قنديل : الاحتلال تعرض لهزيمة وجودية في “7 تشرين” واليمن فضح ضعف الكيان
إب نيوز ٢٧ ربيع الثاني/ عرب جورنال
في قراءة دقيقة لمستجدات التطورات الساخنة في المنطقة على وقع طوفان الأقصى، تستضيف ” عرب جورنال ” الصحافي والسياسي اللبناني ناصر قنديل، للوقوف عن أبرز النقاط المهمة التي شملها خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والمواقف الأمريكية والغربية التي تلت الخطاب، بينها التهديدات الأمريكية. ويتطرق الحوار لتصاعد العمليات العسكرية للمقاومة الإسلامية في لبنان على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، وما إذا كنا أمام مشهد لتدحرج الأوضاع إلى حرب واسعة. كما يتطرق الحوار إلى عدد من الملفات الساخنة في المنطقة على طريق معركة طوفان الأقصى، على رأسها العمليات اليمنية المستمرة في عمق الكيان الصهيوني.
عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي _
الكيان تعرض في “زلزال 7 تشرين” لهزيمة وجودية وهو آيل للتفكك والسقوط
خيارات الإسرائيلي ضيقة وكلما حاول التوغل في غزة زادت خسائره وتعمق فشله وتأكدت هزيمته
الأمريكي يتصرف على أساس العنجهية والعنصرية والانفعال وهي منطلقات لا قيمة لها في السياسة والحرب
جبهة لبنان سحبت الكتلة الأهم من جيش الاحتلال وتتصاعد وفقاً لتطورات الحرب في غزة
العمليات اليمنية فضحت ضعف وهزالة الكيان وهو لن يجرؤ على الرد أو فتح جبهة مواجهة مع اليمن
المقاومة لا تقيم حساباً لتهديدات الأمريكي وعليه أن يسأل نفسه ما الذي يخبئه السيد حتى يقول أعددنا لأساطيلكم العدة
_ خطاب السيد حسن نصر الله، وجه تحذيرات عديدة للكيان الصهيوني، كما أكد على أن محور المقاومة لا يمكن أن يسمح بالاستفراد الإسرائيلي بغزة وأنه لا خيار أمام الإسرائيلي سوى وقف العدوان أو اتساع نطاق الحرب.. إلى أي درجة يمكن أن يلتقط العدو هذه الرسائل؟ وهل بدأت مرحلة جديدة بالنسبة للمواجهة المفتوحة بين المقاومة الإسلامية في لبنان وبين الاحتلال ؟
المشكلة لدى كيان الاحتلال وقياداته هو أنهم عالقون بين اثنتين، الأولى إدراك خطورة ما يمثله التحدي من جبهة جنوب لبنان وجدية المقاومة وحجم فائض القوة الذي اختزنته على مدى السنوات ودرجة حزمها في عدم التسامح مع أي إمكانية لاهتزاز الوضع في غزة وإمكانية تدحرج الأمور نحو هزيمة المقاومة لا سمح الله أو ضعفها أو تعريض مستقبل غزة الديموغرافي والسكاني للتهجير والخطر.
ومن جهة أخرى أن هذا الكيان في ضوء الزلزال الذي مثلته 7 تشرين دخل في مرحلة وجودية يعني لم تعد الهزيمة تكتيكيه ولا حتى إستراتيجية، الهزيمة وجودية ما لم يخرج بانتصار باين من حرب غزة، فهو آيل إلى التفكك والانحلال، لذلك هو يحاول أن يسرق الوقت يوم بيوم، طالما أن التدحرج نحو الحرب الشاملة والكبرى لم يحدث أو لم تظهر مؤشراته العملياتية فهو يحاول أن يحقق إنجازاً في غزة لكن مشكلته هناك، وهذا الذي يؤخر الحرب الشاملة، هو أنه من وجهة نظر محور المقاومة بل من وجهة نظر غرفة عمليات غزة كلما مضى قدماً في مذبحته بحق المدنيين، اختنق في وسط شارع عالمي كبير يحاصر الحكومات المساندة ويجعل وقته ينفد، ويجعل خياراته تضيق، وكلما حاول التوغل أكثر في خيار الحرب البرية زادت خسائره وتعمق فشله وتأكدت هزيمته، متى توضع الأمور بين الخيارات الصعبة أعتقد أننا نقترب لأن الهوامش تضيق من كل الزوايا.
_ بيان البيت الأبيض الذي جاء عقب خطاب نصر الله، ولوح بأن توسع الحرب سيؤدي إلى تدمير لبنان وشعبه.. هل هو إشارة إلى إمكانية أن يشن الكيان ضربة استباقية على لبنان ؟ وأي معادلة جديدة يفرضها نصر الله بتهديد استهداف الأساطيل الأمريكية في البحر المتوسط؟ وهل تشير المعادلة إلى حجم الإستعدادت لخوض المعركة الكبرى، معركة إخراج القوات الأمريكية من المنطقة؟
مشكلة الأمريكي في الحقيقة هي أنه تصرف بخلفية ثلاثة منطلقات كلها لا قيمة لها في السياسة، أولاً العجرفة والغطرسة والعنجهية، وهذا لا يقيمه حساباً للوقائع، يتصرف بأنه هو القوة العظمى، يعني على طريقة مثل شعبي يقول “أنا الأعمى ما بشوف أنا ضراب السيوف”، فيتوهم بأنه قوة لا يمكن لأحد أن يتحداها.
