مناورات بحرية سعودية بمضيق هرمزوخليج عُمان؟هل لها علاقة ما بتدمير السفينة الإماراتية؟وما جدية التهديد الإيراني بالرد؟(التفاصيل)
إب نيوز 6 أكتوبر
مناورات بحرية سعودية في مضيق هرمز وخليج عُمان؟ لماذا في هذا التوقيت؟ وهل لها “علاقة ما” بتدمير السفينة الإماراتية في باب المندب؟ وما مدى جدية التهديدات الإيرانية بالرد؟
لم تشهد منطقة في العالم مناورات بحرية مثل منطقة الخليج العربي، فحتى قبيل توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الست العظمى، كانت مياهه تزدحم بأكثر من مئتي سفينة حربية، وثلاث حاملات طائرات من جنسيات أمريكية وفرنسية وبريطانية، انخرطت في مناورات شاركت فيها قوى إقليمية، وسعودية على وجه الخصوص بمعدل نصف سنوي، بهدف إيصال رسائل “ترهيب” الى ايران التي ردت بمناورات بحرية موازية، استعرضت فيها فرقاطاتها الحربية وزوارقها وغواصاتها، وتحرشت في بعضها بالسفن الامريكية في عرض واضح للقوة.
اللافت انه بينما كانت الاساطيل البحرية الامريكية والغربية تلوح بالخيارات العسكرية ضد ايران، وتبيع مختلف أنواع الأسلحة الى الدول العربية الخليجية، بما يقرب من المئتي مليار دولار في السنوات الأربع الأخيرة فقط، انخرطت الولايات المتحدة في مفاوضات سرية تكللت بالاتفاق المذكور، وانسحاب معظم السفن الحربية وحاملات الطائرات، وتوقفت، او بالأحرى، تراجعت وتيرة هذه المناورات بشكل كبير.
المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا عربيا من عشر دول وتخوض حربا برية وجوية في اليمن منذ 18 شهرا، وتفرض حصارا بحريا على شواطئه ومياهه الإقليمية تحت ذريعة منع وصول صفقات أسلحة إيرانية للتحالف “الحوثي الصالحي”، بدأت يوم الثلاثاء الماضي مناورات بحرية في مضيق هرمز وخليج عمان، تشمل تدريبات على اطلاق النار بالذخيرة الحية، تشارك فيها سفن حربية، وزوارق سريعة، وطائرات بحرية لاختيار “الجاهزية القتالية استعدادا لحماية المصالح البحرية السعودية ضد أي عدوان محتمل”، مثلما قال العميد الركن بحري ماجد بن هزاع القحطاني قائد المناورات.
من المؤكد ان هذه المناورات لا تستهدف التحالف الحوثي الصالحي، لانه لا يملك اساطيل بحرية، وانما زوارق متهالكة عفى عليها الزمن، تعطل معظمها بسبب نقص قطع الغيار، وانعدام الصيانة لضيق ذات اليد، وغرق البلاد في اضطرابات امنية وانهيار الحكومة المركزية منذ اندلاع “الثورة” قبل خمس سنوات، علاوة على قصف جوي سعودي مكثف طوال العام ونصف العام من عمر الحرب.
ايران الهدف الرئيسي من هذه المناورات حذرت على لسان متحدث باسم حرسها الثوري السعودية من دخول سفنها المياه الإقليمية الإيرانية، او الاقتراب منها، ووصف المتحدث هذه المناورات بأنها “مصدر لاثارة التوتر وزعزعة الاستقرار في الخليج الفارسي”، وقال “سنرد بطريقة متكافئة وفورا على اي تحرك او جهد او عمل يضر بالسلام والامن في الخليج الفارسي، ومضيق هرمز وبحر عمان”.
