هل تصمد السعودية بوجه الضغوطات الامريكية الساعية لاقحامها بجولة صراع جديدة في اليمن؟

إب نيوز ٢٨ جمادي الأولى

صلاح السقلدي

ما تزال المملكة العربية السعودية تنأى بنفسها عن الانخراط بتشكيل حلف عسكري بحري دولي لمجابهة الحركة  اليمنية ( أنصار الله )، او الدخول بجولة صراع جديدة مع هذه الحركة العنيدة،وما تزال تقاوم الضغوطات الأمريكية المكثفة،بعد أن صعّدتْ الحركة- التي تسيطر على كل المناطق في شمال البلاد تقريبا-  من وتيرة الهجمات على السفن الإسرائيلية او تلك التي ترى انها تشارك اسراىيل المصلحة والتجارة،المارّة عبر مضيق باب المندب جنوبي البحر الأحمر.
فالمملكة منذ أكثر من عامين حين تقدمت بمبادرة سلام باليمن  قد حسَمتْ أمرها بطيّ صفحة الحرب المتعثرة التي تخوضها بمرارة منذ قرابة تسعة اعوام بعد انكسار التحالف العسكري العربي الذي تقوده بمشاركة قوى محلية مناهضة للحركة الحاكمة في صنعاء وتفضّل عوضا عن ذلك استكمال مسيْرة التفاوض مع صنعاء بوساطة عمانية والذهاب صوب تسوية شاملة للازمة والحرب باليمن بعد ان اعادت الرياض ترميم علاقاتها المتصدعة مع إيران ومع عدد من دول المنطقة والتي كان آخرها سورية…فالمملكة لديها ما هو اهم للتفرغ له  من استىناف حرب أدركت أنها حربا خاسرة ومُكلفة على الخزانة والسمعة السعوديتين وألّا طاىل من استىنافها حتى وإن تعاظمت الضغوطات الامريكية والغربية بوجهها،فلديها استحقاقات داخلية  ضخمة ومتعددة تنتظر انجازها لتمضي بالمملكة الى فضاءات الحريات العامة  والانفتاح، ولتعزيز موارد الاقتصاد وتحريره من قبضة الاعتماد حصرا على عائدات النفط، فهي تقول صراحة أن على الولايات المتحدة ألا تحرجها بالدخول بجولة حرب جديدة في مثل هكذا وقت مهم وحساس للمملكة وأمام حركة عنيدة صعبة المراس، وأن على واشنطن -بحسب مسئولين سعوديين- ضبط النفس في الرد على هجمات الحوثيين، وأن المملكة حريصة على تجنيب اليمن مزيدا من القتل والدمار والخراب.
–  الولايات المتحدة فشلت حتى اللحظة في اقناع دول عربية مطلة وغير مطلة على البحر الاحمر مثل مصر و الإمارات العربية المتحدة، ناهيك عن السعودية لتشكيل قوة جديدة بالبحر الاحمر وخلبج عدن. مع انها  اي الولايات  المتحدة ليست بحاجة أصلا لإنشاء قوة بحرية جديدة بالبحر الأحمر إن كان ثمة استعداد لدى دول اخرى غيرها بضرب القوات اليمنية سواء بالبحر او البر فيكفيها تفعيل التحالفات التي شكلتها بالسنوات الماضية مثل  قوة المهام المشتركة (153)، التي  اعلنت القوات البحرية الأمريكية تشكيلها في نيسان ابريل  2022 م من 60 دولة مِن بينها إسرائيل.
–  فرنسا التي تتساوق مع الرغبات الامريكية الإسرائيلية  هي فقط من لديه الرغبة  حتى الآن ولو على استحياء في المشاركة في حماية المصالح الاسراىلية والتصدي للقوات اليمنية.فقد اعلنت إحدى فرقاطاتها بالبحر الاحمر التصدي لطائرتين مسيرتين يمنيتين واسقطتهما- بحسب مصادر فرنسية-. فحتى اسرائيل تتهيب المشاركة المباشرة بالاشتباك في البحر الأحمر خشية توسع وتعدد جبهات القتال مع محور المقاومة، فنل أبيب تصبُّ كل جهودها في السعي لهزيمة القوات الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة  والتصدي لهجمات حزب الله في الشمال، وتخشى تبديد هذا الجهد بأكثر من جهة في وقت تغرق فيه قواتها في غزة، وتستجدي الولايات المتحدة  لتنوب عنها بضرب قوات الحركة الحوثية المتحفزة بالبحر الاحمر والتي باتت تشكل تهديدا على المصالح الإسرائيلية وتطال صواريخها ومسيراتها مدينة ايلات وتفرض حصارا  بحريا على اسرائيل- بحسب تأكيدات اسرائيل نفسها-.
بالمُجلِ -وعطفا على استطالة حرب غزة التي دخلت شهرها الثالث وعلى اصرار واشنطن التي اجهضت قبل ايام قرارا امميا سعى لوقف الحرب،   على استمار تدفق دعمها العسكري والسياسي   السخي لإسرائيل- تبدو الاوضاع مرشحة للتفاقم باكثر من جبهة،وابرزها جبهة البحر الاحمر و باب المندب ،فسعي واشنطن مستمرا بلاهوادة لجر حلفائها ومنهم المملكة السعودية الى مستنقع حرب جديدة مجهولة النهايات والكُلفة…فهل تصمد الرياض امام هذه الضغوطات وتروغ عنها ؟. نتوقع هذا ونأمل حدوثة،فاليمن شمالا وجنوبا مُثقّلة بأحمال مِن العناءِ والبؤس وبالشعور بالضياع والسير صوب هوّة مجهول سحيقة  لا قرارة لها،ولا تقوى على تحمل المزيد .

You might also like