كاتب فلسطيني: هل تريدون القضاء على حماس؟ تعالوا نقول لكم السر!… لماذا لم تعد كلمة صهاينة تكفي لوصف بعض العرب وكيف سيكون شعب اليمن العظيم الفاتح الجديد لأمة العرب؟
إب نيوز ٢٩ جمادي الأولى
هذا هو اليوم السابع والستون من يوميات الجريمة ، أكبر محاولة عسكرية استعراضية في التاريخ للصدام بين الحق والباطل ضمن منطق العاصفة أمام ورقة الشجرة ، عملية عسكرية للجبروت والطغيان للقضاء على المساكين الذين يقاتلون بإستماتة منقطعة النظيرلحماية الحقل والبيت والغيمة وماء البحر ، صمود لا مثيل له وسط الغيلان من كل حدب وصوب ، تعال يا صلاح الدين وشـاهد أحفادك السائرين على دربك لفتح بيت المقدس من بعد فتحك العظيم ، أقبل يا عز الدين القسام لترى ورثتك قد حملوا اسمك مثل الشهاب في كبد السماء ، هذا هو السابع والستون يا أمة الله من عام الزلزال الفلسطيني في شهر طوفان الأقصى في قرن سقوط الإمبراطورية العظمى وصعود النجم العربي وزحف جيوش الدجال.
عدد الأطياف المحلقة الان فوق سماء غزة يزيد عن 18 ألف طيفا ، رقم فادح الجريمة ، فاجعة إنسانية بحق شعب فلسطين لا يمكن أن يغفرها التاريخ ولا الشعوب ، ولكن حيال هذه الفاجعة هنالك شجرة أمل ضخمة تنمو في الحقل الجديد ويصحبها الكثير من النور ، مع كل يوم يمضي في هذه المعركة يبدو أننا نصحو أكثر ونكتشف أن أداء المقاومة الفلسطينية أكبر بكثير من الآفاق الساذجة التي كنا نفكر بها ضمن القوالب والمعلبات السياسية والعسكرية التي يدفع بها المشهد التقليدي ، إن الرقم الفادح للجريمة هو المفسر الوحيد لعظم الخسارة على الجانب الآخر ولا غير .
تأتينا طوفان الأقصى كل يوم بحقائق لا قبل لنا بها أو حقائق نراها حقيقة واقعة لأول مرة ونصاب بالذهول من مصداقيتها ، نعم ( الكيان الصهيوني أضعف من بيت العنكبوت ) عبارة تترجمت الى مصداقية قصوى أفقيا وعموديا ولا زالت تتمدد ، عبارة حقيقية وجادة لم يؤكدها إلا إلاصرار الأحمق على جريمة القرن ، قبل الوصول إلى غاية العنوان دعونا نجري جردة حساب عاجلة لما حققته عملية طوفان الأقصى ونحاسب أداء المقاومة الفلسطينية خلال هذين الشهرين لكي نخرج بنتيجة حسابية غيروهمية وفقا لادعاءات البعض ولنضع كل هذا امام أصحاب الشمال العرب والمحجوزة مقاعدهم مجانا في قطار سقر :
على الصعيد العسكري خسرت عصابات الجيش الصهيوني المدججة بكل التقنيات والأسلحة والدعم الجوي واللوجستي ما لايقل عن ثلاثة آلاف قتيل وأضعافهم من الجرحى وهنالك خبراء ومحللون يرجحون أرقاما أكبر ، في الوقت الذي لم يحدث فيه تفعيل ثلث قوات المقاومة الفلسطينية إضافة الى خسائر مئات الاليات وتكبد كلف وميزانيات عسكرية رفعت مديونية الكيان وتسببت في كسر تصنيفه الاقتصادي ومعاملات الأمان المعيشي .
لم تتمكن معالم الوجه القاسي المتجهم لغالانت ونتانياهو وهو يرعد ويتوعد في المؤتمرات الصحافية من تحقيق رغبات هذه الصرامة الهزلية ، فالقطاع لا زال تحت سيطرة المقاومة ، إرادة المدنيين لم تنكسر رغم القصف المروع والترهيب الشديد بالقتل والتدمير الآعمى ، لم تتمكن الالة العسكرية الامريكية وألوف المرتزقة البريطانيين والأمريكيين والجواسيس العرب من احكام القبضة على بضعة كيلومترات مربعة لا شمالا ولا جنوبا وكل يوم يمضي تتثبت فيه هذه الحقائق ، لم يتمكن الجيش العظيم من تحرير أسير واحد ولا تحديد مكان أسير واحد وكل محاولات التحرير الكرتونية تحولت إلى مادة الكاميرا الخفية الاسرائيلية ونال السخرية والخسائر البشرية والمادية والاعلامية .
