ماذا نستطيع أن نفعل؟!
إب نيوز ١٦ رمضان
عبدالملك سام
مجددا يتحرك من ضرب الله عليهم عقوبة الذلة والمسكنة بثقة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ثقتهم بأننا صرنا في موقف الذل والمسكنة أكثر منهم، وبأن ما يحدث هو نتاج الصفقات التي عقدوها مع أنظمة الخيانة العربية تحت مسمى “التطبيع”، ولذلك نراهم اليوم يتحركون بثقة ويوغلون في إهانة مشاعر المسلمين وقد تركوا أمر كبح غضبهم – لو غضبوا – للأنظمة الخائنة التي سلمت زمامها للعدو الصهيوني بشكل تام!
ما كان عيبا وجريمة قبل عشر سنوات لم يعد كذلك، وأنظمة الخيانة لم تعد تخفي ولائها التام للحكومة الصهيونية، وصار من الطبيعي أن نجد مواقف الخزي لهذه الأنظمة وهي تعبر عن تضامنها وتأييدها لجرائم العدو حتى وصل بهم الحال إلى وصف الإسرائيليين المجرمين بأبناء العم والأشقاء!
لكن الغريب حقا هو موقف الشعوب التي تشاهد ما يحدث من خيانة فاضحة واضحة دون أن يكون لها موقف، أو حتى تشعر بالقلق من قبول الله لصلاتها وصيامها ودينها، وعدم خوفها من غضب الله عليها أكثر من خوفها من الأنظمة الحقيرة التي تحكمها، وهنا تكمن خطورة الصمت الذي سيجني على مصير هذه الشعوب!
لو كان ما يحدث للفلسطينيين من ظلم يحدث لأي شعب آخر لا تربطنا بهم صلة عقيدة وقربى لكان من المعيب أن نصمت عن ظلمهم؛ فديننا جعلنا شهداء على الناس من بعد رسول الله (ص)، وكلفنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكيف بنا وما يحدث من جرائم هو في حق قبلتنا الأولى، وفي حق من يشاركوننا عقيدتنا وتربطنا بهم رابطة دم واحدة، وهم على الأقل جيران لنا، ومن يعتدي عليهم لا يخفي عداوته لنا ويتوعد كل الشعوب المحيطة به؟!!
لو كانت الشعوب تعتقد أنها قادرة على إخلاء مسؤوليتها وذمتها مما يجري فهي واهمة! ولو كانت تعتقد أنها ستترك دون عقاب إلهي فهي غافلة! ولا عذر للجميع أمام الله من تحمل المسؤولية، والخوف ليس بعذر كافي لنسكت فقد قال الله سبحانه: {فلا تخشوهم وأخشوني}، وقال أيضا: {فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين}، فهل نحن ممن خاطبهم الله بهذا الكلام؟! وإن كنا كذلك ولم نتكلم اليوم فمتى سنتكلم؟!
ماذا نفعل؟! لمن يقول: ماذا أستطيع أن أفعل؟ فليراجع نفسه، ولا يدعي السذاجة والجهل؛ فهذا ليس بعذر! لقد خلق الله لنا عقول لو كنا نفكر، وبلمحة سريعة ستجد أن للإسرائيليين مصالح يخافون عليها، والمفترض أننا بتنا نستطيع أن نعرف لماذا يحاولون فرض التطبيع علينا؟! بالتأكيد لكي يستطيعوا الدخول لأسواقنا تمهيدا لإحتلالنا إقتصاديا، ومن ثم الوصول لنهب ثرواتنا وأستعبادنا وتدميرنا في الأخير.
لمن يخاف أقول: إبداء ببيتك ومن هم ضمن مسؤوليك، فلا تتركهم ضحية للتضليل، وعرفهم من هو عدوهم وماذا يريد، وأمنع دخول أي بضائع ومنتجات لعدوك إلى بيتك، وقاطع كل مسؤول أو شخص خائن كما تقاطع أي شخص بينك وبينه عداء شخصي! حرض الآخرين على إتخاذ موقف ولو عن طريق حسابات وهمية على مواقع التواصل الإجتماعي، وشارك في كل الحملات التي تدعم قضيتك، وأرفض حضور أي نشاط أو فعالية تهدف لتخديرك أو مسخك عن هدفك، وحدث نفسك بغزو من يريد غزوك وقهرك..
تحرك فهناك ألف طريق لرفض هذا الظلم والهوان، فقط لو أستشعرت أن الأمر يمسك شخصيا فستجد ألف سبيل لأخذ حقك! لا وقت للتنازع مع أحد من مجتمعك فالأولى بك أن تجتمع مع أخوك وأبن عمك ضد العدو الأخطر الذي لن يتركك ولن يترك أخوك ولا إبن عمك! جدد أولوياتك وتحرك قبل أن يغضب الله عليك؛ فكلما تأخرت أقتربت من سقوطك وضياع دنياك وآخرتك. وكلما تحركت فتحت لك أبواب لتتحرك فيها، فأنت ستكون مع الله سبحانه، ومن كان مع الله لا يضيع ولا يشقى.
إذا فالبداية مع الحرب الإقتصادية والإعلامية، فالعين بالعين، وكلما زدت من مقاطعة السلع والبضائع الصهيونية والداعمين لعدوك، كلما سترى أن عدوك سيقلق ويتراجع ويخاف، ويكفي أنك بذلك لا تشارك في الجرائم التي يقترفها العدو بما يحصل عليه منك. أما تحركك بالكلمة والموقف هو أقل حقوقك البشرية، فلا تسمح لخوفك أن يجبرك على الضعف والهوان، فأنت خلقت حر، ولا يليق بمؤمن أن يكون عبدا لخوفه وهو يعلم أن عمله يرضي خالقه القوي العزيز.
أجلس مع الله اليوم، وأسأله أن يهديك لما يحبه ويرضيه، وتحرك من أجل نجاتك ومن أجل أبنائك ومستقبلكم معا، فهناك في هذا العالم من لا يؤمن بربك، ولكنه لا يمكن أن يسكت عن حقه وحريته، فما بالك بك وأنت من أختارك الله من بين كل شعوب العالم لتكون حاملا لرسالته لباقي البشرية، فهل ترى بعد هذا كله أن هناك من يستحق أن تخشاه أكثر من خالقك؟!
عدونا لا حدود لدناءته وأطماعه، ولو – لا سمح الله – تخلص من أهل فلسطين المستضعفين، فسيأتي دورنا لا محالة، ولكن بعد أن يتمكن من إخضاع أمتنا نفسيا، وبعد أن يصير موقفه أقوى والتخلص منه أصعب! فلتحرك قبل أن يأتي وقت نندم فيه ولا ينفع الندم، ويكفي أننا نعلم بأننا على الحق.. فلنتحرك لأجل ديننا وحريتنا وإنسانيتنا ولأجل المستضعفين من أهلنا.. والله معنا.
…
*لكل الأقلام المأجورة التي تحاول أن تشغلنا بالتنازع فيما بيننا، ولمن يدعون الشرف والحرية من خائنين الأمانة.. اليوم فرصة لإثبات شرف الموقف الذي تدعونه، فنتحداكم أن تقفوا موقفا مشرفا ضد عدو الله وعدونا وعدوكم، ولو لم تستطيعوا خوفا ممن يدفع لكم فأعلموا أنكم وسادتكم والمجرمين الصهاينة على نفس الدرجة، {فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى}.