قاطع .. قاطعي .. قاطعوا !
قاطع .. قاطعي .. قاطعوا !
إب نيوز ٣ شعبان
عبدالملك سام
كان الصباح في أوله، ورغم هذا كنت أجد الخطى حتى ألحق بموعدي، ولم يفوتني وأنا أمشي بسرعة أن ألاحظ أن اليمنيين تحولوا إلى صينيين بعيونهم الضيقة، أو هنود بعيونهم الواسعة؛ فالذين تحولوا إلى صينيين هم من شبعوا نوماً حتى أنتفخت عيونهم، بينما الذين يشبهون الهنود فهم من لم يناموا بعد لسبب أطار النوم من عيونهم فأتسعت! ومر بقربي (هندي) وهو يقول بصوت مسموع: ألف.. ألفين وخمسمائة…..، فعرفت أنه لا يحاول أن يستعرض مهاراته بالعد، بل أنه سهران بسبب الديون التي قيضت مضجعه فلم يستطيع النوم كمعظم اليمنيين!
هذا المواطن المديون ذكرني بمقولة للكاتب الروسي (دوستويفسكي)، حين قال: “أنا لا اعيش يومي، أنا أنجو منه فقط”، ويبدو أن العدوى أصابتني بدوري، فبدأت أردد بصوت مسموع: ألف.. عشرة الآف.. خمسون ألفاً….! وتسائلت حينها عما جعل الحياة صعبة إلى هذه الدرجة؟! الحصار سبب، ونقل البنك سبب أيضاً، لكن كما قيل لنا فإننا ما نزال نملك بنكاً في عدن، فلماذا لا يصرف هذا البنك مرتبات كل اليمنيين كما كان يفعل البنك المركزي في صنعاء من قبل؟!
الحقيقة أنه لولا الخونة لكانت الأوضاع ما تزال تحتمل، ولكن البعض أصر على أن يكون جزءاً من الإجرام الذي تمارسه دول العدوان بحق الشعب اليمني، فتحول إلى متآمر على قوت الناس خدمة للمحتلين، وكلما فكرت أن هؤلاء يمكن أن يأتي يوم ينهزمون فيه فيهرولون طلباً للعفو أشعر بغصة؛ فهؤلاء لا يمكن بحال أن نعتبرهم يمنيين ممن يمكن أن يستحقوا العفو؛ فهؤلاء قد أستلموا الثمن وبذلوا جهداً كبيراً ليقتلونا جوعاً كلنا، في الشمال والجنوب، فما هو عذر من سيأتي ليطلب لهم العفو؟!
تذكرت بأنني بكيت ليلة أمس.. بكيت عندما رأيت أطفال غزة وهم يتضورون جوعاً، وبعضهم كان يستجدي من أجل قطرة ماء! هم أيضاً يعانون بسبب بعض الخونة العرب الذين يحاولون أن يقتلوهم جوعاً وعطشاً.. على الأقل نحن لدينا أرض لنزرعها، وآبار لنشرب منها، أما هم فقد طوقتهم الخيانة من كل الجهات، وأما الشعوب العربية فظلت تتفرج عليهم في إنتظار (اللاشيء) الذي لم يأتي، وربما في أنتظار أن يموت أهل غزة حتى تستريح هذه الشعوب من تأنيب الضمير الذي تعانيه عندما ترى المشاهد التي تأتينا من فلسطين!
المقاطعة الاقتصادية – كأقل واجب – سلاح بأيدي الشعوب، ولكن حتى الآن فالبعض منا لم يقاطع منتجات الصهاينة رغم أنه يرى ماذا يفعلون بأهلنا في فلسطين! لو أستخدمنا هذا السلاح فقط لكان هذا العمل قد أرغم الأمريكيين على وقف المجازر وفك الحصار.. هناك من يتحجج بأن هذا العمل لن يؤثر إلا لو شاركت الحكومات فيه، وطالما نحن نعرف واقع هذه الحكومات المتواطئة، فماذا ننتظر!
يجب ألا نكتفي بمقاطعة المنتجات، بل يمكننا أيضاً أن نقاطع الدولار الأمريكي، وأن نستبدله باليوان الصيني طالما ومعظم ما نشتريه يأتينا من هناك، أو على الأقل نقلل من إستخدامه، وهذا بجانب أنه سيؤدي لإنخفاض سعره، سيدفع الأمريكيين ليهرولوا لإيقاف إسرائيل بالقوة؛ فهم عبدة للمال، ولا يمزحون فيما يضر بإقتصادهم.. هل تتخيلون ماذا سنحقق لو فعلنا هذا؟!
قاطع منتجات المجرمين، وقاطع الإعلام الذي يروج لهم، وقاطع العملة التي تدعمهم.. قاطع حتى لا تكون شريكاً في الجريمة.. قاطع، قاطعي، قاطعوا.. منتجات وإعلام وعملة الأعداء..