هجمات أمريكية بريطانية على اليمن وإعادة تصنيف أنصار الله “ارهابية” مقدمات لنصر موهوم والبحث عن خروج من مأزق غزة
إب نيوز ٦ رجب
طالب الحسني
في أواخر أيامه في البيت الامريكي ” الابيض” 2020 صنف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أنصار الله الحوثيين في اليمن كمنظمة ” إرهابية” عالمية من الدرجة الأولى ، وفي أول أيامه الاولى في البيت الامريكي نفسه أزال الرئيس الحالي جوبايدن الحركة من قوائم التصنيف.
في الحالتين الأولى والثانية ، التصنيف ورفعه ، لم يتغير رد الحركة واعتبرته تخبطا أمريكيا لا قيمة له ولا تأثير إضافي فما حصل على اليمن من حرب وحصار مدعوم أمريكيا وبريطانيا يتجاوز التصنيف بمراحل ، فضلا عن أن التعاطي مع هذا التوصيف باعتباره تهديدا وورقة ضغط خطأ فادح وتمكين للولايات المتحدة في تضخيم هيمنتها على المنطقة ، وللحركة فلسفة سياسية وفكرية كبيرة سردها السيد حسين بدر الدين الحوثي مؤسس حركة أنصار الله ، إنطلاقا من الغزو الأمريكي لافغانستان باستخدام ذريعة هجمات 11سبتمبر 2001.
لست بصدد الكتابة حول ذلك لكنه مدخل مهم لفهم كيف تتعاطى الحركة الثورية مع هذا الملف وماهي تداعيات إعادة ادارة بايدن تصنيف الحركة كمنظمة “إرهابية” عالمية، ولماذا يختلف التصنيف ليصبح لصالح الحركة هذه المرة وأكثر ضررا للولايات المتحدة الأمريكية؟
بعد الإعلان الأمريكي عن إعادة التصنيف بساعات محدودة أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية استهداف سفينة أمريكية في خليج عدن، وهو رد عسكري عنيف ليس فقط على التصنيف بل على الهدف الأمريكي البريطاني من التصنيف وهو دفع صنعاء لوقف العمليات العسكرية البحرية اليمنية ضد السفن الاسرائيلية والتي تبحر نحو موانئ العدو الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية المحتلة وكان كبير المفاوضين اليمنيين ، محمد عبدالسلام أكد قبل ذلك أن الاستجابة للضغط الأمريكي البريطاني لوقف المساندة اليمنية لغزة ليست واردة كيفما كان مستوى السلوك الأمريكي بما في ذلك الهجمات العسكرية الثنائية التي تنفذها واشنطن ولندن ضد اليمن.
هذا التصلب اليمني يتجاوز المساندة لغزة والإضرار بالعدو الاسرائيلي اقتصاديا واستراتيجيا إلى تقويض الهيمنة وقوة الردع الغربية في واحدة من أخطر ساحات الصراع كمنطقة البحر الأحمر والعربي وممر باب المندب الاستراتيجي، فواشنطن ولندن لم تفلحان رغم الترسانة العسكرية وحاملات الطائرات والسفن العسكرية ، بالاضافة إلى القواعد العسكرية الممتدة في الضفة الافريقية للبحر الأحمر من جيبوتي وارتيريا وصولا إلى الصومال ، في حماية سفينة إسرائيلية واحدة ، بل تحولت السفن العسكرية الأمريكية والبريطانية إلى اهداف للقوات المسلحة اليمنية وهذه سابقة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.
بات من المؤكد أن ادارة بايدن في البيت الابيض وحكومة ريشي سوناك في داووننغ 10 في ورطة أكبر مما تصورا حتى مع شن جولة رابعة من الهجمات الجوية والبحرية على المدن اليمنية بهدف إضعاف القدرات العسكرية لليمن ، فليس من المؤكد أن الضربات تحقق النتائج المرجوة أمريكيا وبريطانيا واسرائليا ، والسيناريوهات بما في ذلك دعم قوى محلية تتحرك على الأرض ستكون طويلة المدى قليلة التأثير ، في وقت تتوسع المواجهات في البحر الأحمر وتداعيات ذلك ستمتد إلى كل المنطقة وهو ما لا تريده واشنطن وحتى لو ارادت ذلك فنتائجه وخيمة.
نعود إلى التصنيف من الدرجة الثانية باعتباره ورقة أمريكية رميت على طاولة صنعاء لمدة شهر وكمبرر للهجمات التي من الواضح أنها ستجري طوال هذه الفترة وقد بدأت بالفعل فجر اليوم ، لكن وبما أن العمليات اليمنية مرتبطة بغزة فهذا أيضا جيد لواشنطن اذا بدأت بالفعل وضع سيناريو لإخراج العدو الاسرائيلي من مأزقه في غزة ، ولربما أن جولة بلينكن والخلاف الامريكي الاسرائيلي والبحث عن اسقاط نتنياهو مؤشرات لمعالجة الازمة هناك وبالتالي الخروج من الورطة المفتوحة في البحر الأحمر مع حفظ ماء الوجه قليلا ريثما تجري ترتيبات مستقبلية للتعامل مع اليمن كتهديد قوي ومؤثر ولاعب اقليمي ولا يزال بعد في قلب الحرب والحصار منذ 10 سنوات.
ما نشرته BNC بشأن الجدل بين نتنياهو ادارة بايدن ويتعلق بالقناعة الأمريكية أن حماس لن تهزم عسكريا وان الحرب التي تجاوزت 100 يوم لا تسير في هذا الاتجاه وبالتالي حتمية فتح نقاش اليوم التالي ” بعد غزة ” والاصح اليوم التالي بعد الهزيمة الاسرائيلية ، مع تشبيك ذلك بالتصور الأمريكي ادارة جديدة للكيان ، العمل على اعتراف موهوم بقيام دولة فلسطينية ، اعتراف عربي وتطبيع مع اسرائيل ، فإن هذا المخرج قسري لتجنب ما هو اسوأ اذا حصل ذلك، وتوقفت العمليات العسكرية اليمنية في البحر الاحمر بفعل توقف الحرب والحصار على غزة وليس بفعل السلوك والهجمات الامريكية البريطانية وان كانت متزامنة ، فمن المرجح ان يزيل البيت الأبيض مرة اخرى التصنيف وقد قالوا ذلك وكرروه ثلاث مرات ، سلوفان ، كيربي ، بلينكن وكما قلت سابقا أن التصنيف وعدمه ليست ذات جدوى بالنسبة لحركة أنصار الله خاصة أن التصنيف هذه المرة مرتبط بفلسطين وهو يختلف عن التصنيف في العام 2020 الذي كان مرتبط بالهجمات اليمنية على السعودية والامارات ردا على العدوان والحصار ، وهذا الفارق جوهري ومهم ، فإن الازالة مرة ثانية ستكون ضرورية للعودة إلى مسار المفاوضات بين صنعاء والتحالف .
صحيح أن ذلك لن يحدث سريعا ولكنه طريق إجباري يتوافق مع رغبة السعودية في الخروج من الحرب .
هذه الطرق الملتوية تحدث للبحث عن ثلاث نتائج متزامنة الخروج من مأزق غزة بانجاز موهوم ونفخ بالونة سلطة فلسطينية وتطبيع عربي إغلاق ورطة البحر الأحمر بحفاظ موهوم على الردع والهيمنية الغربية عبر هذه الهجمات والتصنيف ايقاف توسع الصراع في الشرق الأوسط والمنطقة طالما النتيجة ستكون لصالح قوى المقاومة