باحثة سورية : اليمن والإستثمار الجريء للحظة الصراع بفعل إلتحامي يرسم معادلات كبرى ارعبت الكبار في العالم
إب نيوز ٥ جمادي الآخر
بتراكمية أيام طوفان الأقصى تتراكم أزمات الكيان الإسرائيلي ما بين العسكري والسياسي والاقتصادي ، فهناك جيش متآكل بفعل العمل المقاوم والأعداد الكبيرة في قتلاه وعدم إمكانيته من تحقيق انتصار حقيقي بل وصلت أزماته في حدتها إلى فقدان الخيارات فراح يتخلص من أسراه بقتلهم كما جرى في الشجاعية ، ليرخي هذا الحدث بظلاله على الواقع السياسي المحموم والمأزوم أفقيا وعاموديا ليبقى صوت المستوطن الاسرائيلي يقض مضاجع أسياده في تل ابيب الذين فتحوا على أنفسهم فوهات جهنم عندما ذهبوا الى حرب برية في غزة وطريقة تعاطيهم في هذه الحرب التي كان بنك اهدافها الرئيس تحت عنوان الإبادة الجماعية لأهل غزة وهذا ما كلف الكيان ثمنا باهظا فالعالم يراقب ويندد ويشجب هذه الجرائم بما ساهم في تعرية هذا الكيان وتقديمه على حقيقته الإجرامية التي حاول على مدى عقود مضت أن يقدم سرديات كاذبة عن حقوقه وأصول أجداده في أراضينا المحتلة .
يعاني قادة الكيان من هذه الأزمات المركبة وغياب استراتيجيات منطقية تساعده على النزول من على الشجرة وكأن شجرة حل المشكلات لديه بكل فروعها وأغصانها واوراقها قد سقطت فالمشهد الاقتصادي وتكلفة الحرب باهظة جدا دون أن يكون هناك ثمنا يقبضه هذا الكيان سوى تراكمية الهزائم والانكسارات وان كان انعكاسات حربه الهمجية القذرة على اقتصاده كبيرة جدا لتأتي الضربات القادمة من القوات اليمنية لتقسم ظهر البعير فلا حركة ملاحة ولا تجارة تصل الى موانئه كلمة قالها الجيش اليمني وكانت وعدا صادقا أكدته العمليات التي نفذها هذا الجيش البطل فكانت ضربات مؤلمة أوجعت الكيان وقادته حيث بدأت شركات الشحن الدولية بتعليق عملياتها عبر البحر الأحمر خوفا من ضربات الجيش اليمني مما يهدد حركة التجارة الدولية وما له من انعكاسات على اقتصاديات دول أخرى ليأتي الفعل المقاوم اليمني أبعد بكثير من الكيان بل اثر تأثيرا مباشرا على داعميه في امريكا والغرب وكل الدول التي لديها اتفاقيات تجارية واقتصادية مع هذا الكيان .
وما المحادثات التي تجري بوساطة عمانية مع أطراف دولية الا دليل واضح على مدى قوة وتأثير العمليات العسكرية اليمنية نصرة لفلسطين وأهلنا في غزة ليأتي تصريح رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام ليفرض شروط المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بأن هذه العمليات مستمرة حتى يتوقف جيش الكيان حربه على غزة والسماح للمساعدات الاغاثية أن تصل لغزة وهذا دليل أن المقاومة هنا من تفرض شروطها وليس الامريكي او الغربي او الاسرائيلي وكل حديث غير ذلك مضيعة للوقت ولنا قراءة في ذلك لناحية التاريخ اليمني وانه عصي على كل قوى الاستعمار ولعل السنوات التسع الماضية كفيلة بالتعبير عن ذلك والقرار اليمني قرار سيادي ناتج عن مقاومة مدعومة بشعبها الذي يتطلع شوقا لليوم الذي يحارب فيه الكيان ويحرر الأقصى الشريف من دنس الجنود الصهاينة فلا نقاط ضعف عند اليمن برجالاته لذلك أي نتائج ستنتج عن هذه المفاوضات سيكون النصر فيها للقضية الفلسطينية بجوانبها العسكرية والانسانية والسياسية .
وهنا لابد أن اشير على نقطة بالغة في الأهمية حيث تغيب الأدوار لدول عربية كبرى ولديها اقتصاديات ضخمة عن الحدث الفلسطيني وغيابها ليس له مبرر سوى انخراطها باتفاقيات الذل والعار ، لكن كانت تستطيع هذه الدول أن تحفظ لنفسها ماء الوجه وتعتكف عن التدخل السلبي والذي يجعلها شريكا بسفك دم أبناء فلسطين والا تقدم الدعم والاسناد لهذا الكيان ، فالتواطؤ بين هذه الدول الذي كان تحت الطاولة ظهر الى العلن حيث اعلنت وسائل إعلام العدو ولم يخرج اي تصريح من دولة الإمارات حتى تاريخ كتابة هذه السطور عن وصول شحنات مواد طازجة من موانئ دبي الى اسرائيل عبر الاعلان عن انشاء جسر بري ممتد من دبي الى المملكة وصولا للأردن ليكون هذا الممر بمثابة سفينة النجاة لهذا الكيان الذي أرهقته الضربات القادمة من اليمن عبر البحر الأحمر وهذا الجسر لابد من مواجهته عبر كل الوسائل المتاحة من قبل الشعوب ومقاومته ومنع وصول أي شحنات تجارية من هذا الطريق البري وضربه وهنا لابد أن يكون للاخوة في الاردن دور كبير وان يمارسوا كل انواع الضغط على حكومتهم لاخراج الأردن من أن يكون ممرا ومعبرا لأي شحنات ذاهبة لهذا الكيان فعلى الشعوب ان تنتفض وتوقف هذه العمالة للحكومات التي تساهم في استمرار الكيان بعدوانه على غزة وتخفف الضغط الداخلي عليه بل يجب ان تبقى أزماته متعددة بما يسهم في إجباره على ايقاف إرهابه على اهلنا في غزة وبالشروط الفلسطينية وفي هذا نصر للإنسانية جمعاء فهذا الكيان تسري في عروقه جينات القتل والاجرام وسفك الدماء وهذا ما أكدته جرائمه في مشفى الشهيد كمال عدوان حيث قامت جماعاته الارهابية بدفن الجرحى وهم أحياء ليكرر فعل أسياده في بريطانيا عندما تقدمت الدبابات البريطانية ودحلت المتظاهرين الهنود الذين يقاومون التواجد المحتل البريطاني على أراضيهم وهنا درس وعبرة لكل من يشد على اليد الصهيونية التي يجب على شعوبنا اتخاذ قرار بقطعها .
*الدكتورة حسناء نصر الحسين
باحثة في العلاقات الدولية – دمشق
الدكتورة حسناء نصر الحسين