ما نبالي ما نبالي!
ما نبالي ما نبالي!
إب نيوز ٢٦ رجب
بقلم : سند الصيادي
نقلت إحدى قنوات التلفزة الأمريكية مشهداً من التظاهرات المليونية المساندة للشعب الفلسطيني في العاصمة صنعاء، كانوا يهتفون بصوت واحد “ما نبالي ما نبالي.. واجعلوها حرب كبرى عالمية”، في تعبيرٍ عن موقفهم من الضربات الأمريكية البريطانية التي استهدفت الليلة السابقة العاصمة صنعاء وعدداً من المحافظات.
وقفت المذيعة أمام هذه الكلمات المترجمة للإنجليزية، وكان على ملامحها الدهشة والانبهار إلى ما تعنيه هذه الهتافات من شجاعة وجاهزية للمواجهة.
وبعيدًا عن ردة الفعل التي بدت على المذيعة الأمريكية، فقد كان مشهدُ الحشود مهيباً لم تستطع العدسات أن تختزله في صورةٍ واحدة، وكان هذا الهتاف قيمة مضافة للصورة، وكلاهما -الصوت والصورة- لخصا المشهد الراهن في اليمن، وبتأمل عميق ظهر في ملامحه المأزق الذي وضع اللوبي الصهيوني أمريكا وبريطانيا فيه بعدوانهما على هذا الشعب.
وبالعودة قليلًا إلى الوراء، فَــإنَّ اليمن الذي انخرط رسميًّا وَشعبيًّا في معركة “طُـوفان الأقصى” دون بقية شعوب وَأنظمة المنطقة العربية والإسلامية، هو الشعب الأكثر معاناةً وَتعرضاً للخذلان، ولم يتعافَ بعد تكوينه الاجتماعي والجغرافي من جروح أحدثتها حروب طاحنة استمرت تسع سنوات، ولا يزال يتعرض لعدوان شامل شنه تحالفٌ دوليٌّ بقيادة أمريكا وبريطانيا بتنفيذ أدوات إقليمية بقيادة الإمارات والسعوديّة.
وفي هذه التفاصيل يمكن أن نقرأ بشكل أوسع أسباب الدهشة التي تعتري العالم أجمع نتيجةً لحجم العزم والصبر والكفاح الذي يحيط بهذا الشعب، ومن تفاصيله أَيْـضاً يمكن استنباط الخلفيات التي دفعت إلى العدوان عليه، وكذلك الدوافع التي قادته إلى الساحات بالملايين وَلا تزال.
لطالما كان الانحياز الصادق والعملي إلى جانب قضايا الأُمَّــة الكبرى وفي مقدمتها القضية الفلسطينية هو عنواناً جامعاً لكل اليمنيين، بقدر ما هو مصدرٌ لاستمرار مؤامرات الأعداء ضدهم، وكلما حاول الأعداء إطفاء هذه النزعة، زاد هذا الشعب وعياً وتمسكاً بها، برسم المنهجية القرآنية الصحيحة وَبتوافر القيادة المؤمنة وَالمحنكة والشجاعة.
تجاوز الشعب اليمني حالة الخوف والرهبة مما تملكه القوى الكبرى من عدةٍ وعتاد، وبات يلمس ويعيش انهيار هذه القوى أمام سلاح الإيمَـان والصبر والصمود؛ فلم يعد يبالي بهذه التحالفات على اختلاف مسمياتها وَما تقوم به من قتل ودمار.
في كُـلّ منعطف يقدم اليمن دروساً للأُمَّـة ولكل الأحرار في العالم، يرشدهم إلى طريق الانعتاق والخلاص، كما يضع أمامهم فاتورة الكلفة، مهما كانت تبدو باهظة، فَــإنَّها لا تقارن بكلفة الصمت والارتهان