غزة بين الصهاينة والمتصهينيين”
إب نيوز ١ جماد أول
د . أسماء الشهاري
كلنا شهداء مع فارق التوقيت الزمني فقط”. هذا ما قاله أحد الإعلاميين على الهواء في غزة عندما نزع الشارة التي تدل على أنه إعلامي وهو يشاهد تساقط اخوانه الإعلاميين إلى السماء الواحد تلو الآخر ويؤكد أن لا شيء قد يشكل مانعاً لدى التوحش الصهيوني في استهداف وقتل وإبادة كل ما هو فلسطيني وكل ما هو عربي ومسلم.
هنا حيث تسقط كل الأكاذيب والمسميات والأقنعة الزائفة عن المنظمات الدولية وحقوق الإنسان كما سقطت من قبل في اليمن وفي كل بلدٍ حر رفض الظلم والاستكبار.
أبشع المجازر والجرائم الوحشية في تاريخ البشرية جمعاء لا تزال ترتكب في غزة على مدار الدقيقة بل والثانية منذ ما يزيد عن سبعة وثلاثين يوماً على أيدي من لعنهم الله وطردهم من رحمته وأحل عليهم غضبه ونقمته. إنهم أشر خلق الله وأقبحهم وأخبثهم على الإطلاق. نعم. إنهم اليهود. ومهما قولنا ومهما سيقول من سيأتي من بعدنا فلا شيء يمكنه أن يصف بشاعة ممارساتهم الشيطانية المتمثلة في جرائم حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبونها في المستشفيات على رؤوس الجرحى والمرضى والمكلومين قبل أي مكانٍ آخر.
في غزة يعادل ما ألقته إسرائيل من أطنان حقدها الأسود المتفجر على رؤوس المدنيين والأبرياء العديد من القنابل النووية!
هنا غزة حيث انعدام الماء والكهرباء والطعام والدواء والوقود وتدمير المساكن.
هنا غزة حيث الاستهداف بالأسلحة المحرمة دولياً والقصف البربري الإجرامي الذي لا يتوقف ولا يستكين. ويالبشاعة وقبح ما تحدثه هذه الأسلحة من آثار وجرائم على المدى القريب والبعيد.
ولكم أن تتخيلوا مشهداً واحداً فقط من بين مئات المشاهد. وهو في أحد المستشفيات المحاصرة من قبل التوحش الصهيوني الدموي الذي لا يكتفي من شرب دماء الأبرياء، حيث لا دواء ولا غذاء للمرضى والجرحى ولا للكادر الطبي. الاستهداف المستمر لكل شيء ولكل تحرك فيه وعلى مستوى استهداف الأطباء عندما يتحركون من قسم إلى آخر والرصد والقصف المستمر من الأجواء ناهيك عن القصف المدفعي من الأرض. مع عدم تمكن الكادر الطبي من دفن ما يزيد عن مائة وثمانين شهيدا بعد أن تم دفن ثمانين شهيدا آخرين قبل ذلك بفترةٍ وجيزة. وعدم التمكن من استنقاذ الأطفال في العناية المركزة الذين يقضون الواحد تلو الآخر جراء نفاد الوقود.! والهول أكبر بكثير!
رائحة جثث الشهداء المنبعثة من الثلاجات نتيجة انقطاع التيار الكهربائي بسبب نفاد الوقود!
بل. لكم أن تتخيلوا أن الكلاب دخلت للمستشفى بعد قصف بواباته الرئيسية وبدأت في نهش الجثث الطاهرة للشهداء مع عدم إمكانية دفنها.!
هنا غزة حيث العشرات بل والمئات من الشهداء يرتقون كل يوم. ومن تبقى على قيد الحياة يعيش في ظروف كارثية -وهو لا يزال يطارد وينتظر الموت في كل لحظة- و وضع مأساوي يستحيل تحمله إلا عند أهل غزة الشعب الجبار والعظيم الذي يُعلم العالم معنى الصبر والإيمان ومعنى التشبث بالحق وبالأرض وبذل كل شيء في سبيل المقدسات والأرض والحرية والكرامة، فلن يترك أحدهم أرضه حتى وإن انتزعت روحه، لأنه حينها سيُوارى جسده في عمق أرضه الحبيبة ليحتضنها عن قرب ويلثم ترابها عن كثب، وستظل روحه تحلق فوق سماءها لأنه الحي الشهيد. وستتحول إلى نيازك وشهب ترجم كل حقود وستظل تترقب الفتح والنصر الأكبر لتشارك الاحتفاء به وهي من رسمت ملامحه.
مناطق وأحياء بكاملها تم نسفها من الأرض بمن فيها. المئات من العائلات تم محوها من السجل المدني. وإن كان قد نجا أحد من أفراد أي عائلة فقد نجا وحيداً ولم يعد له أحد من أهله وأقربائه.
هذا فقط لتقريب الصورة. أما الحقيقة وما هو على الأرض فهو أضعاف ذلك وأبشع من ذلك بكثير.!
