الكتالوج
إب نيوز ١٧ شوال
عبدالملك سام
لو سألت أي شخص عن أفضل المناهج والمؤسسات التعليمية لأجابك دون تردد بأنها تلك الموجودة في أمريكا واليابان وأوروبا.. ولو سألت (جوجل) عن أين توجد أكبر نسب الألحاد والأمراض النفسية والأجتماعية لأجاب عليك بأنها تلك الموجودة في أمريكا واليابان وأوروبا! ولجمعية كارهي اللحى المزيفة أقول بأن لا يقلقوا، فالمقال ليس تكراراً لتلك المحاضرات والكتب الوهابية العقيمة، والتي لم تؤدي سوى إلى زيادة الجهل والمشاكل والأزمات.
من برأيه أنها مشكلة روحية فليرفع يده.. حسناً، ولكن المسألة ليست روحية أيضاً، فالروح من أمر ربي! وسواء كنا نتحدث عن التعليم أو القيم وما يرتبط بها من نتائج اقتصادية أو اجتماعية تتعلق بموضوع آخر.. “الكتالوج”.. تخيل أن يحاول أي شخص أن يشغل جهاز أو الآت مجرباً كل الطرق إلا تعليمات التشغيل التي أرفقها المصنع مع الجهاز! هل برأيك هذا طبيعي؟ أم أنه كان حري به أن يراسل المصنع مباشرة ليبعث له نسخة من أرشادات التشغيل؟!
المشكلة التي واجهتنا أن هناك من أدعى أنه خبير مرسل من المُصنع، ثم أعطانا تعليمات خاطئة لتشغيل الجهاز، فكان من الطبيعي أن نجد أن الجهاز لم يعمل بشكل جيد، وعندها كان من الطبيعي أن نجد الناس يعزفون عن شراء هذا الجهاز الفاشل.. ولكن ماذا سيكون الحال لو أن هذا الجهاز ضروري كجهاز تنظيم ضربات القلب؟! لحظتها ستجد الناس تبحث عن “كاتلوج” آخر يعطي تعليمات صحيحة، او سيتواصلون بالمصنع مباشرة ليجدوا خبيراً حقيقياً ليوضح لهم كيف يشغلون الجهاز.
أظن أن الفكرة وصلت، وهؤلاء الخبراء المزيفون ما هم إلا علماء السوء الذين حاولوا أحتكار الدين بعلمهم الفاسد، وكان من الطبيعي أن نجد أن النتائج الكارثية التي وصلنا إليها من التردي في جميع المجالات، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وحتى دفع اليأس بالبعض ليقنع نفسه بأن الجهاز وجد بدون مصنع، وأنه جاء من تلقاء نفسه، وهو ما نسميه “الألحاد” سواء كان معلناً أو مخفي!
لا يجب أن نسمح لهؤلاء (الخبراء) أن يتردوا بنا أكثر، خاصة وقد صدقناهم واتبعناهم لقرون، وكانت النتيجة الماثلة أمامنا اليوم من تردي تمثل في الفقر والجهل وأنتشار الآفات الاجتماعية والتشرذم، وصولاً للتقاتل وأنتشار الظلم والفساد وحفلات المجون وأنتشار الألحاد والضعف والهوان، وها نحن نرى كيف يعتدى على مقدساتنا وأمتنا وغالبيتنا عاجزين عن نصرتهم وكأننا أمة مستضعفة قليلة العدد ولا تمتلك أي موارد! بل والأنكى أن هؤلاء (الخبراء) لم يسكتوا بعد، بل أنطلقوا لتأييد الباطل، وتبرير الخنوع، والتبرؤ من المظلومين!! والألعن من ذلك أن هناك من لا يزال يصدقهم!؟!
بالعلم والمعرفة يمكن أن نحصن الأجيال القادمة، وفي العالم يتجه البشر لدراسة النظريات والتوجهات والعقائد المختلفة، بينما نجد أن هناك فئة كبيرة منا ترفض البحث أو التغيير بدافع اليأس، وترنوا لإيجاد الحلول لدى مجتمعات تعاني هي أيضاً من تبعات هذه المشكلة! لدينا نبع صاف يتمثل بالعودة إلى أسباب القوة، ومرتبط بمن لديه الحل لكل مشاكلنا، ونحن بمجرد أن فكرنا أن نعود إليه تحققت نتائج مذهلة حصنتنا من السقوط النهائي الذي أرُيد لنا، ووجدنا أنفسنا محل أعجاب وفضول من حولنا، فكيف لو أكملنا هذه الطريق الذي أبعدتنا عن التيه والضنك؟!
فكما قال خالقنا سبحانه: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وكما قال النبي (ص): “أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد”، وكما قال الإمام علي (ع): “علموا أولادكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم”.. والنظام التعليمي الصحيح الذي نراه اليوم ما يزال في بدايته، ورغم هذا نرى نتائجه الجيدة رغم الظروف الصعبة التي يعمل في ظلها، وعلى الأقل يجب أن نتحرك لأنجاحه لما لنتائجه من أهمية كبرى في واقعنا، وللمترددين والمشككين نقول بأنه على الأقل لن يحصل لأبنائنا أسواء مما حصل معنا، فنحن وصلنا إلى القاع، فماذا نتتظر؟!
….
*ملاحظة لابد منها: كم من المفرح والمبهج أن تشاهد تعليقات أهلنا المظلومين في غزة وفلسطين على مسيراتنا المليونية المتواصلة الداعمة لهم.. هم يشعرون أن هناك من لم يخذلهم بعد، ونحن يكفينا هذا الموقف البسيط وغير المكلف أمام الله وأمامهم، بل يكفينا حتى أن نزعج الأوغاد والمجرمين الذين يتضايقون من موقفنا.. فلا يتخلف أحد منا كتب الله أجور الجميع