التوتر يتصاعد، واحتمالات توسع نطاق الحرب بين العدوين الإيراني والسعودي باتت اكبر من أي وقت مضى، فإيران حاربت السعودية في اليمن بدعم خصومها، وفعلت الشيء نفسه في السعودية والعراق، أي انها اكتفت بخوض الحرب “بالإنابة”، ولكننا لا نعتقد انها ستتردد في الدخول في حرب مباشرة، اذا ما شكلت التحركات البحرية السعودية تهديدا مباشرا، وجديا، لنفوذها البحري ومصالحها الحيوية في منطقة الخليج.
البحرية الإيرانية لم تتردد مطلقا في اعتراض زوارق بحرية أمريكية اخترقت مياهها الإقليمية، واسرت جميع من كانوا على متنها قبل عامين، ولم تفرج عنهم الا بعد وساطة من سلطنة عمان، واعتذار امريكي صريح، ولا نعتقد انها لن تكرر الشيء نفسه مع أي انتهاك سعودي مماثل.
لا نجادل مطلقا في حق المملكة العربية السعودية في اجراء مناورات بحرية في مياه الخليج العربي، فهي دولة إقليمية كبرى تقع على هذا الخليج، وتخوض حربا غير مباشرة (حتى الآن) مع خصمها الإيراني، وربما تفيد الإشارة الى ان ايران لم تتوقف مطلقا عن اجراء مناورات بحرية في المياه نفسها، كان آخرها شهر أيلول (سبتمبر) الماضي.
الخوف هو حدوث “خطأ ما” مقصود او غير مقصود، يؤدي الى تفجير مواجهات مباشرة بين السعودية وايران، تتطور الى حرب إقليمية شاملة، وما يدفعنا الى هذا الاعتقاد ان السعودية، وبسبب عدم قدرتها على حسم الحرب التي خاضتها في اليمن طوال الـ18 شهرا الماضية لصالحها، ربما تقدم على مغامرة الحرب المباشرة، فهي الآن، او بالأحرى قيادتها، تتصرف مثل النمر الجريح الذي اثخنته الجراح من سهام تطلقها عدة جهات إقليمية (ايران)، ودولية (أمريكا)، وداخلية (تنظيما الدولة الإسلامية والقاعدة)، واقتصادية (انخفاض أسعار النفط وعوائده، وتفاقم نفقات الحروب).
لسنا خبراء في الشؤون العسكرية، ولكن أي مواجهة عسكرية بحرية بين البلدين، مثلما يؤكد الخبراء، ربما تؤدي الى نتائج كارثية، اقلها استخدام ايران لزوارق انتحارية حربية صغيرة وسريعة لا ترصدها الرادارات لتدمير معامل تحلية المياه على الخليج، التي تغطي اكثر من ثمانين في المئة من احتياجات السعودية ودول الخليج، مما يعني ان الموت عطشا قد يكون احد ابرز هذه النتائج.
تعرض سفينة إماراتية للقصف والتدمير
اثناء مرورها في مضيق باب المندب بصواريخ حوثية، واصابة عدد من بحاريها، يعطي مؤشرا على حدوث تغيير في قواعد اللعبة، ووجود استعداد لدى أعداء السعودية في اليمن، المدعومين من ايران للتصعيد بعد وصول أسلحة متطورة، يعتقد انها إيرانية اليهم في الأسابيع الاخيرة، وما يفسر هذا الاحتمال التهديد الذي أصدره المجلس السياسي الحاكم في صنعاء بضرب أي سفينة تخترق المياه الإقليمية اليمنية وللمرة الأولى منذ بدء الازمة.
لسنا في هذه الصحيفة “راي اليوم” من قارعي طبول الحرب، بل من دعاة السلام، وحل المشاكل من خلال الحوار، ولكن يؤسفنا ان نقول ان المنطقة كلها، تتجه نحو الصدام العسكري، وخاصة في اليمن وجواره، ومنطقة الخليج في ظل غياب الحكمة، وتقدم النزق والسياسات الانفعالية المندفعة وغير المنضبطة.
مرة أخرى نحذر من ان الاحتقان كبير جدا، والمنطقة تنتظر عود الثقاب الذي قد يحدث الانفجار الضخم، ونأمل ان نكون مخطئين.
“راي اليوم”