لقد تبين بما لا يدع مجالا للشك أن دويلة الكيان والعقلية الأمريكية التي تقودها لا زالت تعيش على نفس السيناريو الموروث عن الهزال العربي (حرب سهلة ، بضعة أيام نلقنهم درسا ثم نعود لنحتفل بالنتائج ) الذي تم اختباره في كل الحروب السابقة من اكتوبر وحتى غزو العراق ، لقد فاتهم أن الدنيا تغيرت وأن الجيل الجديد من المقاومة الفلسطينية والعربية تمكن من تجاوز عُقَد الماضي وإعداد الاستراتيجية والأدوات الصحيحة لمواجهتهم بأدنى الإمكانيات ، بنفس المنطق لقد فاتنا نحن كشعوب للعرب أن هذا الكيان قد هرم وتآكلت أساليبه وسبل بقائه ولم يدلنا على مواته إلا المقاومة تأكل منسأة حصونه ودفاعاته .
على الصعيد الإعلامي ومعركة كسب الرأي العام والتضامن العام التقليدي والأعمى المُسَّلم به للكيان الصهيوني والآلة الدعائية الأمريكية فقد منيت ميديا الأحزاب بخسائر فادحة جدا لا تعكسها إلا التظاهرات الضخمة وموجات الرفض العالمية والاكاديمية والصحافية والسياسية لهذه الحرب ولو أنها تطل بحياء بسبب الترهيب والتخويف والقمع .
في المجال الاقتصادي الداخلي سجل (الشيكل ) خسارة كاسرة في قيمته وتراجع الاقتصاد الداخلي بنسبية 30% حسب تقدير الخبراء وارتفعت المديونية على حساب الخزينة الأمريكية ، في داخل الولايات المتحدة هنالك أزمة مالية حقيقة واستنزاف اقتصادي فادح بسب الخزائن المفتوحة على جبهتي اوكرانيا وغزة والاستنزاف الهائل لرصيد البلاد وبرامج الرعاية الداخلية وحالة الدولار والتي ستعزز التململ الداخلي قريبا جدا .
في الجانب السياسي العربي وضعت كل مشاريع التطبيع تحت قوائم المراجعات والتشكيك من جدواها تحت ضغط مطالبات الشعوب وتحرج الانظمة المطبعة التي تحاول التماسك قدر المستطاع ، لقد خسرت الولايات المتحدة رصيدا هائلا من سمعتها وحملاتها الدعائية ومصداقيتها حول حرب اوكرانيا وتكشفت حقائق مخيفة حول طريقة ادارة الولايات المتحدة لهذا العالم بالفوضى والدماء والقتل والمؤامرات وانهارت مصداقيتها وحلفائها بالكامل .
في معركة الأفعال والصور حققت المقاومة تفوقا هائلا متكامل الأركان بأخلاقياته العالية ورسائله الاعلامية الخاضعة للمنظومة الأخلاقية الانسانية سواءا في مقاومته أو تعامله مع الأسرى أو حتى حديثه عن استراتيجيات المعركة ، في المقابل تَكَشَّف الجيش الصهيوني عن حماقة فريدة من نوعها وفضائح مدوية لم نكن نتوقعها وارتباك في ادارة المشهد ، في معركة مستشفى الشفاء تحول الكيان إلى مصدر للنكتة السياسية والفشل المخزي بعد تطبيل وتزمير لأكثر من أسبوعين ، في محاولة اذلال وتعرية بعض الأبرياء تحت تهديد السلاح حقق الجيش الصهيوني فضيحة أخلاقية وأعاد تذكير العالم بنفس سلوك معتقل أبو غريب العراقي وأكد أن الروح الأمريكية الاستعمارية والبريطانية والفرنسية وهمجيتها المشتركة مع الكيان هي السلوك الثابت دائما وأبدا ، في كل عملية قصف وقتل للمدارس والمساجد والكنائس والبيوت الآمنة جدد الكيان وحشيته وحقيقة هزيمته الحضارية والأخلاقية .
لقد اكتشفت الشعوب العربية نفسها من جديد وتمكنت من التقاط الرسالة بأنها بمقدورها ان تصنع فارقا هائلا وتحدث تغييرا وأن هذه الشعوب بمقدورها صناعة حريتها بتكسير قيود الانظمة العميلة المسلطة على رقابها ، لم يحدث هذا الأمر بفضل ظهور نتائج المقاطعة وضرباتها العميقة في الاقتصاد الغربي بل في إلهام الشعوب ومنحها الثقة بنفسها ، لقد تحولت المقاومة في غزة الى ملهمة ومحررة لشعوب العرب وهذا ما يسبب تواطؤ الانظمة الرجعية لمنع النصر في غزة واحباطه بأي شكل ، إن فوز غزة سوف يسبب حرجا لكل هذه الأنظمة ويعري دورها الوظيفي دون حجاب وسوف يدفع بإزالتها ومعاقبة شعوبها.
