تكمن المشكلة!
فالثقافات السلبية -وكما تعلمون- لا تواجه بقرارٍ جمهوري مثلاً أو مرسوم ملكي أو تعديلٍ وزاري أو تدويرٍ وظيفيٍ أو أي شيءٍ من هذا القبيل حتى يتسنى محوها أو القضاء عليها…
الثقافات في الحقيقة لا تواجه إلا بخلق وإشاعة ثقافاتٍ إيجابية مضادة جديدةٍ قادرةٍ على النمو والتطور وقابلة للحياة والبقاء والديمومة!
وهذا بالطبع لا يمكن أن يتأتى لنا في زمنٍ قياسيٍ، وإنما يحتاج وقتاً طويلاً جداً قد يصل أحياناً وفي بعض الحالات إلى قرونٍ طويلة وليس فقط إلى مجرد عقودٍ أو سنوات!
فصراع(الثقافات) أو تصادمها هو من أطول الصراعات على الحسم، إن لم يكن في اعتقادي هو الأطول على الإطلاق!
يكفي أن نعرف أن الإسلام في مواجهته مع ثقافة (الرِّق) و(العبودية) لوحدها فقط قد استغرق من الوقت ما يقارب ثلاثة عشر قرناً أو يزيد حتى تسنى له الإطاحة بها والقضاء عليها!
وعليه،
كم من الوقت، برأيكم، قد نحتاجه اليوم هنا في اليمن لو قررنا مثلاً المواجهة مع ثقافة الفساد حتى يتسنى لنا في الأخير الإطاحة بها والقضاء عليها؟!
الله وحده بصراحة يعلم!
#معركة_القواصم