صديقي والكلام الفاحش!
صديقي والكلام الفاحش!
إب نيوز ٢٣ جمادي الآخر
عبدالملك سام –
قال صديقي بأنني أفرطت في الحديث عن الجانب الأستخباراتي في مقالي السابق؛ فما شأننا نحن بهذا الكلام المعقد؟! هناك مواضيع لابد أن تترك للمتخصصين، وهناك كلام لا يجب أن يقال إلا في أماكن مغلقة، ولقد عد هذا الصديق كلامي من ضمن الكلام “الفاحش” فقط لأنه لم يرد أن يستوعبه! ولكم أضحكني كلامه الذي جعلني أشفق على نفسي لأنني حاولت جاهدا أن أختصر الكلام حتى ضاع الشيء الكثير من قيمته حتى لا يشعر القارئ بالملل!
الحديث طبعا ذو شجون، ولكن بأعتقادي الشخصي أنه يجب أن نمتلك جميعا الحد الأدنى من المعلومات التي تفيدنا في حياتنا، وهل هناك ما هو أهم من الصراع مع أعدائنا؟! فما بالك بعدو لا يقبل بأي تفاهم أو صلح أو منطق، ويسعى جاهدا لأن يدفنك حيا؟! الأمر لا يحتاج لمختصين لتفكر كيف تنجو بحياتك، والوعي بأساليب عدوك من أهم ما يجب أن تفعله حتى تتقي شره، ولا ضرر هناك بأن تتطلع وتعرف وتعي ما يحاك لك في الخفاء، وإلا فما فائدة القراءة والمعرفة؟ بالطبع ستكون الكتابة عن الطقس والموضة وأنواع المأكولات أسهل وأكثر فائدة لأي كاتب، وعدد المتابعين لهذه الألوان أكبر، ولكن كم تكون الكتابة عن طريقة تحضير فطيرة التفاح سخيفة عندما تتعرض لغارة وتصاب فيها بجروح؟! عندها ستكون معلومات عن الأسعافات الأولية أكثر قيمة.
الوعي الجمعي يتشكل من خلال عدة اساليب، ومن أهم هذه الأساليب الإعلام، خاصة في هذا الزمن الذي باتت فيه الفوضى الإعلامية من أهم سماته، ونحن – كما قال أحدهم – لسنا سوى ما نأكل أو نقرأ.. دعني أضرب لك مثالا لتقريب الصورة أكثر، فمثلا نواجه في أيام الشتاء أحيانا وفيات مفاجئة لأشخاص عمرهم صغير، وأفراد عائلاتهم يجمعون أنهم لم يكونوا يشكون من أي مرض مزمن، لكن لو أنك بحثت جيدا في محتوياتهم فقد تجد دواء عاديا للسعال! هنا تجد أن معلومة طبية بسيطة مفادها أن دواء السعال إذا لم يرج جيدا قبل الأستعمال قد تؤدي الجرعات الأخيرة منه لحالة تسمم خطيرة قد تحدث فارقا لديك! هذا مثل بسيط لأهمية الوعي برأيي دون أن تكون بالضرورة متخصصا.
نحن نشغل أنفسنا كثيرا بمواضيع لا تهم، ونعتقد أنه لا ضير بأن نضحك ونتسلى لساعات طويلة، وهذا الأمر الذي يبدو بريئا يتم تربية أجيال في دول اخرى على تجنبه، أي تضييع الأوقات الذي يعتبر جريمة في حق أنفسنا وأبنائنا وبلدنا، فعلى الأقل فلنجعل لنا نصيبا من التسلية وآخر من الوعي، ونحن عندما نتحدث كيف نواجه عدو متربص يملك الدافع والوسائل لأبادتنا فيجب أن نفهم أن تضييع الوقت عندها يعتبر جريمة! الجهل أكبر وأشد الأعداء فتكا بمجتمعاتنا، وجيل الشباب في أي بلد آخر يتم إعدادهم لفهم كيف يتعاملون مع الوقت الذي يعتبر سلعة غير قابلة للتجدد إذا ما ضاعت، وإلا قل لي لماذا سنسأل في يوم الحساب عن شبابنا فيما أفنيناه؟! فهل في هذا الكلام ما يجعله “فاحشا”؟!
…
كان الخروج اليوم في مسيرة دعم الشعب الفلسطيني مشرفا ويليق بشعب الإيمان والحكمة.. فبورك حضوركم.