كاتبة تونسية .. يافا تحييكم .!

إب نيوز ١٦ محرم

أمس اصيب العالم بخلل في خدمات الانترنت فرض حالة من الجمود و الشلل على اكبر المطارات و البورصات في العالم و حتى الفضائيات التي اصيبت بفجأة بالصمم و سكتت عن كل كلام مباح .. بما دفع للتساؤل ما اذا كان الامر هجوما سيبيريانيا مخطط له .. ى وحدها الة القتل و الدمار الاسرائيلي ظلت تتحرك في كل الاتجاهات و ترتكب مزيد المجازر في غزة و تنسف ما بقي من اسباب الحياة هناك …و ربما في غمرة غطرستها و انصرافها الى مواصلة عملية الابادة المنظمة لم تنتبه اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية الى مسيرة يافا التي ستراوغ منظومتها الدفاعية و تصل الى قلب تل ابيب و تثير ما اثارته من هلع في الاوساط الاسرائيلية و لكن لتوجه صفعة لا تقل حدة عن صفعة السابع من اكتوبر التي اصابت الاجهزة الامنية للاحتلال معه الموساد و الشين بيت بالذهول و دفعت الى استقالة قيادات عسكرية اسرائيلية بعد تواتر الانتقادات و الاتهامات من الاعلام الاسرائيلي و الراي العام الذي اتهم حكومة ناتنياهو بالفشل ..و لا تزال هذه الاصوات ترتفع داخل كيان الاحتلال مطالبة باسقاط الحكومة التي فشلت في استباق طوفان الاقصى و فشلت في استعادة الاسرى و القضاء على حماس التي تبقى حركة مقاومة مسلحة و ليست جيشا نظاميا او قوة عسكرية كما هو حال الجيش الاسرائيلي الذي يعد الجيش السادس بين اقوى جيوش العالم و الاول في المنطقة ..نقول هذا الكلام بالتزامن مع مضي 287 يوما على العدوان المستمر و النزيف البشري في غزة مع رسالة الحوثي أمس التي قطعت الفي كيلومتر ليستقر بها المقام في قلب تل ابيب و تثير ما اثارته من استنفار و تدفع الاعلام العبري الى التهكم من وزير الامن الاسرائيلي و تدعو الى ايقاظه من النوم …بعد هدهد حزب الله قبل ايام ..طهرت مسيرة يافا ..طبعا لا مجال للانسياق وراء الاوهام او الاعتقاد انها نهاية العدوان و الارجح ان ما حدث سيؤجج رغبة الاحتلال في الانتقام من الفلسطينين و يفتح شهيتهم لمزيد القتل و اراقة الدم ..و لكن ما حدث يؤكد جملة من الحقائق التي لا تقبل التجاهل و انه لا شيء غير الردع يمكن ان يضغط على الاحتلال ويدفعه الى اعادة حساباته و انه انتهى زمن كان التعويل فيه على مفاوضات واتفاقات وهمية عبدت الطريق لمزيد الاستيطان و السطو على الارض …و اخيرا و ليس اخرا و فيما يتجاهل صناع القرار في العالم ان هناك بقية من الاحساس بالكرامة لدى الشعوب المستضعفة و اولها الشعوب العربية المقهورة التي تنظر الى الحوثيين على انهم انصار القضية الفلسطينية في زمن الخذلان ….

ترحيب و تعاطف كبير عبر مختلف المواقع الاجتماعية بعد الاعلان عن نجاح الحوثيين في استهداف قلب تل ابيب عبر مسيرة يافا التي قطعت الفي كيلومتر خلال تسع ساعات و تمكنت من مراوغة اجهزة الدفاع الاسرائيلي و اربكت سلطات الاحتلال امام الراي العام الاسرائيلي و الدولي و فرضت حالة من الاستنفار في كيان الاحتلال …تعاطف عابر للحدود اعتبر معه انصار القضية الفلسطينية انه انتقام لغزة و اطفالها و نساءها و كل ما فيها …و هو تعاطف غير مفاجئ و في جزء منه يعكس مشاعر الاحباط بسبب تخاذل و لامبالاة وخذلان العالم و انحيازة الارعن للاحتلال ولكن ايضا بسبب عجز و تواطؤ الانظمة و الحكومات العربية و الاسلامية التي وقفت عاجزة أمام محنة غزة و الاهوال التي يتعرض لها القطاع في مواجهة الة القتل الاسرائيلية و جرائم الابادة التي تجاوزت كل الحدود منذ عشرة أشهر ..و سيكون من السذاجة و البلاهة ان يعتقد احد أن ادراج جماعة الحوثي على القائمة السوداء لامريكا و تصنيفها ضمن الحركات الارهابية يمكن ان يدفع الى اخفاء هذا التعاطف او تجاهل او التقليل من تحركات الحوثي من اجل غزة …

والاكيد ان هذا التعاطف و التفاعل مع الحوثيين اكثر من سبب يستوجب الانتباه له خاصة عندما تستنفر القوى الكبرى ف العالم وتحرك اساطيلها الحربية و بوارجها في المتوسط لتعزيز قدرات اسرائيل العسكرية و دعمها في كل ما تقوم به في قطاع غزة الذي تحول الى ركام و غابت فيه تقريبا كل اسباب الحياة ..

اختيار الحوثي اسم يافا للمسيرة التي فاجأت الاستخبارات الاسرائيلية هو ايضا له دلالاته التاريخية و رسائله لشعوب و امم تسأل لماذا يهون الدم الفلسطيني و الدم العربي و لماذا تفقد انسانية الانسان العربي قيمتها امام حكامه و امام غيرهم …ستنتهي حرب غزة و لكن سثمر اجيالا غاضبة و ثائرة و متمردة على هذا الاحتلال مهما بلغت قودته و مها كان حجم الدعم العسكري الذي يحظى به ..اطفال غزة الذين فتحوا اعينهم على وقع ابادة عائلاتهم و قطع اطرافهم و حرمانهم من الطعام و الدواء و السقف الذي ياويهم و من المدرية و المستشفى و من كل الاحلام التي حلموها سيكونون اللعنة التي ستلاحق الاحتلال الى ما لا نهاية و ربما سيكون بينهم من يطور “مسيرة يافا ” و من يصنع غيرها من المسيرات و السلاح الذي لا يمكن اعتراضه …امس قالت محكمة العدل الدولية كلمتها فلسطين ارض محتلة واسرائيل تمارس الاحتلال و ما تقوم به غير قانوني ..و في ذلك ما يكفي و في غياب أي اجراء على الارض ما يشرع كل اسباب المقاومة بكل الطرق المتاحة ضد هذا الاحتلال ..

*آسيا العتروس

كاتبة تونسية

You might also like