لقد حققت المقاومة الفلسطينية المواجهة الأخلاقية في وجه العالم الرأسمالي المتوحش الذي لا يعرف شيئا عن اخلاق العرب والمسلمين ، لأول مرة نحظى بفوز مجاني ومشرق للوجه العربي بأكثر مما حدث مثلا في مودنيال قطر في العام 2021 أو إنطلاقة الربيع العربي في نهايات 2010 ، تحولت المقاومة الفلسطينية إلى نموذج التحرر الجديد و أصبح أبو عبيدة جيفارا فلسطين ودخل السنوار قلعة التعليم العسكري من اوسع أبوابها ودخل المواطن في غزة موسوعة الصمود والبطولة بأعلى تجلياتها رغما عن كل الالام.
10-لم تدمر المقاومة مستقبل عصابة نتانياهو وبن زفير وسموتريتش فقط بل تمكنت من إحداث الهزة الزلزالية في كل اركان النظام العالمي الجديد برمته غربيا وعربيا وربما تسببت في تعطيل أو تأخير بعض خططه المرعبة لهذا العالم .
10-أحد أوجه النصر الكبير المحقق حتى اللحظة عنوانه الكبير اليمن العربي وهذا يحتاج مقالة مستقلة ، حكومة صنعاء والشعب اليمني الذي نقبل رأسه وجبهته حبا وكرما ، لقد قدم الشعب اليمني الشقيق الموقف العروبي الحقيقي بكل أطيافه ، برئاسته وبجيشه وشعبه وصحافييه ومفكريه ، لقد قدم اليمن درسا بليغا لكل الأنظمة الراكعة كيف أن بلدا هم حطموه يقدم موقفا رجوليا تاريخيا لا يعبر الا عن العرب الاحرار الذين سيكون المستقبل له ، إن اليمن البطل يقف اليوم في طليعة موجة التحرير لكل شعوب العرب وسيكون له شأن عز نظيره.
11-حيال الهجمة الشرسة على المقاومة بموازاة الهجمة العسكرية تكشف حجم الفريق العربي الرسمي الذي يقف في خندق الأحزاب ، يطل علينا بين الحين والاخر مهرج أو كائن قارض أو من متعددي الأرجل ليطعن او يوخز في شرعية المقاومة أو رموزها كما فعل أحد الإعلاميين بالأمس مع أبي عبيدة ، في الحقيقة لقد صار لزاما على جهابذة اللغة العربية وكإحدى أدوات المعركة البحث عن التسميات الجديدة لوصف سياقات الخيانة والنذالة وإعادة تسمية الأشياء بمسميات صحيحة ، لم يعد إطلاق تسمية الصهاينة يكفي لوصف بعض العرب ، لم تعد كلمة مجزرة أو جريمة تكفي لما يحدث في غزة ، لم يعد الكذب والتزييف والخداع يكفي لوصف سلوك الولايات المتحدة ، يجب إعداة تفعيل سلاح اللغة حيال هذه الكائنات كي لا تنخدع الأجيال القادمة بالتسميات الشائعة .
إن القضاء على حماس والمقاومة الفلسطينية وإضعاف محور المقاومة العربي له خطة واحدة بسيطة وسريعة ومضمونة المفعول وسنقولها لكم همسا في الأذن فقط حتى لايسمعها العدو ، هذه الخطة لا يمكن ان يكون عنوانها كسر إرداة الشعوب وسحق المقاومة وإنشاء دولة تابعة مهانة مقطعة الأوصال متعددة المعابر وتتعرض للإذلال والقتل العشوائي كل يوم ويعين لها ولاة من المهرجين والخونة ، لا يمكن لهذه الخطة أن تحدث باعتماد نهج القبضة الحديدية والقتل والسجون وتركيع كامل الشعوب العربية وتحويل رئاساتها إلى مسخرة ومهزلة ووكلاء عن الاحتلال وخدمة مشاريعه ، لا يمكن لهذه الخطة أن تنجح بسرقة الحق التاريخي للعرب حضارة وأمة وعلما وإسلاما وهوية واستيراد حقوق الإنسان العربي في النهضة والعلم والتحرر والإنطلاق من القوقعة الاستعمارية المقيمة منذ أكثر من مائة سنة ، لقد حان الوقت لكي تفهموا أن التخلص من كل المقاومة لا يكون إلا بحل سياسي شامل يتضمن إزالة الاحتلال وأعوانه ووكلائه وخدمه وكل نفاياته المختبئة في الداخل العربي ، حل يتضمن انصرافكم من أرضنا ومنحنا حقوقنا الكاملة التي شرعها التاريخ وتعرفها الشعوب ، فكوا عنا وعن ثروات الأمة ونفطها ومعادنها ومياهها وشمسها وهوائها ونباتها وزرعها وتربتها الخصبة ، هذا هو الحل الوحيد امامكم للقضاء على حماس والمقاومة الفلسطينية والعربية وخلافا لهذا فاستمروا في عملياتكم وإجرامكم وأعدوا التوابيت بالالاف فالأيام بيننا طويلة وكما انتصر شعب الجزائر وشعب ليبيا وشعب فيتنام وشعب أفغانستان فسوف يكون نصرنا أكثر بريقا وأشد أيلاما لكم .
*خالد شــحام
كاتب عربي فلسطيني