زمن التافهين.
.
إب نيوز ٢٦ ذو القعدة
بقلم الشيخ /عبدالمنان السنبلي.
في كتابه “نظام التفاهة”
يقول الكاتب الكندي آلان دونو:
“إن التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم في هذه الأيام، لقد تغير الزمن، زمن الحق والقيم،
ذلك أن التافهين أمسكوا بكل شيء، بكل تفاهتهم وفسادهم.. فعند غياب القيم والمبادئ الراقية، يطفو الفساد المبرمج ذوقاً وأخلاقاً وقيماً..
إنه زمن الصعاليك الهابط” انتهى.
أليست هذه هي الحقيقة؟!
ومن بوسعه أصلاً أن ينكر مثل هذا الكلام؟!
هل تعلمون من هم التافهون؟
التافهون جمع تافه،
والتافه هو الحقير الذي لا قيمة له..
يقال إنسان تافه
أي إنسان حقير أو (وضيع) لا قيمة له..
خذوا عندكم متتبعي أخبار الموضة مثلاً..
نذروا حياتهم وكرسوها فقط في سبيل الموضة ومتابعة أخبارها أولاً بأول واستجلاب كل جديدٍ قد يأتي من عالمها..
تجدهم دائماً لا يهتمون بما يجري حولهم من نوازل وكوارث وأحداث أو ما يعانيه الناس في محيطهم من مشاكل وهموم..
كارثة الكوارث ونازلة النوازل عندهم هي أن يفوت عليهم نبأ آخر صيحة أو آخر إصدار نزل في عالم الموضة دون أن يتنبهوا لذلك..
مصيبة فعلاً..!
وليست هذه هي المشكلة في الحقيقة..
المشكلة هي أن كل ما يأتون به تجده، وبقدرة قادر، يسري وينتشر في مجتمعاتنا كما تسري وتنتشر النار في الهشيم..!
فإن جاؤوا بقَصَّة شعر مثلاً..،
أيام فقط ونجد أبناءنا وشبابنا قد افتتنوا بهذه القَصَّة وسارعوا إلى تقليدها والتشبه بها..!
وإن جاؤوا ببنطلوناتٍ مشقوقة الركبتين أو الأرداف..
أيام فقط ونرى أبناءنا وشبابنا قد بدأوا بالإقبال على مثل هكذا أنواع من البنطلونات..!
وهكذا نجد أنفسنا، وبدون أن نشعر، قد أسلمنا أبناءنا وشبابنا لهؤلاء الصنف من التافهين..
هنا، وفي هذه اللحظة، فقط يتم حسم المعركة لصالحهم..!
طبعاً وكم وكم هنالك من الأمثلة والنماذج في جوانب عديدة وأحوال شتَّى..
فقط ضعوا (ممثلة) أو (مغنية) مثلاً في أحد الميادين ثم ضعوا في ميدانٍ مجاورٍ أو مقابل آخر أحد كبار الرموز العلمية مثلاً أو الثقافية أو السياسية ثم انظروا أي الميادين ستهوي إليه أفئدة الناس..!
أي الميادين سيتهافت عليه الناس أكثر..!
النتيجة معروفة طبعاً..
أما لو زدتم على أولاهما راقصة، فالأمر بلاشك محسوم سلفاً وغير قابل للنقاش..
لذلك لا تستغربوا أن أغنيةً هابطةً ورخيصةً مثلاً تحصد في فترة قياسية على اليوتيوب أكثر من ثلاثمائة مليون مشاهدة بينما قصيدة للبردوني مثلاً أو الجواهري أو شوقي أو عمر أبو ريشة أو حتى المتنبي لا تحصد طوال سنوات أكثر من خمسين إلى مائة ألف مشاهدة في أحسن الأحوال..!
لا تستغربوا أن رأيتم الناس اليوم يَعلُون من قدر وشأن بعض اللصوص ومصاصي دماء البشر في الوقت الذي تجدهم لا يضعون أي اعتبار أو يقيمون وزناً للأتقياء والصادقين والمخلصين..!
لا تستغربوا..
فنحن في زمن التافهين..!
زمان حسم التافهون فيه المعركة لصالحهم..!
زمان قال عنه البردوني ذات يوم:
زمانٌ بلا نوعية جرَّ ويلهُ
متاخيم يقتاتون أفئدة الجوعى..!
#معركة_القواصم