متاهات سوداوية

إب نيوز ٢٨ ذو الحجة

 عبدالملك سام –

عندي بعض التساؤلات، فأسمعوا لأن لحظات السقوط السعيدة لا تتكرر، واليوم لا أعرف ماذا حدث لي فقد يكون الإيقاع الحيوي الخاص بي في أدنى مستوياته، ولعل هذا ما جعل افكاري في أدنى مستوياتها التشاؤمية، فأعتبروني متعب أو مريض ولا تؤاخذوني على ما سأقول، ولكن اسمعوا كلامي حتى النهاية.. اتفقنا؟!

في البداية، أنا لا افهم ما هي نهاية البؤس الذي نحن فيه؟ كل يوم نرى مشاهد القتل والتدمير صبحا وعشية، ولا يبدو أن أحدا مهتم بنا، وكأن الدم العربي بلا قيمة! هناك خطأ، ولكن لا أحد يهتم.. حتى نحن (العرب) منشغلين عن إيجاد حل، وكأن ما يحدث لا يحدث لعرب ومسلمين مثلنا! حتى لو كانوا صينيين أو هندوس او افارقة فلن يكون موقف المتفرج لائقاً بنا.. فما الذي حدث لنا؟!

جبناء؟! لسنا جبناء، وقد رأينا كيف نفعل ببعضنا عند أتفه مشكلة، ونضطر دائما أن نمسك بعضنا حتى لا يفتك الواحد منا بالآخر! حتى أولئك الذين تحركوا منا كمقاومين، رغم قلة عددهم وعتادهم، إلا أن العدو يصرخ منهم حتى ليظن من يسمعه أنه يواجه جيوشنا الجرارة دفعة واحدة!

المسألة ليست جبنا، وحتى الأنظمة التي تتنمر على شعوبها وتقمعها حتى لا تتعاطف مع فلسطين، هذه الأنظمة لن تصمد أمام أصغر تحرك فاعل تقوم به الشعوب، وستجدها تبحث عن رضاها بأي شكل وتضغط على أمريكا والصهاينة ليوقفوا عدوانهم خلال أيام قليلة خوفا من الشعوب.

نحن في الحقيقة لا نهتم، ولو اهتممنا فلساعات أو أيام، ثم نشعر بالملل! نهتم بالمقاطعة لفترة، ثم نكتشف أن علبة الكولا وقطعة الشيكولاتة وأنبوب مزيل العرق والأيفون أهم من فلسطين والقدس والدم، بل أهم من الدين نفسه! لا نريد أن نخرج لنعبر عن سخطنا كما فعل الأجانب رغم أن الأنظمة في بلدانهم تمنعهم وتقمعهم، ورغم أن القضية لا تعنيهم كما تعنينا. ولكن لو دعينا لحفلة (ترفيه) فنحن النشاط بحد ذاته!

مهما كان سكوتنا يضر بنا، ومهما كنا نعرف أن عاقبة السكوت والرضوخ وما لها من عواقب وخيمة علينا، ومهما رأينا آثار هذا السكوت السيئة تتلاحق على شكل أزمات ومشاكل وغلاء أسعار ومعاناة، ومهما خوفنا المصلحون من عذاب الله.. لا نتحرك!! الموضوع بات كاللعنة، والدليل أننا لا نتكلم إلا متى ما أنتقدنا المقاومة، ولا نتحرك إلا لنعادي أخوتنا، ولا نحمل السلاح وننفق الأموال إلا ضد بعضنا!

هل نتجه يا سادة نحو القاع؟ بل إلى ما تحت القاع لأننا في القاع فعلا! نرقص ونغني ونتابع مباريات في نفس الوقت الذي يقتل فيه الفلسطينيون بالآلاف.. نراهم جثثا وأشلاء فنسارع لتغيير المشهد بحثا عن أغنية أو فيلم لننسى ما شاهدناه، ولكننا نشعر بالقلق إذا ما شاهدنا احدى عمليات المقاومة ضد العدو لأن هذا يهدد حياة (السلام) التي نعيشها، وحتى قبل أن يهدد حياة العدو المجرم نفسه!

قال إخوة يوسف لابيهم: {لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون}، أي فاشلون، لا يستحقون الحياة، ولا قيمة لهم.. هم على الأقل قالوا هذا حتى يخدعوا أبيهم، وهم يعرفون أنه يستحيل أن يصل الذئب ليوسف وهم عصبة، أما نحن فلا خدعة هناك، مليار ونصف مؤمن لا يستطيعون أن يحموا قطاع صغير من أرضهم! فإذا لم تكن الحالة التي نحن فيها لعنة، فأخبروني ما هيه؟!

You might also like