الخلفية الثانية هي التفكير العنصري يعني أنه منحاز إلى جانب كيان الاحتلال على الحسابات الخاطئة دون أن يقيم حساباً لمصالحه ولمدى واقعية وفرص أن يخرج الكيان منتصراً من الحرب التي يخوضها.
لذلك تأييده ومساندته لكيان الاحتلال تقوم على تضامن عقائدي إيديولوجي على موقف عنصري تجاه شعوب أمتنا ومنطقتنا وبلادنا وكل شعوب العالم التي لا تنتمي إلى العرق الانجلوساكسوني. نحن رأينا مع روسيا التي تشاركهم اللون الأبيض والعيون الزرق كما يقال، ورغم ذلك لم تلقى منهم إلا العنصرية والعدوانية.
أما الخلفية الثالثة فهي الغضب والانفعال، الأمريكي شعر بذات الزلزال الذي استشعره الإسرائيلي وحس بالخطر لأنه يعرف أن هزيمة “إسرائيل” في المنطقة هي نهاية الوجود والمصالح الأمريكية. وهذا يجب أن يشكل محرك للتفكير كيف نتصرف، الأمريكي لم يحرك التفكير في كيف نتصرف، تصرف بخلفيه هذه العناصر قبل تمحيص موازين القوى والحسابات، ومن هي القوى التي يقاتلها.
لذلك أطلق كلاماً على عواهنه لم يبرح أيام حتى تراجع عنه عملياً عندما أثبتت المقاومة أنها لا تقيم حساباً لتهديداته وهي تمضي قدماً في تعاملها مع جيش الاحتلال على مستوى الجبهة تعمق وتوسع المدى وترفع وتيرة المواجهة ولا قيمة لما قاله، وأرسلت له الأجوبة التي تتضمن هذا المعنى بوضوح قاطع مع كل الوسطاء الذين تحدثوا بلسانه والموفدين الذين أوفدهم.
وثانيا بدأ تهديد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا تهديد عملي بعمليات يومية لا تنقطع لتقول إن الأمريكي المنحاز إلى جانب الاحتلال حتى لو لم يهدد، عليه أن يلقى عقاباً على هذا الانحياز، أما ما قاله سماحه السيد عن إعداد العده، فالكل يعلم أن سماحة السيد لا يمكن أن يتحدث دون أن تكون يده ملآنه كما يقال.
عندما رأينا المدمرة الإسرائيلية “ساعر” في حرب تموز تحترق لم تكن المقاومة قد قالت للإسرائيلي أعددنا العده لمدمراتك، فإذا ما لديه الآن هو أكبر بكثير مما قد نتخيل، وإذا كان الأمريكي على قدر من الحسابات الواعية وليس في حالة الانفصام التي يعيشها بسبب قلقه على الكيان فإنه سوف يسأل نفسه ما الذي يخبئه السيد حتى يقول أعددنا العده لها.
_ تأخذ عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان، ضد الاحتلال منحنى تصاعدي بشكل تدريجي، في وقت يستمر الكيان في إخلاء المستوطنات الشمالية.. هل سنكون أمام حرب واسعة على الجبهة اللبنانية؟ وما حدود المعركة التي تضعها المقاومة في هذه الجبهة الإستراتيجية بالتوازي مع التطورات في غزة؟ وهل تمهد التطورات لحرب استنزاف مستمرة مع العدو؟
بالنسبة لآلية التصعيد على مستوى الجبهة اللبنانية، واضح للعيان أننا نذهب إلى ثلاثه أنواع من التوسع في وضعيات الجبهة، أولاً المساحة الأفقية بدأنا بعملية في مزارع شبعا في اليوم الأول، ثم توسعت إلى موقعين أو ثلاثة ثم توسعت أكثر ففي المدى الأفقي نحن الآن نتحدث عن 20 نقطة، هي مجموع المستوطنات والمواقع العسكرية المقامة على خط الحدود اللبنانية، وهذا التوسع الأفقي.
في التوسع العمودي أيضاً بدأنا في الاشتباك على الخط الأمامي بمدى ناري بين 500 متر و1500 متر، ثم إلى ثلاثة كيلومترات، وقام العدو في الأسبوع الثاني أصلا بتحريم التحرك في مدى ثلاثة كيلومترات، وبإلزامية الإخلاء للمستوطنات من هذا العمق، ثم وصلنا إلى عمق 6 كيلومترات، والآن بعض الرشقات الصاروخية تستهدف مواقع للاحتلال ومستوطنات في مدى أبعد من ذلك بكثير.
