مع الحق.. من الولادة حتى الشهادة
إب نيوز ٢٧ رجب
عبدالملك سام
إن من دواعي الفخر أن يضعك الآخرون في خانة مع الحق والخير، أو أن يطلق عليك البعض لقباً يرتبط بشخص صادق شريف كريم، وشهيد.. بالفعل، إن أكبر نكبة قد تصيب أمة من الأمم هي عندما تخسر عظمائها؛ فهؤلاء الذين يتكلمون عندما يصمت الآخرين عن قول الحق خوفاً، لجديرون بأن نفخر بأن نكون معهم. بل أن من يجب أن يشعر بالخزي والعار هو من صمت في الوقت الذي كان يجب أن يتكلم فيه، والأكثر عاراً هو من يظل صامتاً في الوقت الذي لم يعد فيه داعي لخوفه سوى أنه بات يستحب الضلالة على الهدى!
عبر التاريخ، رأينا الأنبياء والمصلحين الأقلية، وهم أيضاً أكثر الناس معاناة وصبرا، كما رأينا مواقف الظالمين ضد الحق وأهله، ومواقف الصمت والخذلان وهم أكثرية، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ الجميع ماتوا بعد أن حجز كل واحد منهم مكانا له في النعيم أو الجحيم! ولكن أبرز النتائج في هذه الحياة كانت أن أهل الحق تظل ذكراهم باعثاً على الفخر، بينما الطرف الآخر (الأشرار والساكتون) ذهبوا إلى مزبلة التاريخ، ومن ظل له ذكر منهم فقد أرتبط ذكره ملطخا بالعار والخسران.
من أكبر العبر التي تحدث اليوم في بلدنا أن يذكر رجل صالح كالسيد حسين بدر الدين الحوثي بعد إستشهاده بعقدين، وأن يبدأ الناس في مناطق وبلاد أخرى يشعرون بالفضول لمعرفة فكره الذي أحدث تغييرا كبيرا في واقع أمته، وأن يروا ما بشر به وهو يعيش في ظروف صعبة كان يواجهها وقد صار واقعاً مؤكداً.. الناس تتلهف لمعرفة ماذا قال، ولماذا قوتل وحورب، ولماذا أجتمع الأشرار عليه من كل صوب، وكيف أنتصرت قضيته بعد مرور كل هذه السنين؟!
حسب قانون نيوتن الثالث، فإن: “لكل فعل ردة فعل تساويه في المقدار، وتعاكسه في الإتجاه”، ومنذ بداية تحرك السيد حسين كانت ردة الفعل البشعة العنيفة شهادة لقوة منهجه وصدقه، ولذلك رأينا أن الشياطين الذين وقفوا ضده قد أزهقوا أنفسهم منذ أول موقف، ومع توالي المواجهات كنا نرى موقفهم يزداد سوءاً أكثر فأكثر، وكلما أصروا على مواجهته أزدات ورطتهم رغم أنهم كانوا في وضع يستحيل معه أن تتخيل بأن مثل هؤلاء سينهزمون، أو أن نهايتهم ستكون بهذا الشكل المخزي.
هناك من سيقول بأن بعض الأشرار لا يزالون يحظون بشعبية لدى الكثير من الناس، وأنا اقول لهؤلاء أن هذا صحيح، ولكن الأمور بخواتيمها كما يقال، ولو كنا نضع اعتباراً لهذا المقياس لوجدنا أن أكثر المخلوقات شعبية هو “أبليس” نفسه الذي وصل أتباعه لدرجة العبادة له، ويسيطرون على أموال وأنظمة وشعوب بأكملها، وهم كثر بالمناسبة. نحن نتحدث عن الأثر لهؤلاء، فبرحيلهم أنتهى فكرهم، هذا إن كان لهم فكر أصلاً.. ثم أننا يجب أن نرى أثر هؤلاء على أتباعهم الذين تحولوا إلى خونة وعملاء وسفلة ولصوص يشعر بالعار كل من مشى معهم، بل لو قلت لأحدهم أنه سيحشر معهم لثار عليك، والأمر صار واضحا للجميع.
تظل ميزة فكرة الحق في ثباتها وأثرها، وأنها تتخطى حدود القومية والجغرافيا والزمن، ولذلك نجد هذه الفكرة تنبت خيرا حيثما حلت، ليجد فيها من يبحث عن الحق والخير ظالته المنشودة، فتمثل حلاً للمشاكل التي تنتج عن الظلم والباطل.. منهج الحق يظل ملازما للحق أينما وجد، ولذلك ليس غريبا أن نراه يقف مع مظلوميات الشعوب المضطهدة التي أرهقها الظلم والقهر، بينما نرى أهل الباطل لا يمكن أن يقفوا مع حقوق الآخرين، بل أن موقفهم مخز دوماً ويقف ضد حقوق الناس!
يبقى أن نؤكد على حقيقتين مؤكدتين: الأولى أن الحق يزهق الباطل دوماً، حتى وإن كابر أهل الباطل وبذلوا كل ما بأيديهم من شر ومال وجهد.. أما الحقيقة الثابتة الثانية فهي حقيقة الأستبدال، فحتى لو لم تتحرك أنت مع الحق وتنصره فإن الحق سيجد غيرك ليتحرك معه حتى وإن كان في الطرف الآخر من الكرة الأرضية، وسينتصر هؤلاء بالحق الذي فرطت به أنت، والعاقبة ستكون أن ينتصر هو بينما لا تنال أنت سوى الخزي والخسارة في الدنيا قبل الآخرة، فالعاقبة للمتقين دائما وأبداً.
ختاما.. السلام على أهل الحق من الأنبياء والمرسلين والصالحين، والسلام على الشهيد القائد ورحمة من الله وبركات.. نسأل الله أن يبصرنا، وأن ينصر الحق وأهله، وأن يخزي الباطل وحزبه، وأن يوفقنا للخير أبداً ما أحيانا لنفوز برضاه والجنة، وألا يجعلنا من أتباع الظالمين والمجرمين حتى لا نحشر معهم يوم يتبرأ الإنسان منهم ويتمنى أن يكون بينه وبينهم بعد المشرقين.. الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام.