فلسطين تقرئ صنعاء السلام
فلسطين تقرئ صنعاء السلام
إب نيوز ٥ جمادي الآخر
عبدالملك سام
البرد هذه الأيام فاقد للهوية فلا أحد يعرف من أين اتى! هو برد أوروبي ضل طريقه فجاء إلى اليمن.. برد جاف يخترق العظام فعلا، ولكن كعادتنا هذه الأيام لا نرى أي شيء إلا من خلال غزة، وأي معاناة نواجهها يتبعها نفثة حزن ثم نقول: كان الله بعون أهل غزة.
أما الظاهرة الاخرى الملفتة للنظر في هذه الأيام هي أنتشار مرض جنون البقر؛ المرض الذي أنتشر في صفوف المرتزقة لنجد أمثال طارق عفاش وغيره من اللقطاء وهم يبرزون للدفاع عن الكيان الصهيوني بينما يلبسون الشال الفلسطيني! وهو موقف شاذ لن يستطيع حتى (سيغموند فرويد) أن يكتشف نوع العلة التي يعانون منها، إلا أنها بالتأكيد مرتبطة بعقدة تعود لطفولة شاذة.
واقع الخيانة مخز جدا، ولا أعرف لماذا لا يستحي الخونة ويوفروا على أنفسهم هذا الذل والمواقف التي تبعث على الأشمئزاز وتثير السخط عليهم! كان يمكنهم أن يسكتوا على الأقل ليحفظوا ماء وجوههم المراق عند كل باب، فلماذا لم يسكتوا؟! ولكن هذا هو الجزاء العادل على الخيانة، والمفترض أنهم أصبحوا بالغين ويعرفون ما ينفعهم ويضرهم!
إسرائيل تستنجد بأمريكا، وأمريكا فيها ما يكفيها؛ فهي مشغولة بمعاركها الخاصة هنا وهناك حول العالم، ولذلك فقد رمت بالحمل على كاهل الأنظمة العميلة في المنطقة، وهذه الأنظمة بدورها لم تجد حمارا قصيرا أفضل من المرتزقة اليمنيين، فوضعت الحمل على ظهورهم، ولأنهم أمعات لا رأي ولا شرف لهم فقد حملوا هذه الفضيحة عن طيب خاطر!
معركة طوفان الأقصى الأخيرة أيضا تسببت بمزيد من المتاعب للأمريكيين، فمن جهة تراجعت شعبية أمريكا والكيان الأسرائيلي معا على المستوى العالمي، ومن ناحية أخرى أدت لأيقاف قطار “التطبيع” الذي بذلت أمريكا جهودا كبيرة لتمريره في جميع دول المنطقة لعقود مضت، وفجأة أتت هذه المعركة لتسبب تراجعا كبيرا لشعبيته حتى بات من الضروري أن تحدث معجزة لتمرير الطرح الأمريكي، خاصة و”إسرائيل” قد تصرفت برعونة كبيرة أدت إلى ما يشبه الثورة الإنسانية حول العالم ضد السياسات الأمريكية.
موقف (طارق عفاش) الأخير كان فضيحة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وقد بدا سامجا وتافها وهو يرتدي الشال الفلسطيني بينما هو يؤدي دور البواب وهو يقف ليحمي سفن الإسرائيليين، وكل من وقف بقربه يعرف تماما أنهم ما خرجوا إلا للدفاع عن الكيان الإسرائيلي، بينما الكثير من المرتزقة تحاشوا هذا الموقف ولم يخرجوا معه، ولن يغامروا بسمعتهم كما فعل عفاش؛ فهم يعرفون أن هذا يعني سقوطهم المؤكد وإلى الأبد، وأن هذا الموقف لن يمر ولا يمكن تبريره ولا تدارك تبعاته شعبيا، فحتى العاهرة يجب أن تحافظ على مستوى معين من السمعة حتى لا تداس تحت الأقدام!
في الجانب الآخر، برز الموقف اليمني بشكل غير مسبوق، وهو نصر سياسي مستحق، وكما أن القضية الفلسطينية رافعة خافضة، فقد أرتفع شأن حكومة صنعاء بينما أنخفضت شعبية الأنظمة المتواطئة والعميلة، وهذا ما سيؤدي في آخر الأمر إلى أن تفرض صنعاء ارادتها في جميع ملفات المفاوضات القادمة، بينما سيكون موقف العملاء بالغ السوء على المستويين الشعبي والسياسي.. والعاقبة للمتقين.