خريف الأقنعة
إب نيوز ٣٠ ربيع الأول
عبدالملك سام
عملية طوفان الأقصى حققت الكثير من النتائج ليس أهمها سقوط الأقنعة؛ أقنعة الرزانة والثقة التي يضعها الإسرائيليون لتتبدى لنا وجوههم الحقيقية الممتلئة بالرعب والخوف، وأقنعة التعاطف والتأييد التي يضعها المنافقون لتظهر لنا حقيقتهم وكم هم حقراء ووضيعون.
ولأول مرة نجد وجوه الصهاينة أكثر صدقا من وجوه بعض العرب.. وجوه شاحبة تصف الهول الذي شاهدته عندما أقتحم المجاهدون حصونهم واسوارهم بطريقة ذكرتهم بما حدث لحصن خيبر، بل وتعترف وجوه الصهاينة بأنهم هزموا وفشلوا وذلوا.. وجوه خائفة رأت المصير الأسود الذي ينتظرها والذي طالما حاولت أن تتفاداه.
بينما نرى وجوه المنافقين العرب القبيحة فلا تجد فيها سوى الخبث والحقد على الفلسطينيين، وبلؤمهم المعهود يحاولون أن يستصغروا ما حدث أو يشوهوه، بل ويتوعدون – بطريقة غير مباشرة – بأن إسرائيل لم تهزم وسترد بقسوة على ما حدث! وهذا الأمر يدعو للضحك (وإن كان ضحكا مختلط بالمرارة) للحال الذي وصل إليه هؤلاء السفلة من الخزي والعار.
إسرائيل، وخلال هذه الجولة أو الجولات السابقة، لم تدخر جهدا لتظهر مدى تفوقها الإجرامي، وفي كل مرة كانت تتعمد أن تعتدي بعنف على الفلسطينيين ظنا منها أن هذا سيردعهم ويجعلهم لا يكررون محاولاتهم لتحرير أرضهم، أو لوقف الأعتداء على شعبهم المستضعف. لكن الحقيقة أن كل ما فعلته إسرائيل لم يمنع الفلسطينيين من تكرار محاولاتهم، بل ودفعهم هذا الإجرام لتطوير طرق مقاومتهم للإحتلال وصولا لهذه العملية الكبرى، والقادم أشد إيلاما وتأثيرا بكل تأكيد.
من هنا نرى مدى بؤس المنبطحين العرب، والذين لم يزدادوا مع الأيام سوى سقوطا وفشلا؛ فلا هم أستطاعوا أن يثبتوا أن قرار الانبطاح المخزي كان قرارا حكيما، ولا هم تمكنوا من أن يظلوا مختبئين في اللون الرمادي الذي كان يداري خيبتهم فيمنع شعوبهم من إكتشاف وضاعتهم والنظر إليهم بإحتقار.. إنها الفضيحة المجلجلة!
من أهم نتائج عملية طوفان الأقصى أنها أستطاعت أن تفرز المواقف والأطراف بشكل كبير، ولتلحق أكبر هزيمة نفسية ومادية بكيان العدو والمنافقين على حد سواء، ولتثبت أن الخونة هم أكثر طرف مني بالهزيمة في هذه الجولة؛ فقد خسروا مالهم الذي سيدفعونه مجبرين لتعويض خسائر أسيادهم الإسرائيليين، وخسروا كرامتهم عندما قبلوا أن يكونوا مجرد جوقة من الفاشلين وعشاق الباطل، وخسروا أنفسهم يوم خانوا الله ودينهم ومقدساتهم فخسروا في الدنيا والآخرة.
أعتقد أنه ليس من باب الصدفة أن تأتي هذه العملية في الأيام الأخيرة لفصل الخريف، فسقطت ورقة التوت التي كانت تداري سوءآت المنافقين، وتتكشف المواقف ليعرف الشعب العربي الصديق من العدو.. أنظروا لهذه الوجوه القذرة إذا أردتم أن تعرفوا سبب تأخر تحرير فلسطين حتى اليوم!