كربلاء آل الرميمة.. في ذكراها الثامنة

 

إب نيوز ٢٩ محرم

دينا الرميمة

ترتجف الذاكرة وتهتز حد الوجع المبكي والذي اشبه مايكون بمخاض عسير ينجب لنا الماضي بما يحمله من مأساة دامية تشبثت بذواتنا المتخمة بمرارة الفقد والخذلان حد الترف، حتى تمنينا لو أن للنسيان سوقا نبتاع منه جرعات تشفينا من وجع الذكرى الذي لايكاد يمر يوم دون أن يباغتنا بمشهد من مشاهد الجريمة التي ارتكتب بحقنا ودون ان نقيم فيه عزاءات، ولكم وددنا ان ننام يوما على وسائد جافة من الدموع، و ان تمر علينا فرحة دون ان تتعرض للتطهير و التشظي، في دليل على عمق الجرح وبشاعة المعتدي.
موجع هو خذلان الأرض ونحن الموجوعون من ارضنا التي منحناها كل الحب والولاء وكان لنا و لإبائنا وأجدادنا نصيب من تعميرها و تخليدها كعاصمة للثقافة فاخرنا بها العالم، لكن وعلى ذات غفلة خلع عنها ذلك اللقب الأنيق لتصبح ملتقى سيل لكل غثاءات الفكر الوهابي الذي غزى كل اليمن إلا أن تعز كانت هي الأكثر ضررا منه وبعفنه تأثرت عقول الكثير من ابنائها حتى غدت تعز كموصل العراق تزدحم مساجدها بذوي اللحى الطويلة بما يحملوه من أدمغة مدججة بسلاح الطائفية البغيض يوجهونه صوب كل من يخالف افكارهم و كنا آل الرميمة أول ضحاياه بسبب نسبنا الهاشمي و الثقافة القرآنية و منهج آل بيت النبي الكريم التي تسلحنا بها و توجهنا لتصحيح الثقافات والعقائد الباطلة،
وما إن شنت دول العدوان حربها على يمننا الحبيب وتوجه معظم أبناء آل الرميمة للجبهات دفاعا عن الأرض والعرض حتى أعلنها دواعش تعز معركة تطهير عرقي للمجوس من آل الرميمة كما اسمونا ، قطعا لكل أواصر الأخوة وتمزيقا لجيرة عمرها مئات السنين.
ولم يكن أمام البقية القليلة من آل الرميمة إلا ان يصدوا هجمتهم الشرسة على قريتهم التي فجأة أصبحت ساحة حرب تدور عليها معركة شبيهة بطف الحسين تجلت بوجوه شهدائنا الذين سطروا مآثر كربلاء دفاعا عن الدين و العرض، أمام عدو استباح كل حرمة ولم يتورع عن قتل الأطفال و النساء،
لم يفزعوا وهم يرون كثرة عدوهم انما كانوا يرونهم كالقشة مقابل مايحملوه من إيمان بعدالة قضيتهم التي تستحق التضحيات، و لأكثر من شهر ونصف وهم صامدون لم يضعفهم الحصار الذي أطبق عليهم ولم توهن عزائمهم مشاهد البيوت المحروقة بعد ان نهبت ولا صوت تكبيرات داعش التي تتردد في الأجواء، ارتقى الكثير منهم شهداء دفنوا دون أن تقام لهم جنائز تليق بمقام تضحياتهم،
وامام هذا الصبر والثبات تيقن الاعداء أنهم لا شك مهزمون أمام اولئك الثابتون كالجبال، فلجأوا إلى المكر والخديعة بالمناداة إلى صلح يحقن الدماء ويعيد روح الأخوة و العشرة التي هانت عليهم ذات يوم، ولم يكن أمام آل الرميمة إلا القبول بذلك رحمة بقلوب أثكلت وأطفال يتموا وجرحى أثخنتهم الجراح ومنع عنهم الدواء.
إلا انهم و في اليوم الذي حدد للصلح ١٦/٨ / ٢٠١٥ لم يجدوا انفسهم إلا داخل ساحة إعدام تخترق صدورهم رصاصات الغدر ونكث العهد، ليرتقوا شهداء مرمية جثثهم على قوارع الطريق و أخرى مجهولة الأثر، بعد السحل والتمثيل بها وأخرين مختطفين مجهولي المصير،
فاستكلمت النساء مسيرة الخلود بلم الجثث التي استطاعت ايديهن الوصول إليها لموارتها الثرى تحت وابلات الرصاص وويلات الالسن ونظرات الشماتة والحقد مواسيات انفسهن بمصاب الحوراء في كربلاء مرددات قولها ( والله مارأيت إلا جميلا) و«خذ يارب حتى ترضى» في مشهد تأن له جبال الأرض وتبكيه ملائكة السماء، ليغادرن بعدها إلى صنعاء مودعات ارض ضمت جثامين الأهل والأحباب ودفنت فيها كل القيم الدينية والإنسانية ونكبت أكثر من نكبتهن،
وإلى اليوم لا تزال قضيتنا حية في قلوبنا ولا نزال نقدم الشهداء في سبيل قضيتنا الأم و مظلوميتنا التي نحي ذكراها في كل يوم و عام ومع كل ذكرى نتوجه بالمطالبة عن كشف مصير المختطفين من آل الرميمة والمجهول مصيرهم حتى اللحظة

You might also like