أنت طيب
أنت طيب
إب نيوز ٨ شوال
عبدالملك سام –
[ لقطة من فيلم: ]
ـ هي: أنت طيب.
= هو: وهل هذا الأمر جيد أم سيء؟!.
قد يبدو هذا السؤال ساذجاً وبلا معنى، ولكن بالتدقيق في تفاصيله سنكتشف أنه يحمل بعداً فلسفياً لم يقصد أثارته المؤلف أو المخرج، ولكن تم إدراجه في الفيلم من باب اضفاء بعد “رومانسي” لجذب المشاهدين لا أكثر!، ولكن بشيء من التأني سنجد أن الإجابة معقدة تختلف بأختلاف رؤية كل واحد منا؛ لنطفئ التلفاز أولاً، ودعوني أوضح لكم ما علاقة الموضوع بفلسطين.
هل الطيبة جيدة أم سيئة؟! هناك من سيثور ليؤكد أنها أمر جيد (بالتأكيد)، وهناك من سيقول أن الطيبة الزائدة (أحياناً) تكون سيئة، وهناك من سيقول أنها أمر سيء (بالمطلق)، وهذا الأخير – اليائس – من سنتكلم عليه لاحقاً.. ولكن كما نرى فإن كل شخص منا له رأيه الذي يبنيه بحسب تجاربه وخلفياته وطريقة تفكيره، وهنا فقط سندرك أن السؤال الذي جاء في المشهد ليس ساذجاً كما قد يعتقد البعض، بل أن الإجابة عنه قد تختلف من شخص لآخر!.
ها قد علت الأصوات كالعادة، ونحن معشر اليمنيون بشكل خاص أكبر تجسيد لما قاله الله في سورة الكهف: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}.. ولو أنكم صبرتم علي قليلا لكنت وضحت لكم مقصدي، فأنا لا أريد أن أتفلسف بقدر ما قصدت أن أوضح لكم أن هذا السؤال هو ما جعل الكثيرين منا يتحولون إلى منافقين ومرتزقة!! فالطيبة بمعناها المطلق أمر جيد لا جدال فيه، ولكن من قال أن جميع البشر يختارون الأمر الجيد دوماً؟! لو كان الأمر كذلك لكنا نعيش في الجنة منذ الآن!.
المنافق مدفوعاً بحقده، والمرتزق مدفوعاً بجشعه، وكلاهما يرفض الصبر، ويدرك أن الموقف الصحيح والطيب هو في الوقوف مع فلسطين، ومع أمتهم وشعبهم، ومع الحق. لكنهم -كما قلنا- يملكون دوافع سيئة لأتخاذ مواقف مغايرة، حتى لو كان ذلك على حساب أمور أخرى أهم وأكبر! هو يرى الطيبة خسارة، ولأن دوافعه خبيثة يبدأ بأقناع نفسه، أو بمعاونة الخبثاء، بأن موقفه الخبيث أفضل في نتائجه، ثم يصر على ذلك، ويتحرك بأتجاهه!.
المشكلة التي تقض عليه مضجعه تتمثل في “الضمير”؛ فهو ولد بالفطرة وقد هداه الله النجدين ليعرف الخير من الشر، وسيظل يعاني من القلق والخوف كلما رأى غيره على طريق الحق، فيفرح عندما يراهم يعانون ويتعبون، ويحزن عندما يراهم ينجحون وينجزون ويفرحون، وهو في هذا الأمر يقلب فكره حتى يتخذ قراره بالأصرار على ما هو عليه، أو بالعودة إلى طريق الخير، وهنا يأتي دور رفاق السوء والإعلام والمؤثرات التي يتحكم بها أبليس بنفسه أو عبر وكلاءه الذين يتحول من خلالهم إلى شخص طيب أو مجرم خبيث!.
لذا لا تظن أن المنافق والمرتزق لا يعرف أنك على حق، أو أن قضيتك محقة؛ يجب أن تفهم أن محاولاته المستميتة لأستمالتك بالتشكيك والشماتة والسخرية ما هي إلا محاولة ليثبت لنفسه أنه أتخذ قراراً صائباً، وإن كان على خطأ! وستظل حاله تسوء يوماً بعد آخر وصولاً حتى إلى الكفر بكل شيء كما رأينا، وقد بدأ كل هذا بموقف باطل واحد كالمقاطعة أو التبرير للباطل أو القعود عن نصرة الحق، ثم تراكم كل هذا مع الأيام ليصل إلى الدفاع عن إسرائيل علناً! خطوات واحدة تلو الأخرى، ولكنها بأتجاه طريق الشر، ولن تقود إلا إلى الخسارة حتما.. في الدنيا قبل الآخرة.
لذلك، عندما تناقش منافقاً أو مرجف، فلا تضيع وقتك في إثبات أن قضية فلسطين حق؛ فهو يعرف ذلك.. حدثه عن الجرائم، وعن الإنتصارات، وعن الخزي الذي يعيشه العملاء؛ فهذا يؤلمه.. حدثه أن من يؤمل فيهم قال الله عنهم: {أم لهم نصيب من الملك فإذاً لا يؤتون الناس نقيرا} وأنه لن يحصل منهم على شيء.. حدثه عن نتائج النفاق في الدنيا والآخرة، ثم أتركه بالمرة؛ فقد بلغته الحجة، وفكر فيما ينفعك أنت، وأشكر الله أن هداك ولم يتركك، ولأنك طيب.
…….
*إفادة: لأنك طيب لا تقلق، ولا تستوحش الطريق، ولا تتعب من التحرك؛ فالنصر قادم لا محالة بأذن الله.. الفرج قادم مهما قست الظروف، وتكالب الأشرار، وتوالت الصعاب.. الأمور تتغير، والنصر قادم.