إعلان جذري!

 

إب نيوز ١٢ ربيع الثاني

عبدالملك سام

أمر غريب.. جهاز (الراديو) عندي يعمل جيدا عندما اكون بقربه، ولكنه يتعطل إذا ما قمت من مكاني وأبتعدت عنه! هل منكم من يعرف السبب؟ لأول مرة أعرف أن هناك جهاز يخاف من مالكه بهذا الشكل؟! وعموما هذا ليس موضوعنا، فعلى غرار الإعلانات التي تملأ مواقع التوظيف، يمكننا أن نصيغ الإعلان التالي:

مطلوب مسؤول لا يحب النجاح لأجل النجاح الشخصي، بل لأنه يحب النجاح لأن هذا واجبه الذي لا يرتاح دون أن ينجزه، على أن يكون نظيف السريرة ولا يبالغ في التأنق والإهتمام بنفسه. شخص جاد يأكل كالسلاحف، ويعمل كبغل حبشي، وينفق المال كصراف يهودي، ويهتم بالدقة كمدبرة منزل إنجليزية.

شخص مؤمن،ثوري، عصري، عملي.. يحب مجالسة الفضلاء والكرماء، ويكره مجالسة أصحاب الشرائح المتعددة (والمعروفين لديكم) حتى لا يلبسون عليه الحق والباطل، ويعرف كيف ينتقي بطانته.. شخص يؤمن بأن “التخطيط السيء هو تخطيط للفشل”، ولا يعتد بالأفكار التي تجعله يبدو رائعا فقط، بل أنه دائما “لا يقنع بما دون النجوم” كما يقول الشعراء!

السن: ألا يكون صغيرا فيكون ميالا للهوى، ولا كبيرا لا يقوى على المتابعة والسهر على مصالح الناس. كما يفضل ألا يكون طيبا جدا لدرجة البساطة فيُخدع (كما هو حال وزير التربية السابق)، ولا “سايكوباثي” قاسي القلب لدرجة أن يعاني منه موظفوه والناس (كما هو حال …… المعروف لديكم أيضا!)، وألا يكون من الحاقدين أو ممن يحملون نزعة الإنتقام من أحد.

المؤهلات: مؤهل حتى لا يشعر بالنقص، وأن يكون من النوع الذي يحب أن يطور من نفسه ومن الكادر الذي يعمل معه.. شخص يملأ مركزه ولا يكترث بالحدود التي تجعله راضيا بما أنجز؛ فنحن في مرحلة إستثنائية تحتاج أشخاص يفكرون بطرق إستثنائية.. شخص يدرك خطورة المرحلة وأهمية المرحلة، ويعرف أنه مسؤول سيسأل إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة عما قدمت يداه.

الخبرات: شخص لديه خبرة وليس (خُبّرة)، وتعييناته تخضع لمعايير لجنة لا يتدخل فيها، ومن أهم هذه المعايير ألا يكون المتقدم لشغل الوظائف من دائرة أهله ومعارفه حتى لو كانوا مؤهلين؛ فهذا سيوقعه في المحاباة عاجلا أم آجلا! شخص يضع الشخص المناسب (علميا وعمليا) في المكان المناسب، وأن لا يكون ممن يكره معارضيه وميالا لمادحيه.

وكما قال الإمام علي (ع) لمالك الأشتر (ر): “انظر في أمور عمالك، فاستعملهم أختبارا ولا تولهم محاباة وأثرة، فإنهم جماع من شعب الجور والخيانة، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام، فإنهم أكثر أخلاقا وأصح أعراضا، وأقل في امل طامع إسرافا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا”.

أخيرا.. من المؤسف أن نسمع هذه الأيام عن تشكيل لجان تقييم من جهات (معروفة لديكم) هي في حد ذاتها تعتبر في طليعة الجهات التي كان يجب تغييرها إبتداءً!! هذا الأمر الذي جعل الكثير من الموظفين يفكرون في جدوائية التغييرات المؤمل إجرائها إن كانت ستستهدف أكبر الشرائح تضررا من التعيينات السابقة! وهذه النقطة يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار، وكما قلنا سابقا: التخطيط السيء هو تخطيط للفشل!

صدقوني.. لا خير في مسؤول يشبه جهاز (الراديو) الذي املكه؛ فلا يعمل جيدا إلا لو كنت قربه، اما إذا تركته فأنه يتشوش ويخرب.. فما رأيكم؟ نسأل الله التوفيق والنجاح لكل المخلصين والصادقين وإن قلوا، وكان الله بعون قائدنا المؤمن الصادق الشجاع، وأن يوفقه لما فيه الخير لنا جميعا.. والله من وراء القصد.

…..

أين فلسطين في الموضوع؟! لا لم أنسى فلسطين وما يجري من أحداث في غزة هذه الأيام، ولكن بنظرة واسعة على الموضوع ستدركون أننا في مرحلة حساسة تحتاج منا أن نكون على أتم الجهوزية لخوضها، ولن يغير الله حال قوم ما لم يغيروا أنفسهم أولا..

You might also like