أحن إلى خبز أمي

أحن إلى خبز أمي

إب نيوز ٢٠ رجب

محمد صالح حاتم.

وأنا أقرأ قصيدة شاعر المقاومة الفلسطينية الشاعر محمود درويش، «إلى أمي»   والتي قال فيها:

أحن إلى خبز أمي

وقهوة أمي

ولمسة أمي

وتكبر فيَّ الطفولة

يوما على صدر يوم

وأعشق عمري لأني

إذا مت

أخجل من دمع أمي!

إلى نهاية القصيدة.

والتي تعد واحدة من مئات القصائد التي نظمها الشاعر درويش، في مسيرته الشعرية، والتي نال الوطن والأرض ومقاومة المحتل نصيب الأسد من شعره، واشتهر بشاعر المقاومة.

 لكنها بالنسبة لي جعلتني أقف معها كثيرا، واحللها، واقرائها، مرات، ومرات، لما فيها، من معان، ولرسالتها الكبيرة، التي تحويها ألفاظها،

فالشاعر، كتب القصيدة وهو خلف قضبان سجن الاحتلال الإسرائيلي في العام 1965م، عندما زارته أمه وهي تحمل معها الخبز، والقهوة، ولما راء محمود درويش والدته وإصرارها على إدخال الخبز والقهوة إلى ولدها، شعر بالندم والأسى، لسوء ظنه بها، عندما كان يظن أن والدته لا تحبه ، وتفضل عليه إخوته، فاختار عنوان القصيدة «إلى أمي»، وعبر عن حنينه وشوقه إلى خبز أمه وقهوتها ، وقدمها كاعتذار لها عن سوء الظن بها، فكان اختيار الخبز لارتباطه بالأرض، وهو تعبير عن حنينه للعودة إلى وطنه إلى تراب فلسطين، والقهوة دليل الاستقرار والهدوء الذي يحلم به كل مواطن فلسطيني، أن يعيش على تراب وطنه أمن مستقر.

بل لقد جعلتني تلك الكلمات أتذكر الزمان الجميل، والحياة الهدئة التي كنا نعيشها في القرية، أيام الطفولة، والشباب، قبل أن تأتي المشاكل والحزبية، وتفرق أبناء المجتمع، بل جعلتني أحن فعلا إلى خبز أمي المصنوع من الحبوب المحلية، الذرة، والشعير، والبر البلدي، وتذكرت كيف كان الناس يزرعون أرضهم ويأكلون خيراتها، ولكن مع الأيام تحول الناس إلى الاعتماد على القمح المستورد، وتركوا أرضهم، وهجروا قراهم. وهنا الكارثة التي حلّت بمجتمعاتنا.

لنعود إلى قصيدة «إلى أمي» وشاعرها درويش، والذي ناضل وكافح بالكلمة، ضد الاحتلال الاسرائيلي،والذي اصبح هذا الاحتلال يعيش حاليا ً أضعف أيامه، والتي أوشكت على الأفول، مع معركة طوفان الأقصى، التي ألحقت هزيمة، منكرة بالكيان الغاصب، وكبدته خسائر في الأرواح والعتاد لم يخسرها طيلة الخمسة والسبعين عاما الماضية منذ أن أعلن عن قيامه في عام 1948م.

فما أجمل أن نعود ونحنُّ إلى ماضينا الجميل، ونستعيد الذكريات الجميلة، وأن نقاوم المحتل الغاصب، وأن يستمر طوفان الأقصى حتى تحرير كل شبر من تراب فلسطين، وتتحقق أماني واحلام محمود درويش، وكل المقاومين الأحرار حين قال في قصيدته هذه:

فردي نجوم الطفولة

حتى أشارك

صغار العصافير

درب الرجوع

لعش انتظارك!

You might also like