التنين أبو رأسين!
إب نيوز ٢٥ صفر
عبدالملك سام
أنا من جيل عاصر تلك الأيام التي كان يطلق فيها على دورة المياة “مستراح”، لذلك فانا أحسب نفسي من ضمن اصحاب الخبرة الذين ما عاد يمكن لشيء أن يدهشهم، ولكن ما أدهشني فعلا هو أنا أرى شخصا كبير في العمر كسلحفاة معمرة وهو يتصرف برعونة المراهقين رغم تجاربه والتي ربما يكون خلالها قد صافح الموت فيها أكثر من مرة.. هذا الشخص قبل مدة كنت أعده من ضمن الكائنات المنقرضة مثل التنين!
ربما أنا وقلة من اليمنيبن ممن جلسنا مبتسمين ونحن نشاهد التنين (أبو رأسين) وهو ينفث ناره يمينا ويسارا، وأبتسامتنا لها أسباب عدة، أولها الموقف الشامت من أولئك الذين طالما حذرناهم من إتخاذ شريك ظالم وإن تاب، ومتواطئ وإن كف، أو بطانة من أصحاب السوابق، والذين تمتلئ قلوبهم بالحقد الدفين، والذين قدموا أنفسهم كأشخاص ذوي “خبرة” في السياسة والإدارة، وبالطبع هم كما قال الله عنهم أنهم لن يوجهوا المخدوعين بهم سوى نحو المزيد من المشاكل والفساد والفشل! فهنيئا لكم بهؤلاء المستشارين!!
وأما السبب الثاني لتبسمنا من موقف التنين (أبو رأسين) هو ما يتردد من أخبار عن وصول المزيد من قطعان الأمريكيين إلى المناطق المحتلة، ونحن نعرف ماضي هؤلاء الأذناب وكيف أنهم يخشون الأمريكيين أكثر من خشيتهم لله. لذلك فإن هذه الأخبار تجعلهم يسارعون إلى كسب رضاء الأمريكيين بأي موقف معتقدين أنها فرصة لإعادتهم إلى صف الأدوات بعد أن تم تهميشهم منذ أحداث خيانة ديسمبر، وهو موقف يظهر مدى الغباء السياسي الذي يعانون منه، خاصة وهم يشاهدون طريقة تعامل الاحتلال مع مرتزقته المحليين رغم خضوعهم وتواطئهم الذي لم يسبقه مثيل بين العالمين!
كان بالإمكان إعتبار موقف (أبو رأسين) وجة نظر، وإن كانت خاطئة، لولا التوقيت الذي يدل أن هذا الموقف يصب في مصلحة مخطط الاحتلال. موقف كهذا لم يكن ليحصل من أشخاص يعتقدون أنهم عباقرة في السياسة وإدارة الحكومات، فلا يجوز بحال من الأحوال أن تلعب دور المعارض وأنت شريك في الحكم! ولو أخذوا رأي أصغر طفل يمني قبل أتخاذهم هذا الموقف لأخبرهم أنه لا يصح، بل ولكان شعر بالإمتعاض من موقف خبيث كهذا!
كانت فرصة للتنين (أبو رأسين) لكي يبيض صفحته لو أنه أتخذ الموقف المشرف الذي كان يجب أن يتخذه مع الشعب، وكان الأجدر به أن يراهن على مستقبل شعبه بدل أن يغامر بوضع رقبته بيد عدو غاشم لا يرعى ليمني ذمة، بل ولكان أعتبر بمن سبقوه من الخونة الذين نراهم اليوم يستجدون رحمة المحتلين لأرضهم وهم يذوقون ألوان العذاب والذل على أيدي أسيادهم! ولكن كيف ترجى خاتمة حسنة لمن ضلوا فعمى الله أبصارهم عن رؤية الحق والخير؟!
موقف الخونة والطابور الخامس يؤكد لنا قرب انفضاحهم، والأسواء من ذلك أنهم وقفوا ضد النبي عندما حرضوا ضد إحتفاء الشعب اليمني بذكرى المولد النبوي الشريف رغم معرفتهم مدى أرتباط الشعب اليمني بنبيهم (ص)، بل وكانوا هم من ضمن المحتفلين بهذه المناسبة فيما مضى حتى أطل الامريكي برأسه القبيح! فماذا جد؟! من قال أن التاريخ لا يعيد نفسه؟! ومن قال أن الحمقى يعتبرون من أحداث الماضي؟! ذات المواقف، وستكون ذات الخيبة أيضا إن لم تكن أشد.
ما يحدث هو تكرار للمواقف الفاشلة التي أودت بمن سبقوهم إلى مزبلة التاريخ، والشعب عندما ثار لم يكن لأجل موضوع المرتبات يا حمقى؛ فالثورة كانت ضد الظلم والتبعية ومن أجل الحرية بعد عقود من الأزمات والنكبات والجرائم، وكلنا نعرف من يحاول وأد ثورتنا وينهب ثرواتنا ويهدف لإحتلالنا واستعبادنا، ومن هو الطرف الذي يمنع مرتباتنا بل ويربط صرفها بتقسيم اليمن وأستمرار أحتلاله لأرضنا.. خابت الظنون، وساءت الوجوه، وحددت المصائر، ولا عزاء للخونة، والعاقبة للمتقين.