قادمون في العام السادس والأربعين!
إب نيوز ٤ رمضان
عبدالملك سام
لا تستغربوا من العنوان؛ فالكل يعرف أن التسلط السعودي على بلدنا بدأ بإغتيال مشروع يمني للإستقلال بإغتيال رئيس دولة وتعيين عميل بدلا عنه، وما حدث قبل ثمان سنوات هو أمر مشابه، فقد عاجلوا لإغتيال مشروع يمني آخر ألا وهو ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر عام 2014م التي أزعجت الأمريكيين وأرعبت أذنابهم.
هو الله الذي أيدنا وأفرغ علينا صبرا، ولا أحد يستطيع أن يدعي أنه صاحب الفضل علينا، فالجميع توقع سقوطنا منذ اليوم الأول. أما اليوم فالجميع يعرف أن العدوان لم يعد بيده شيئا ليفعله، فقد أستخدموا أعتى الأسلحة، وجلبوا أحقر المرتزقة، وجمعوا أخبث المخططين والخبراء، وأنفقوا مال قارون ليسقطونا، ولكن بلا فائدة!
في الحقيقة أنه لم يكن أمامنا خيار آخر سوى الصمود، وهذا يذكرني بما كتبه العبقري الراحل (أحمد خالد توفيق) حين قال: “هذه فلسفة ممتازة يجب أن يتذكرها الطغاة والأوغاد عامة: يجب أن تبقي لضحاياك شيئا يخافون أن يفقدوه”، وهم بالفعل فعلوا كل شيء، وقتلوا بشراسة وغل، ودمروا كل شيء تطاله صواريخهم، ولم يبقوا لنا سوى الحقد عليهم الذي لو طالهم – وسيطالهم لا محاله – فلن يبقي ولن يذر. فلم يعرف الشعب اليمني مدى حقارة وإجرام هؤلاء إلا وهو يشاهدهم وهم يحاولون أن يقتلوا أكبر عدد ممكن من الناس، وبعد أن طال حقدهم كل بيت في اليمن، وبعد أن حاصروا الجميع دون إستثناء حتى المرضى، وبعد أن قتلوا الأطفال والنساء والشيوخ!
كل ما جرى في كفة، وحقارة موقفهم في كفة أخرى؛ فهم لم يخفوا تعطشهم لدماء اليمنيين وأعراضهم، ولم يدخروا مناسبة إلا ليظهروا مدى إستعلائهم وسعيهم لإذلال اليمنيين، حتى أبناء الحرام الذين خانوا شعبهم لأجل الإحتلال نالهم النصيب الأوفر من هذا الإذلال، فأخذوا نسائهم رهائن، وأنتهكوا أعراضهم وإنسانيتهم في المعتقلات التي بناها الإحتلال، وقتلوا بعضهم ببعضهم، وأختطفوهم وأهانوهم سرا وعلانية، وهي ذات المعاملة المهينة التي تعرضت له الأنظمة العميلة في المنطقة على أيدي الأمريكيين.
أمريكا وبريطانيا وإسرائيل يعرفون، وعملائهم النظام السعودي والإماراتي يعرفون، وأحذية العدوان المحلية يعرفون بأنهم مجرمون وقتلة ولصوص، وما يريدونه هو إحتلال البلاد وإستعباد العباد، ولا يمكن ابدا أن تتغير حقيقة العدوان أو أن يتم تبريره، والشرعية الحقيقية – لا شرعيتهم الزائفة – هي بيد الشعب اليمني حصرا، وهذا حق ديني وقانوني وعرفي وأخلاقي وإنساني، وإنه لشرف لنا أن نقف ضد هؤلاء المجرمين لنأخذ بحقنا وحق الشعوب التي ظلموها قبلنا.
لا يوجد طرف يمني قادر على شن عدوان بهذا الحجم والحقد، والمسألة ليست داخلية، بل هو عدوان أمريكي بإمتياز؛ فقد اعلنوا بداية عدوانهم من واشنطن، والعدوان ينفذ بأسلحة أمريكية، والدعم اللوجستي والدبلوماسي والإشراف كله أمريكي.. لا يوجد طرف آخر سوى النظامين السعودي والإماراتي الأحمقين اللذين يدفعان تكاليف العدوان، وسيتحملان تبعاته.. أما الخونة فلا يمكن أن تعتبرهم بشرا حتى نقول عنهم يمنيين، فهم مجرد أحذية، ويلعبون ذات الدور الذي لعبوه مع المحتل البريطاني سابقا. مجرد قوادين يسعون لتحويل بلادهم لملهى ليلي يرتاده كل مأفوني العالم ومجرميه!
المقال اليوم طويل لأن كشف حسابنا مع العدوان طويل، ويكفي أن سنحاسبهم على أكثر من 50 ألف شهيد لجرائم العدوان قتلوا غيلة بقصف 500 الف منزل، و1,700 مسجد، و400 مستشفى، و3 الآف مدرسة وجامعة ناهيك عن عشرات الآلاف من المزارع والأسواق ومحطات الكهرباء والآبار والمقابر والمواقع الأثرية والطرق وصالات الأعراس والمناسبات، ومن قتلوا وهم مسافرين بسبب قطع الكفرة الفجرة للطرق.
ولكن ما يجب أن نعيه جيدا أن هذه الأرقام كانت ستتضاعف مئات المرات لو أننا سمحنا للمحتلين أن يطأوا أرضنا كما فعلوا في بلدان أخرى! وهذا إن دل فإنما يدل على أهمية خيار الصمود والصبر الذي أتخذناه. ولأننا ندرك أن مشروعهم يضمحل، وهم محبطون ويائسون، وقد أصبحوا عاجزين عن تحقيق أهدافهم المشؤومة، فلابد أن نواصل ما بدأناه حتى ينتهوا لنبدأ بعدها مرحلة الحساب الثقيل الذي يخافون منه، فالله معنا، ولن يضيع صبرنا ولا تضحياتنا هدرا..
لا حل أمام العدوان سوى وقف الدمار، ورفع الحصار، وتعويض الأضرار، أو انتظار غضبة الأحرار.. فنحن لن ننكسر أو نتعب، ورجالنا ذوي البأس ما يزالون في الميدان ينكلون بالمجرمين في كل يوم، ونحن نقف موقف الحق الذي لا شك فيه، وكما يقول قائدنا الجسور في كل عام: قادمون في العام 9 بجيش مؤمن واثق، قادمون بصواريخنا، قادمون بطائراتنا، قادمون بقواتنا البرية والبحرية، قادمون بغضبتنا وشموخنا وبثقتنا بالله وعدالة قضيتنا، فإلى أين الفرار؟