إنّ جثث الشهداء المتناثرة بالمئات والآلاف ودمائهم التي سُكبت وارتوت منها وتشربتها الأرض المباركة حتى أعمق نقطةٍ فيها ستسيلُ أوديةً ثائرة، وهي حتماً ستعود لتنبثق أشجاراً متجذرةً كالأوتاد للجبال وستؤتي أُكلها وثمارها زاهية الألوان بهية الطلة مُزينةً بالصبر والظفر والتضحية والصمود والإيمان، ومكسوةً بالكرامة والعنفوان، وستكون كسنابل يانعة باسقة كعظمة المجاهدين الثابتين الذي لا يزيدهم كل ذلك الهول العظيم في أهلهم وأرضهم إلا ثباتاً على الحق وإصراراً على أخذ الثأر وتطهير الأرض كل الأرض من دنس اليهود المجرمين. وتسطير أعظم البطولات في وجه الصهاينة الغادرين -واسألوا الصهاينة ماذا تعني نقطة الصفر التي يجترحها المجاهدون العظماء أثناء مواجهة الصهاينة وقتلهم وتدمير دباباتهم وآلياتهم وقذف الرعب في قلوبهم- وتسديد الصفعات تلو الصفعات لقادات المسلمين كصهيوغان وحكام العرب والغرب المتآمرين والساعين بكل جهدهم للقضاء على المقاومة الفلسطينية وعلى حماس التي تقدر على إكمال المهمة لوحدها لولا الخذلان والتآمر، لكنها باقية على أرضها باذلة ما بوسعها منتصرة لقضية أبناء شعبها رغماً عنهم أجمعين ولن يتمكنوا من اقتلاعها لأنها كأشجار الزيتون المباركة.
وعن قمة يُدعى أنها عربية وإسلامية فلا تستحق الوقوف عندها كثيراً ولا قليلاً. التنديد بالجرائم ودموع التماسيح على المآتم هو أقصى ما استطاعت وما تستطيع. وهو أمرٌ معلومٌ سلفاً. فعن نتائجها لا جديد ولا مفيد إلا لعنات الشعوب ممن انبطاحها وعجزها قد بات سخرية العالم. فلا يوجد طارئ يحدث بعد ٣٥ يوماً تستمر فيه أبشع المذابح والمجازر على مدار الدقيقة. ومن لم يقطع علاقاته بالمجرم أمام ذلك كله ومنذ الوهلة الأولى ويطرد سفراء الصهاينة والأمريكان ويغلق سفاراتهم فلا خير فيه.
ومن لم يهرع إلى نجدة اخوانه وإغاثتهم بكل ما يلزم مع وجود أغنى الأغنياء من بين هؤلاء الحكام الذين أَمّهم بايدن ونتنياهو في الجامعة العبرية الأدعياء و المدعين للإسلام والعروبة-إلا من موقف الجمهورية الإسلامية في إيران في الدعوة إلى دعم المقاومة وإغاثة غزة-. وهم من ينفقون مليارات الدولارات من ثروات أبناء شعوبهم على الأمريكان واليهود وعلى سفاسف الأمور التي تضر ولا تنفع فهم ليسوا إلا ألعوبة بيد اليهود والنصارى وما موسم الرياض ودعارة آل سعود على العلن دون استحياء من جراحات غزة النازفات إلا دليل قاطع على المتصهينيين أكثر من الصهاينة أنفسهم!
ومن لم يفتح المعابر والأمل الوحيد للتخفيف عن أهلنا في غزة وطأة ما هم فيه ومن لم يستخدم الأوراق الضاغطة على أمريكا والمجتمع الغربي وهي كثيرة والتي كانت من فورها ستلزم ربيبتها إسرائيل لوقف العدوان على غزة فلا خير فيه ولا أمل يرتجى منه ولا معول عليه. المعول على الله وعلى المقاومة-اليد الطولى للأمة- في فلسطين ومحور المقاومة من اليمن إلى لبنان إلى العراق وإلى كل بلدٍ حرٍ ومقاوم لقوى الإجرام والاستكبار العالمي. وقد سجلت اليمن في ذلك موقفاً متقدماً بفضل الله قيادةً وجيشاً وشعباً مستمدةً شرعيتها من الله في نصرة أخوتها ضاربةً بكل التهديدات عرض الحائط مدشنةً تاريخ عهدٍ جديد أوله في طوفان الأقصى وآخره لن يتوقف عند تحرير الأقصى. وعلى أحرار الشعوب العربية والإسلامية الالتحاق بمعسكر الحق ضد الباطل وأن تكون بداية انطلاقة ثورتهم على الخونة والعملاء والمطبعين والمنبطحين في بلدانهم. حتى تلتحم صفوف أبناء الأمة وتلتئم الجراح وتعلو راية الحق ولا بد من القدس مهما كانت-وستكون- التضحيات.