عطوان: لماذا لا نثق ولا نحترم قرارات محكمة العدل الدولية ونجزم بأن المجاهدين السنوار والضيف لن يقلقا مطلقا من قرارها بإعتقالهما؟ وكيف فضح هذا القرار النفاق الأمريكي والعدالة الدولية “العوراء”؟
إب نيوز ١٣ ذو القعدة
عبد الباري عطوان:
لماذا لا نثق ولا نحترم قرارات محكمة العدل الدولية ونجزم بأن المجاهدين السنوار والضيف لن يقلقا مطلقا من قرارها بإعتقالهما؟ وكيف فضح هذا القرار النفاق الأمريكي والعدالة الدولية “العوراء”؟ وهل ستكون محاكمة نتنياهو والقصاص منه وجنرالاته على أيدي قضاة محكمة المقاومة الثورية الوشيكة؟
لم نثق كفلسطينيين وعرب ومسلمين في أي يوم من الايام بالمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، لان القاسم المشترك فيها هو العداء لنا والوقوف في خندق الأعداء، وعلى رأسهم دولة الاحتلال الإسرائيلي، والولايات المتحدة الامريكية الداعم الأكبر له ومجازره في حق أهلنا في فلسطين المحتلة، ولهذا لا يجب ان نعير أي اهتمام جدي لإصدار السيد كريم خان المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية أوامر بإعتقال بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير حربه يواف غالانت، علاوة على ثلاثة من قادة حركة “حماس” هم المجاهدون إسماعيل هنية رئيس مكتبها السياسي، ويحيى السنوار قائدها في قطاع غزة، والجنرال محمد الضيف رئيس كتائب القسام جناحها العسكري، والتهمة للجميع ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.
هذه المحكمة التي تسيطر الولايات المتحدة على قراراتها دون ان تكون عضوا فيها (هناك 124 دولة عضو) تساوي بين الضحية، أي المقاومة الفلسطينية والجلاد الإسرائيلي، والأخطر من ذلك عدم ادانة الجلاد بإرتكاب حرب إبادة وتطهير عرقي (اعدام 35 ألف معظمهم من الأطفال والنساء)، وتهجير قسري لأكثر من مليونين، وتدمير ما يزيد عن 95 بالمئة من مباني ومنازل القطاع بما في ذلك المستشفيات والمدارس.
***
نتنياهو إتهم المحكمة بمعاداة السامية، وهاجم المدعي العام السيد خان، والشيء نفسه فعلته الولايات المتحدة الراعية الأساسية لكيانه العنصري، والمشاركة المباشرة في حرب الإبادة التي يرتكبها في قطاع غزة، من خلال تزويده، أي الكيان وجيشه، بالقنابل والصواريخ، والطائرات الحديثة، علاوة على الفين من جنودها.
الولايات المتحدة التي مجّدت المحكمة ومدعيها العام عندما أصدر اتهاما مماثلا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وطالبت بإعتقاله فورا، ادانت هذه المحكمة وقراراتها لانها تعتبر نتنياهو وغالانت أبرياء وأقدموا على مجازرهم في قطاع غزة من منطلق الدفاع عن النفس، وهذا اعلى درجات النفاق والازدواجية ودعم حروب الإبادة الإسرائيلية وتبريرها.
نجزم بأن المجاهدين في قيادة حركة حماس وكتائب قسامها لم يكلفوا أنفسهم عناء قراءة اتهامات السيد خان، ولم تهتز شعرة في رأسهم قلقا من احتمالات القبض عليهم، وخاصة السيدين يحيى السنوار ومحمد الضيف، فالأول لم يغادر القطاع الا مرتين الى القاهرة بعد 23 عاما في سجون الاحتلال، اما الثاني، أي الجنرال الضيف، فلم يغادر مطلقا، ولا نعتقد انهما سيتأسفان على حرمانهم من قضاء اجازتهم الصيفية على شواطئ الريفيرا الفرنسية خوفا من الاعتقال من قبل البوليس الدولي وتسليمهم للمثول امام المحكمة.
من سخريات القدر ان ما أغضب نتنياهو من قرار المحكمة المذكور آنفا، ان المدعي العام ساوى بينه كرئيس وزراء لدولة تدعي انها ديمقراطية وحضارية، وبين “الإرهابيين” في حركة “حماس”، انها قمة الوقاحة، فأين هذه الديمقراطية التي يتحدث عنها وتقتل أكثر من 20 الف طفل ويغتصب جنودها الحرائر، وتدمر قواتها المستشفيات، وتفرض الحصار التجويعي على أكثر من مليوني فلسطيني؟
***
الشعب الفلسطيني وكتائب مقاومته هم الذين سيحاكمون نتنياهو وكل جنرالاته ووزرائه بإرتكاب المجازر وحرب الإبادة، ولا يعولون مطلقا على محكمة الجنايات الدولية وقضاتها ومدعيها العام، وربما يجادل البعض بأن ما نقوله ينطوي على الكثير من المبالغة، وردنا بسيط جدا ويتلخص في سؤال بسيط جدا وهو: من كان يتوقع ان تصمد المقاومة الفلسطينية ثمانية أشهر وتهزم رابع جيش في العالم، ومن كان يحلم بنزوح اكثر من 300 الف مستوطن من شمال وجنوب فلسطين المحتلة، بفعل “طوفان الأقصى”، وحرب الاستنزاف التي تشنها المقاومة الإسلامية اللبنانية على مستوطنات الجليل، وأخيرا من كان يتصور أن يغلق ابطال اليمن البحرين الأحمر والعربي، وباب المندب وخليج عدن والمحيط الهندي، وقريبا جدا البحر المتوسط في وجه السفن الإسرائيلية والأخرى المتجهة الى موانئ فلسطين المحتلة.. والأيام بيننا