لا تستعجلوا الفشل!

 

إب نيوز ١٤ شعبان

عبدالملك سام

لا يستطيع القائد أو الحاكم أن يغير شيئا في حال ظلت عقلية الناس مشبعة بثقافة جاهلية دون أن يكون هناك رغبة للتغيير، فلابد أن نصلح من أنفسنا اولا، والنهوض الذي حدث في أمم أخرى لم يأتي من القيادة فقط، بل كان هناك توجه شعبي من الناس لإحداث التغيير بعد أن ملوا الوضعية المؤسفة التي هم عليها.

عندما أجبر إمبراطور اليابان على الإستسلام، وأضطر للإنحناء أمام قائد عسكري أمريكي، خرج الشعب الياباني يومها بأكمله وهم يجهشون بالبكاء من مرارة الذل، وهذا المشهد ظل يحير الكثير من المراقبين يومها، ولكن هناك من أدرك أن هذا الموقف ذو معنى كبير، وقد أثبتت الأيام صحة هذا الأمر.

أمم عدة جاء فيها قادة جيدون، ولكن تم قتلهم أو نفيهم أو تعذيبهم وملاحقتهم، ولم يحدث أن قام فرد بتغيير مجموعة وهم كارهون لهذا التغيير؛ وحتى الأنبياء (ص) كانوا يصلون إلى حد معين ثم يجبرون على المغادرة ويتم إهلاك أممهم التي رفضت أن ترتقي، فهل بعد الحق إلا الباطل؟! والأمم التي مات ضميرها من المستحيل تغييرها.

حتى لو كانت هذه الأمم تمتلك نهجا قويا وعظيما، فلا يمكن أن تستفيد من هذا النهج طالما ولا يوجد تطبيق جدي لهذا النهج، وأكبر دليل على ذلك حال أمتنا اليوم التي تمتلك أعظم منهاج للحياة عبر التاريخ، ولكنها للأسف أعرضت عنه فتحولت إلى أمة “ملطشة” وتائهة تبحث عن عزتها لدى من يريد إذلالها!

لقد إستطاعت الثقافة القرآنية أن تنعش الأمل فينا لبرهة من الزمن، وحتى مع قصر الفترة التي أتيحت لها الفرصة فيها أن تغير واقعنا المزري، إلا أنها أستطاعت أن تحدث تغييرا كبيرا في هذا الواقع، وفعلا رأينا ماذا يمكن أن تفعله عندما جعلت أعتى القوى المعتدية تقف حائرة وقلقة أمام قوتها وعنفوانها.. فما الذي حدث بعد ذلك؟!

كان المفترض أن يكون هذا الأمر حافزا ودافعا لنا لنستمر في تركها تغيرنا، ولكن من المؤسف أن الأعداء بعد يأسهم أستطاعوا أن يجعلونا ننكفئ، وأختلفنا على حطام الدنيا، وأستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير، مع أننا لو صبرنا وتخلصنا من ضعف نفوسنا لكان الخير الكثير في إنتظارنا جميعا!

أكبر مشكلة تواجهنا اليوم هو إعراضنا عن النهج الذي أنقذنا لفترة، وأننا بدأنا نعطي نموذجا سيئا لأنفسنا، ومعظمنا باتوا يستعجلون المكاسب الحقيرة على حساب نجاتنا وما كان يستحقه الجميع، وأثبتنا في الواقع أن الظلم ظلمات، وكيف أن الرغبات الأنانية قادرة على إفشال الجميع، وأخيرا يصبح الجميع يلومون النهج الذي أبتعدوا عنه، والذي كان قادر على تغييرنا وتغيير ظروفنا التي أماتت الأمل فينا!

طريق النجاة تكمن في عودتنا جميعا، والبداية أن نحب التغيير الذي أنتشلنا من قبل.. أن نكره ما أصبحنا عليه من ضعف أمام شهواتنا الأنانية، وأن نتجه كلنا لرفض الظلم والجرأة على أخذ ما ليس لنا.. أن نعود متحابين لبعضنا، وأن يحب الواحد منا للآخرين ما يحبه لنفسه، وأن نتوحد في الموقف، وعندها سنجد أن ما ينتظرنا أفضل مما نستعجل ويمكن أن يعود بنا إلى نقطة الصفر.

من أساء لابد أن يعترف لنفسه بأنه كان مخطئا، ويجب أن نكف عن النظر إلى ما في أيدي الآخرين، وأن نتمنى الخير لبعضنا، وأن نسمح للتوجيهات والنصائح أن تنفذ إلى قلوبنا، وأن نفهم أن ما ينتظرنا بعد الصبر خير كبير لا يمكن أن نستوعب حجمه، وهذا لن يحدث إلا لو أدركنا أن الآجل الذي يأتي بعد الصبر خير وأبقى من العاجل الذي نتكبد المشقة لأخذه دون حق، فهو سيضيع ونضيع معه.

*باللهجة المحلية: مش وقت إحتلال الأراضي والوظايف، والشهوات (مثنى وثلاث ورباع)، والمندي والمظبي والراحة والظلم يا (محترمين)! الحرام يحرم، والنبي (ص) كان يقول أنه مسكين ويحب المساكين.. خلوا الرجل المؤمن يوجه وأسمعوا وطبقوا قبل ما تحل علينا لعنة ونقرح جو كلنا! أمامنا خير كبير فلا تستعجلوا بالهوارة وقلة الدين! فهل فهمنا أو ما بلا يفهمونا الثانيين؟!

You might also like