نفحات الإيمان في استقبال رمضان
إب نيوز ٢٤ شعبان
سعاد الشامي
قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.
ها هو الشهر الكريم على الأبواب ينادي: أنا هدية الله الكبرى لعباده المؤمنين، وفرصته العظمى لتعزيز أسس التقوى، وتهذيب النفوس وإصلاحها؛ فتهيأوا لاستقبالي بكل حبٍ وشوقٍ إلى لذة القرب من الله، ودعوا أرواحكم تحط رحالها في ميادين التقوى و الخير والرحمة والغفران، وسارعوا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدها الله لعباده المتقين وجعلها ورثًا خاصًا بهم؛ حيث يقول جل شأنه: ” تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا”.
فما أعظم أن نعد أنفسنا لاستقبال هذا الشهر المبارك، بعقول واعية ومستبصرة بقداسة وعظمة فريضة الصيام، كمحطة إيمانية لتزويد النفس البشرية بأهم ما تحتاج إليه وهو زاد التقوى، كما قال تعالى: “وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ”، ومحطة روحانية لتنقية النفس من شوائب الآثام والمعاصي وتزكيتها وتطهيرها وضبط شهواتها وغرائزها، وفقًا لتعاليم الإسلام وبما يضمن لها الفوز والفلاح، و”قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا”.!
وما أجمل أن نستقبل هذا الشهر بقلوب طاهرة مطهرة تائبة إلى الله، لانحمل فيها شيئًا من الفحشاء والمنكر والآثام والظلم والحقد والكراهية والبغضاء، نستقبله ونفوسنا مليئة بمشاعر الرحمة والمحبة والإحسان والعطاء والإخاء والعفو والتسامح، وأعمالنا تجسد مبادئ التعاون والتراحم والتكافل، وصلة الأرحام وإكرام الجار وزيارة المريض وتلمس احتياجات الفقراء والمساكين، ونصرة المستضعفين والجهاد في سبيل الله واستشعار المسؤولية أمام الخالق وخلقه، وأداء واجبنا ودورنا المنوط بنا في الحياة؛ فهذا هو شهر الهدى للنفوس والتقوى للقلوب، كما قال تعالى: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ”.. ولن نستطيع أن ننال فضل هذا الشهر المبارك، ما لم نستقبله ونحن نحمل بين جوانحنا هذه النفسية الصافية والنقية.
“أيامًا معدودات” هو رمضان، شهر يأتي كل عام مرة واحدة، حاملًا إلينا كل معاني الخير والرحمة الإلهية، لهذا يجب علينا أن نعد أنفسنا روحيًا ونفسيًا وسلوكيًا؛ لنكون على أحسن حالة إيمانية يحب الله أن يرانا عليها، ونحن نستقبل ضيفه الكريم الذي يأتي ليقوّم اعوجاج ما مالت إليه النفوس من الهوى، ويكسبنا المناعة والوقاية الإيمانية أمام كل المحرمات والمعاصي، التي قد تؤدي بنا إلى جهنم والعياذ بالله..!