القبول بنتائج الحرب.. عقدة المفاوضات السعودية اليمنية !!
إب نيوز ١٧ ربيع الأول
طالب الحسني
حدث أن البعض اعتقد ان الحرب في اليمن وعلى اليمن قد وضعت أوزارها عندما رأوا وفد سعودي واخر يمني يتفاوضان في كل من صنعاء والرياض بعد تسع سنوات من المواجهات العنيفة .
نعم كان تطورا مهما ولكنه في نفس الوقت خطرا ، ذلك أن نوع من المفاوضات السياسية على أهميتها تكون بوابة للحرب وليس للسلام ، للأسف هذا النوع نفسه هو الذي يجري بين اليمن والسعودية في الأوانة الاخيرة.
مثل هذا الشهر أكتوبر وتحديدا في العام الماضي 2022 انتهت الهدنة الرسمية التي وقعت في العاصمة العمانية مسقط بين صنعاء والتحالف الذي تقوده السعودية ، بينما استمرت تفاهمات دون اتفاق رسمي منذ ذلك الحين ولمدة عام ، وحصل خلالها جولتين من المفاوضات السياسية رفيعة المستوى بين الوفد السعودي واليمني ، لكنها دون نتائج سوى استمرار التهدئة التي شابها الكثير من الجدل في العاصمتين والمحيط ، مركز هذا الجدل، الخوف من التنازلات التي قد تسلم بها السعودية وأبرزها التخلي عن حلفاء السعودية المحليين لصالح صنعاء (هو تنازل بالنسبة للطرف المؤيد للتحالف لكنه غير ذلك بالنسبة للطرف المناهض للتحالف).
على أن تعقيدات الحرب ليست هنا، ان كانت السعودية ستتخلى عن حلفائها او لا، بل ان كانت السعودية قد قبلت بنتائج الحرب ام لا ، أبعد من ذلك ان كان الولايات المتحدة الامريكية ستساعد السعودية في القبول بالنتائج وهي ليست لصالحها أم ستستمر بالضغط عليها وتقديم مزيد من الوعود بالدعم العسكري.
الاتجاه غير المتفائل بالمفاوضات لتحقيق السلام في اليمن وأنا من هذا الفريق ، نؤمن يقينا أن السعودية لا تزال تناور وتخشى من التسليم بانتصار صنعاء وحلفائها وتبحث عن مزيد من الوقت لتجميد الحرب وليس لإيقافها ، وهناك أدلة كثيرة تدعم هذا الاتجاه أبرزه أن السعودية تصر على تقديم نفسها كوسيط وليس طرف وتريد أن تكون هناك تفاضات يمنية يمنية وتسوية على غرار ما حصل في أزمة 2011 وهي في ذات التوقيت تسعى خلال المفاوضات الثلاثية الامريكية السعودية الاسرائيلية التي تجري منذ عدة أشهر وربما أكثر ، الحصول على اتفاقية حماية مشتركة مع الولايات المتحدة الامريكية ، ان حصل على ذلك وربما يتأخر ، فهذا يعني أن أي هجمات يمنية على السعودية ستلزم الولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل المباشر في اليمن ، على الاقل تنفيذ ضربات عسكرية عنيفة ضد العاصمة صنعاء والقوى الوطنية التي تواجه تحالف العدوان ، في هذه الحالة من المؤكد أن الحرب ستتوسع لتشمل الجمهورية الاسلامية في ايران باعتبارها متهمة ( سعوديا وامريكيا ) بدعم اليمن بالأسلحة.
لم يعد الأمر سرا بالنسبة لهذا التوجه السعودي الذي يأتي ضمن شروط التطبيع مع العدو الاسرائيلي ، اذ ان اتفاقية الحماية المشترك الذي تسعى له السعودية لتصبح حليف من خارج الاطلسي ليس فقط لإيقاف المخاوف من اليمن بل من الجمهورية الإسلامية رغم التسوية التي تقوم بها الرياض وطهران ، ولم تصل بعد إلى مستوى المصالحة بين البلدين.
وعلى ذكر هذه التسوية ربطا باليمن ، وبعيدا عما اعتقده البعض من تأثير على الحرب في اليمن لجهة السلام ، فإنها إن بحثت بتمعن فهي عكس التصور القائم ، ذلك ان الحرب على اليمن تجاوزت الاتفاق السعودي الايراني او حتى الخلاف السعودي الايراني بمراحل ، فحرب اليمن تؤثر على التسوية السعودية الايرانية وليس العكس.
كواحد من المقربين من صنعاء فإنني أؤكد أنه في الوقت الذي تعتقد الرياض أنها تستفيد من الوقت تجري متغيرات في اليمن تجعل من قدرة السعودية على الخروج من الحرب دون تداعيات تهددها وجوديا أمرا معقدا ، فخلال السنوات التسع التي مضت من الحرب الشرسة تتكون امبراطورية عسكرية تقودها صنعاء بتلك السرعة والقوة التي حدثت في إيران عقب حرب 1980-1888.