النوع الثالث، هو نوعية الأهداف وحجم الإصابات سواء في الآليات، نحن نتحدث مثلاً يوم أمس عن أربعه أو خمسة دبابات وعن 30 عنصر بين قتيل وجريح من جيش الاحتلال.
وبالتالي التأثير الأعمق والمدى الأبعد، والمساحة الأوسع، هذا التوزيع طبعاً ليس حرب استنزاف لذاتها، أي أن لها صله بحرب غزة، بل هي جزء عضوي من حرب غزة، مهمتها ليس فقط جذب الكتلة الأهم من جيش الاحتلال التي يجري تجميدها في جبهة الشمال وجعل الكيان في حالة شلل تام بين تأثير جبهة الجنوب وجبهة الشمال، وما يجري في الوسط من تساقط صواريخ من غزة وليس أيضاً فقط من التهجير من الجنوب ومن الشمال وخلق هذا التأزم النفسي والسياسي والاجتماعي بل استطيع القول إن الوظيفة واضحة وهي إيجاد المنصة الصالحة والجائزة للتدحرج نحو الحرب المفتوحة نحو ما أسماه سماحة السيد بالاحتمالات المفتوحة.
عندما يفرض مقتضى الحال ذلك، سواءً في البعد الذي أشار إليه بمراقبة الوضع في غزة وتطوره، حجم العدوان ومسار الحرب البرية أو في مراقبة سلوك الكيان تجاه جبهة لبنان وخصوصاً في البند الذي أوضحه سماحة السيد حول معادلة المدني مقابل المدني.
_ ما تعليقكم على العمليات العسكرية اليمنية المستمرة في عمق الاحتلال الإسرائيلي والتي تصل إلى أهدافها باعتراف العدو بالرغم من كثافة الدفاعات الجوية الأمريكية والإسرائيلية؟ وأي رسالة يوجهها اليمن المحاصر والجريح لكل الأنظمة العربية والإسلامية في الانتصار للقضية الأم؟ وماذا يعني تقدم “إسرائيل” بشكوى لمجلس الأمن بشأن الهجمات اليمنية وهل الخطوة دليل عجز إسرائيلي أمريكي في التعامل مع العمليات اليمنية؟
يستحق الأخوة اليمنيون الإشادة والتنويه والإكبار على عظيم ما يقدمونه لأجل فلسطين، وهم أصلاً كانوا سباقين في الحضور في الميادين والساحات على كل العرب في جعل فلسطين عنواناً دائماً سواءً على مستوى الخطاب السياسي أو الحراك الشعبي رغم قساوة الظروف وصعوبتها التي يواجهها اليمنيون وأحياناً كانوا يخرجون إلى الشوارع فيما طيران التحالف في الأجواء يستهدف المدن وخصوصاً صنعاء التي كانت تعج بمئات الآلاف من المتظاهرين، هذه الصواريخ اليمنية قيمتها مضاعفة هي أولاً تفتح جبهة لم يعتد الإسرائيلي أن يستعد لملاقاة الصواريخ عليها، جنوب الجنوب هو دائماً كان يتصرف على قاعده أن هذه منطقة لا تشكل تهديداً.
في أصل حرب اليمن ليس خافياً البعد الإسرائيلي لجهة التحسب لمثل هذه الساعة وها هي الساعة أتت وعندما قرر الإسرائيلي أن يتفقد قدرته الدفاعية اكتشف بأنه بين الفالقين العراقي واليمني سوف يكون صعباً على دفاعاته الجوية وقبته الحديدة، التعامل مع صواريخ آتيه من اتجاهين متعاكسين على هدف واحد وهو أم الرشراش المسماه بإيلات.
لذلك وبكل آسف لم يستعن فقط بالأمريكي الذي أصدر بيان علني عن توليه التعامل مع الصواريخ والمسيرات اليمنية الذاهبة نحو عمق الكيان بل استعان بعدد من الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، استعان بالأردن في مواجهة الصواريخ العراقية، واستعان بمصر والسعودية في مواجهة الصواريخ اليمنية، وهذا أمر مؤلم ومؤسف في ظل الذي تتعرض له غزة، ويكفي أنهم لا يقدمون لغزة شيئاً ولا ينتصرون لها ولا يسهمون بفك الحصار عنها، أن يصلوا إلى حد أن يشكلوا عوناً للكيان في التخلص والتملص من صواريخ اليمن العزيز، فهذا أمر يحز في النفس ألما ويشكل مصدر خيبه ومصدر عار.
على كل حال نأمل أن يعاد النظر فيه قريباً لأن اليمنيون مصممون وها هي صواريخهم تأتي وكيان الاحتلال يعجز عن التعامل معها والدفاعات المساندة لم تفلح في صدها، وعجز الكيان وضعف الكيان وهزال الكيان علامته في أنه لم يجرؤ على الرد وعلى إعلان الجهوزية لفتح جبهة مواجهة مع اليمن بل ذهب كما كان يفعل العرب في أيام ضعفهم بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدول