كاتب تونسي : الوساطة العمانية بين اليمن والسعودية.. هل بدأ الحصاد؟
كاتب تونسي : الوساطة العمانية بين اليمن والسعودية.. هل بدأ الحصاد؟
إب نيوز ١٣ ربيع الأول
رغم الحادث الذي وقع الاثنين الماضي على قوة دفاع البحرين في الجزء الجنوبي من المملكة العربية السعودية ونتج عنه وفاة ضابطين وجرح عدد من الجنود في واقعة هي الأولى من نوعها بعد الإعلان عن جولة جديدة وموسّعة للمفاوضات والحوار والبحث عن سلام دائم باليمن ورضا جميع الأطراف عن طرق هذا المسلك للوصول إلى خطة طموحة تُنهي حالة الحرب التي استمرت سنوات ولم تنته بعدُ وأفرزت كثيرا من المشكلات العالقة بالمجتمع اليمني لعل أبرزها الحالات المرعبة للفقر والمرض التي وصل إليها اليمن وبينتها الإحصاءات المحلية والإقليمية والعالمية مما استوجب التفكير جديا ومليا في طريقة تُخرج اليمن من محنته وتمنحه نوعا من الأمل في بناء دولته.
ولقد درجت سلطنة عُمان على سلوك نهج السلام مع الجار اليمني منذ بدء الحرب، وبقيت متمسّكة ومصرّة على أن السلام وحده هو الذي يمنح الحياة لكل الأطراف، ويجلب السعادة والهناء لأبناء اليمن الذين عانوا وقاسوا الأمرّين خلال الفترة الماضية التي طالت لسنوات سبعٍ عجافٍ أكلت الأخضر واليابس وأفقرت الشعب اليمني وجعلته يبحث في خشاش الأرض ليسدّ رمقه ويبقيه على قيد الحياة، ولم تكتف عُمان بالحديث عن ذلك بل عملت على إرساء لغة السلام بين جميع الأطراف من خلال التنسيق بينها وإجراء مفاوضات شاقة ومتواصلة دون يأس ودون تذمر، وبلا كلل ولا ملل، بل سخرت كل ما لديها من إمكانات لتأمين روح السلام بين الطرفين وزرع الثقة من جديد وهو عنصر مهم لمواصلة الطريق نحو الوصول إلى الهدف المنشود.
كما أن رغبة المملكة العربية السعودية في السلام مع اليمن ساعد كثيرا في إضفاء صبغة الهدوء على هذه المفاوضات، فلقد استطاعت سلطنة عُمان خلال الفترات المتعاقبة الماضية أن تستقبل الوفود من اليمن والسعودية للتعبير عن استعدادها التام للوساطة في هذا الملف الحيوي مع أنها كانت ولا تزال تقدم كل المعونات اللازمة للإخوة اليمنيين لإخراجهم من حالة العنت الشديد التي أصابتهم خلال فترة الحرب وأثقلت كاهلهم ومزقت مجتمعهم. وكانت سلطنة عُمان تعمل باستمرار وبلا كلل ولا ملل ولا بهرج إعلامي ولا تشويش على أي مسار من المسارات الأخرى، وفي ذلك دليل أن الدولة العُمانية ماضية في إرساء مسار سلام في اليمن بل ومصرّة على تحقيق ذلك للشعب اليمني ولشعوب المنطقة.
وأمام هذا الإصرار ، وبعد الثقة الكبيرة التي اكتسبتها من خلال سُمعتها العالمية الطيبة في الوساطة بين طرفي النزاع في كثير من الموضوعات، حصلت سلطنة عمان على بعض الموافقات المهمة لتحقيق السلام، فكانت الزيارة الأخيرة الخاصة لسُمو الأمير محمد بن سلمان إلى سلطنة عمُان تعبيرا عن موقف مؤيد تماما لموقفها كما يبدو، وكان له هناك لقاء مهم جدا مع السلطان هيثم بن طارق الذي كان ولا يزال حريصا على إتمام هذه الصفقة الرابحة -بإذن الله تعالى- بعد المؤشرات والإشارات المتتالية والمتوالية على أن كلا من السعودية واليمن مستعدان للسلام ومصرّان على تحقيقه.
ولا تزال اللقاءات بين الطرفين تتواصل بنفس “الريتم” المعهود ما دامت هناك فرصة للتقارب، ولا ينبغي التركيز على الحادث الذي وقع على قوة دفاع البحرين في السعودية إذا كان حدثا عارضا لا يؤثر على عملية السلام مباشرة خاصة بعد اعتذار الحوثيين عما جرى مع تنبيه الطرفين إلى الالتزام بالهدنة وعدم تجاوزها، لأن الوقت قد حان بعد إتمام جميع الموافقات المطلوبة لإعلان سلام دائم وشامل بين الطرفين لا سيما وأن إيران تملك القوة في التأثير على الحوثيين بعد التحسّن الكبير على مستوى العلاقات بينها وبين السعودية وتأثير إيران على جماعة أنصار الله وحثها على أن تلتزم بخط السلام في جميع مراحله التأسيسية.
وعندما نصل إلى نقطة الإعلان هذه ستكون سلطنة عُمان قد استوفت جميع تعهّداتها بأن تجعل المنطقة واحة أمن وأمان مع دخول طرفي النزاع في اليمن مرحلة جديدة من التوافق على بنود واضحة وجليّة يلتزمان بها، وتدخل المنطقة برمتها في سلام تقوده سلطنة عُمان بكل ثقة وجدارة، ومع هذا التألق والنجاح ألا يحق لسلطنة عُمان أن تكون مرشّحة قوية لنيل جائزة نوبل للسلام في ديسمبر المقبل.
*فوزي بن يونس بن حديد
كاتب تونسي
buadam22f@gmail.com