عزيزي العربي.. أين أنت؟!
عزيزي العربي.. أين أنت؟!
إب نيوز ١٦ ربيع الثاني
عبدالملك سام
أهل غزة قاموا بطوفانهم، فماذا عنا نحن؟ في النصف الأخير من القرن الماضي، هناك من اعتقد أن العرب وصلوا إلى أدنى نقطة من الإنحطاط الحضاري عندما أستطاعت قطعان اليهود أن تجد لها موطئ قدم في قلب المنطقة العربية، ولكننا اليوم نرى أن هذا الأستنتاج لم يكن صحيحا تماما، وأن المنحط هناك ما هو أحط منه! وإلا بالله عليكم فليخبرني أحدكم ماذا نسمي المظاهر الكارثية التي نراها اليوم؟!
يوم قال القائل: “أمن قلة يومئذ يا رسول الله؟” فقد كان يظن أن الهزيمة لا تكون إلا بسبب الفارق العددي بين المسلمين والكفار، ولكن الرسول (ص) أوضح أن الهزيمة قد تحدث حتى للطرف الأكثر عددا عندما يكون هذا العدد عبارة عن “غثاء” لا قيمة له، غثاء يمكن أن يُمنع ويُقمع ويُهان.. غثاء لا يتحمل مسئولية، وليس لديه قضية، ويركن للأعذار والكسل والخوف. عندها لن يختلف حاله عن حال قطيع الجواميس الضخم الذي يقوده راع عجوز نحيل بعصا ليست أفضل حالا من حاملها!
الأمة العربية المليونية تساس بأنظمة متآكلة لا يوجد أحقر ولا أنتن ولا أسوأ منها على وجه البسيطة، ولو أن أحد هؤلاء الحكام حاول أن يترأس على شعب كالبنغال أو الهوتو أو المايا لضرب بالنعال حتى يلفظ آخر أنفاسه، فكيف قبلنا نحن بأن يحكمنا هؤلاء الذين يتبولون في سراويلهم مع تصريح أصغر مسؤول صهيوني؟!!! بل كيف سمحنا لأنفسنا أن نخاف من هؤلاء ولا ننطلق لننقذ أخوة لنا وهم يذبحون ويسحلون على مرمى حجر منا؟!
الجواب بسيط لدرجة مفزعة! بل لم لا يكون هذا حالنا؟! ألسنا نحن الشعب الذي يملأ مدرجات موسم الرياض (الترفيهي) بينما غزة تباد على أيدي الصهاينة؟! ألسنا نحن الذين يسمعون ويرون قادتهم يتمسحون عند أقدام الصهاينة ثم ننطلق لنلقبهم بــ (أصحاب السمو والمعالي)؟! نشاهد قادة “جيوشنا” يذهبون إلى واشنطون وتل أبيب ليتأمروا على غزة وعلينا، ثم نسكت ونبكي سرا ونحن نرى الجرائم التي شاركوا فيها بأموالنا!
بهذا فنحن من يحاصر ثم يشجب الحصار، ويقتل ثم يدين القتل، ويصرح ثم يكف عن الكلام! هل سمعنا بأن أحد هؤلاء السفلة الذين يتبجحون بعشقهم لإسرائيل وقد قام أحدنا بتأديبه وكسر ثناياه؟ أو هل سمعنا بأن هناك من حاول أن يقتحم الحواجز التي تقف في وجه المساعدات على حدود فلسطين لتدخل وتنقذ الأطفال الجوعى والعطاشا والمنكوبين؟ هناك تواطؤ بالسكوت، ولربما هناك من على أستعداد أن يقتل نفسه أمام عذاب ضميره بدل أن يحاول أن يفعل شيئا فيه سلامة دينه ودنياه!
نحن غثاء لأننا رضينا بأن يكبلنا الخوف، وأن يحكمنا ويرعبنا التافهون، وأن ندمن البكاء وجلد الذات رغم عددنا وعدتنا، و…. لكن رغم كل هذا الديجور فلا يزال هناك أمل يأتينا من هنا وهناك، هذا الأمل هو ما يجعلنا نطمئن أننا لم نصبح مستعدين للإنقراض بعد. هناك من لا يزال يتحدث متحديا كل أنواع القمع التي تستخدمها أنظمة الخيانة والهوان، وهناك من يتحرك بصدق رغم وحشة الطريق، وفوق هذا كله هناك محور المقاومة.
هذا المحور الشريف الذي أتى كالصباح بعد ليال طويلة من النكبات والإنتكاسات هو أملنا جميعا لرد الأعتبار واسترداد الحقوق، والعملية التي أعلن عن انطلاقها من اليمن اليوم ستتواصل، وأيضا ستواجه من قبل الأعداء وأذنابهم من الانظمة العميلة، والقرار قرارنا نحن، فإما أن نقف متفرجين فنخسر اليوم وغدا وإلى يوم الدين، وإما أن نلتف حول هذا المحور وننتصر لمظلومية فلسطين والعرب والمسلمين، ونتخلص نهائيا من هذا الشر الذي يهددنا جميعا.. أما كيف، فمتى أتخذنا قرارنا سنعرف ماذا يجب أن نفعل.