لجنة الخبراء أم اللطيف الخبير؟!
إب نيوز ١ رمضان
عبدالملك سام
نحن في حالة حرب مع الله، ومن ينكر هذا الواقع فليتذكر كم كان سعر أي سلعة قبل عشر سنوات أو أقل؟ وكل الحلول التي طرحها (الخبراء) فشلت، وكل الأفكار والحلول التي جربت فشلت، وكان من الطبيعي أن تفشل لأننا ببساطة كنا نعرف السبب، وما فعلناه هو أن درنا حول المشكلة فقط، بل ووصلت درجة الوقاحة بالبعض أن يتحدى الله ويشرعن الربا ويقول بأن هذا هو الحل الأفضل لنا ولحل مشاكلنا التي تتفاقم يوما بعد آخر؟!
• {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ○ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (سورة البقرة: الآيات 279-278)
عندما سئل الإمام الصادق عن سبب تحريم الربا أجاب بأن السبب “حتى لا يتمانع الناس”، أي أن لا يجد الملهوف من ينقذه، ولا يجد ذو الفاقة من يعطيه؛ فطالما والناس قد يستفيدون من مصائب الآخرين، فسيحاول كل شخص أن يستفيد على حسابهم، بل وقد يتطور الموضوع بأن نصل لدرجة أن يفرح صاحب المال لو أحترق بيت جاره حتى يقرضه ويستفيد، وستصبح الحياة مثل الغابة التي يأكل فيها القوي الضعيف!
• {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (سورة البقرة: الآية 276)
من يريد أن يستمر الوضع كما هو عليه فكأنما يريد أن يتحدى الله وتشريعاته، ومن نحن لننظر وندعي أننا أعلم من الله؟! هو من حذرنا من هذه الآفة المسماة كذبا (فائدة) في حين أنها (سحت)، وهو من وجهنا للتجارة وطلب الرزق دون الإضرار بالضعفاء، بل أنه توعد المستغلين بأن يحاربهم حتى لا نفقد إنسانيتنا ونفوز في الدنيا والآخرة، ولمن لم يدرك خطورة هذه الجريمة فليشاهد ماذا أدت له هذه الآفة من بؤس وفقر حول العالم.. ولماذا نذهب بعيدا؟ فليشاهد النتائج الكارثية التي نعاني منها نحن أولا!
هناك من سيسأل عن طبيعة عمل البنوك في حال توقفت المعاملات الربوية، وهنا يجب ان ندرك أن هذه البنوك يجب أن تطور من نشاطها وفق التشريع الجديد، وإن كانت ما تزال تستطيع أن تستفيد من معرفتها السابقة في سوق المال، وبدل أن كانت تعمل في مجال الإكتتاب على الأسهم والسندات، فستكتفي بالعمل في مجال الأسهم فقط لأنه شراكة في رأس المال، وسيكبر دورها في مجال تحليل ودراسة المشاريع، وتتحول إدارة القروض فيها إلى إدارة الإستثمارات وستنجح.
لو علمنا أهمية قرار منع التعاملات الربوية لشكرنا الله أن وجه قيادتنا ومجلس النواب لهذا القرار، ولا أجد مبررا للخوف الذي أبداه البعض لأننا بهذا القرار سنكون تحركنا مع الله، ومن يتحرك وفق ما أرشدنا الله له لا يمكن أن يشقى أو يخسر أبدا، وهذا التشريع لأهميته قد أنزل على جميع الأنبياء، ويعرفه اليهود والنصارى كما نعرفه نحن.
من منا شاهد قصة تاجر البندقية؟ فالقصة العالمية سلطت الضوء على هذه الجريمة المالية ووضحت آثارها، وكم إشمئزينا من ذلك التاجر اليهودي الذي أراد أن يحصل على فائدته من لحم الذي أستدان المال منه بعد أن عجز عن الوفاء بدينه والفوائد المترتبة عليه! هي قصة تحكي عن بعض مظاهر ما تعانيه البشرية بسبب هذه الآفة في كل مكان وزمان، ونحن قد شاهدنا ما نعانيه من آثار الربا في حياتنا سواء من قلة البركات وأرتفاع الأسعار ومعدلات التضخم وشحة الأمطار وفشل المشاريع وغيرها من الآثار الخطيرة علينا، فلماذا لا نجرب طريقة أخرى مضمونة طالما ونحن قد وصلنا إلى طريق مسدود؟!
اخيرا.. أحب أن أنبه إلى أن طريقة التحايل على التشريع عبر ما يسمى “البنوك الإسلامية” لن تجدي نفعا أيضا؛ فهي أسواء من الربا الصريح لأنها تحاول أن تضفي عليه صبغة دينية وبشهادة خبراء مسلمين وعلماء الإقتصاد! فلا بديل عن التجارة والإستثمار الصحيح الذي سيجعلنا نتغلب على كل مشاكلنا ونبني إقتصادنا على أسس صحيحة.
فلنتوكل على الله إذا، وأنا متأكد أننا بعد سنوات قليلة سنشاهد الآثار الجيدة في واقعنا، ولا نلتفت لعويل وصراخ مصاصي الدماء الذين يقتاتون على مآسي وأوجاع الناس، ولنقف مع خالقنا الذي يعرف ما يفيدنا وينجينا، وكلنا سنستفيد دون إستثناء بالبركة والخير الكثير.. ودمتم بود.