هارون الأمة
إب نيوز ٢١ رمضان
عبدالملك سام
لولم يقال في الإمام علي (ع) إلا قول النبي (ص): “أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي” لكان كفيل بأن تجتمع الأمة كلها حوله لتضمن أن تبقى على الدرب الذي أرشدها إليه نبيها (ص)، وهو درب الأنبياء الواضح الذي لا يزيغ عنه إلا من كتب عليه الضياع والزيغ.
لم يبتلى رجل بأتباع أوهن مما أبتلي به الإمام علي (ع)، فقد تركوه وهو لم يكمل بعد تكفين رسول الله (ص)! وكما ترك بنو إسرائيل هارون (ع) ليتبعوا زيف وضلال السامري، فقد ترك المسلمون هارونهم ليتبعو الزيف والضلال التي قادتهم للسقيفة، ومنذ ذلك اليوم تعددت السبل التي شتتهم وقسمتهم وفتحت الطريق لأن يتولى الطغاة أمرها حتى وصل بها الحال لأن تتقاتل فيما بينها، وتصبح أقل الأمم شأنا في وقتنا الحاضر.
نعم، لو تمسك المسلمون بهارون لما خاضوا في بحور دمائهم، ولما تشرذموا مذاهبا وأهواء، ولما وصل بهم الحال إلى أن يكونوا أتباع كل ناعق، ويتحولوا إلى قصعة تتداعى عليهم الأمم لإفتراسها! كل مصيبة فجعت بها الأمة بعد رسول الله (ص) كان بسبب إبتعادها عن علي (ع) التقي النقي.. علي العالم الشجاع الحر الكريم الشريف.
لو أجتمع المسلمون حول علي (ع) لما حدث الشقاق، ولما تحسر أبو بكر، ولما قتل عمر، ولما أغتيل عثمان. لو تولى المسلمون علي (ع) منذ البداية لما أحرقت الكعبة، ولا أستبيحت المدينة، ولا تولى عباد الشهوات أمر الأمة، ولا حدثت كربلاء، ولا ضاعت الحقوق. لو تمسك المسلمون بعلي (ع) لما أجتاحنا الروم والمغول والصهاينة، ولما رأينا المقدسات تغتصب، ولا أنتشرت الأباطيل، ولا تجرأ أحد على ديننا وأرضنا وكرامتنا.
من الغريب أن المسلمين جربوا كل الطرق إلا طريق علي رغم إتفاقهم على شخصيته وأفضليته ومنزلته! وإلى يومنا هذا ما يزالون يدعون حبهم لعلي، ولكنهم بعيدين عنه في الإقتداء والتولي رغم معرفتهم بأن في سيرة علي (ع) ما يجمع تفرقهم، ويقوي ضعفهم، ويقيل عثرتهم!
سنفوز ورب الكعبة لو تأسينا بعلي أخو النبي وتلميذه النجيب، فهو أكثر من يمكن أن يدلنا على ما أراده الله ورسوله لنا، وسننتصر ورب الكعبة لو نصرنا من قال نبينا (ص) فيه: “اللهم أنصر من نصره، وأخذل من خذله”، وستتجلى لنا آيات القرآن لو فهمنا أياها من قال نبينا (ص) فيه: “علي مع القرآن، والقرآن مع علي”، وسنعرف طريق الحق بمن جعله رسول الله (ص) علامة فارقة بين الحق والباطل.
أخيرا.. لقد ضاعت الأمة لقرون حتى وصلت إلى الحال المزرية التي هي عليها اليوم، وقد جربنا كل شيء حتى وصل بنا جهلنا إلى أن تركنا أعدائنا هم من يحددون لنا الحلال والحرام، وأصبحنا في جاهلية دهماء نسبح في بحار الجهل والظلال، فلماذا لا نتوقف للحظة ونفكر في طريق علي (ع) فنتولاه ونتبع نهجه وسيرته حتى نصل به إلى رسول الله (ص)؟! فنوالي علي، ونعادي من عاداه علي، فلعلنا نصل ونتخلص من الجهل والضياع الذي تعيشه أمتنا بباب مدينة علم رسول الله (ص): علي (ع).