ما علينا يا “فاعل الخير”
إب نيوز ٦ شوال
عبدالملك سام
منطق غريب، وواقع أغرب! أن يطلب منك البعض أن تسكت حتى يرضى عنك الناس، أو لكي توافق الجهة الفلانية بأن توظفك لديها، أو لأن فلان لم يعجبه رأيك الذي قلته قبل “زيتليون” سنة، أو لأن هناك شخصية لا تتوافق مع 2% من آرائك! كل هذا الهراء موجود فعلا، ولكن نحمد الله أن الأرزاق بيد الله، وكما قال أحدهم يوما: طالما وأنا أمشي مستقيما فلا يهمني لو رأى الناس ظلي معوجا.
هذه النفسيات تعلم أن موقفها غير صحيح، ولذلك فهم يخجلون من الصراحة والمواجهة، بل تصل رسائلهم غالبا عبر “فاعل خير”، أو وهم يتظاهرون بالحكمة ويقدمون أوامرهم في قالب النصح والحرص! فهؤلاء ليس لديهم ما يبررون به منطقهم الأعوج، ولو كان هناك من خطأ فهو ليس ممن يتخذون موقفا ضد الباطل والظلم، أو يحاولون أن يجعلوا مجتمعهم أفضل؛ فهذا جزء من واجبنا كبشر ومؤمنين وأحرار.
يقول (فاعل الخير): “ما علينا”.. والمطلوب منك أن تسكت عن شخص خائن لبلده وشعبه، وحتى لو كان يستلم أموالا غير معلومة المصدر، ويحرض الناس على الإستسلام والإنسلاخ عن ثقافتهم وشرفهم وحتى مصالحهم، ويعدهم بأن الذئاب التي تريد تنهش لحمهم لن تلبث أن تتحول إلى حملان وديعة بعد أن تحتل أرضك! ويبرر (فاعل الخير) رأيه بأنك ستسكت حتى تحافظ على “الوحدة الوطنية”، أو حق الجوار، أو لمصلحتك الشخصية!!
يقول (فاعل الخير): “ما علينا”.. هناك من يتضايق منك لأنك تنتقد فلان الذي يشرب الخمر، أو لأنه شاذ، أو لأنه لا يكف عن ملاحقة بنات الناس، أو لأنه يعمل لدى جهات مشبوهة! والمطلوب منك أن تدع الخلق للخالق، وألا تتعدى على حريات هؤلاء الشخصية، وألا تخشى على مجتمعك وأولادك، فأنت – برأيهم – بكلامك تجرح مشاعرهم الرقيقة، وقد يفهم رأيك بأنك مع قمع الحريات، وتروج للديكتاتورية والكهنوتية و……الخ! وإنك بذلك تحاول منع نفسك ومجتمعك من اللحاق بركب الحضارة والتقدم!!
يقول (فاعل الخير): “ما علينا”… لماذا تقف ضد فلان اللص الفاسد؟! لماذا لا تنظم لجوقة “الطبالين” وتستفيد كالآخرين؟! فلان يأكل ويعطي الآخرين ليأكلوا، فمالك وللإنتقادات والتشهير بجرائمه؟! الكل يعرفون ما تعرف وأكثر، ورأيك لن يغير شيء، فلماذا تصر على الكلام؟! أنت شخص متخلف لا تعرف مصلحتك!!
السؤال الذي أجيب به على كل (فاعل خير) هو: لماذا لا يسكت هذا (الخائن – الماجن – الفاسد) أولا، ويكف عن محاولات جر الآخرين ليكونوا مثله؟! وهل لو سكتنا جميعا، فهل هذا السكوت سيرضي الله عنا؟! وهل مصلحتنا الفعلية هي في السكوت عن السلبيات، أم أن واجبنا أن تختفي هذه السلبيات قبل أن يصل شرها إلى كل بيت؟! لا إنسانيتنا ولا ديننا ولا أخلاقنا يمكن أن تقبل تحولنا إلى كائنات عديمة الإرادة والمرؤة والأخلاق، ولا شرف لنا لو قبلنا أن نكون خونة وسفلة وآكلين للحرام!
ختاما.. لا يجب أن نهتم برضا أي مخلوق على حساب رضا الخالق، وطالما وأنت تنام بضمير مرتاح، ونهايتك وحياتك ورزقك بيد الله، وأنت تفعل ما تفعله حرصا على عائلتك ومجتمعك، فلتنم قرير العين.. أنت تأمر بمعروف (الجميع يعرفون أنه معروف)، وتنهى عن منكر الجميع يعرفون أنه منكر؛ فلا تسمح لأحد أن يخدعك فتندم، وكما قال الحسين (ع): “كونوا أحرارا”، فلماذا يقبل الكثيرون بألا يكونوا سوى عبيد لآراء الناس ورضاهم؟!
….
*هناك من يتمنى أن يرى مجتمعه فاسدا، فلا تستغربوا! عني أنا فأتمنى أن اعيش في بيئة نظيفة وراقية وسليمة؛ لأعيش مرتاحا وأنا راض لأولادي حياة نقية ونظيفة.. فليعذرني (فاعل الخير) فلست أنا المختل عقليا.