كاتب تونسي : الضربةُ الصُّهيونية على الحُديْدة تستفز أنصار الله.. كيف سيكون الرد؟
إب نيوز ١٧ محرم
لا شك أن الضربة الصّهيونية بعشرة صواريخ متتالية دفعةً واحدة على منشآت نفطية في مدينة الحُديدة في اليمن لها ما لها وعليها ما عليها، فلن تمرّ مرور الكرام، بل ستستفز أنصار الله وتجعلهم يفكرون في خطط أخرى لضرب العمق الإسرائيلي بضربات موجعة ومؤلمة حتى تكفّ إسرائيل عن جرائمها البشعة التي ارتكبتها في غزة منذ السابع من أكتوبر، ولن تهنأ إسرائيل بالأمن حتى تضع الحرب أوزارها كما قال الحوثيون في اليمن وحزب الله في لبنان، فهاتان الجبهتان الساخنتان القائمتان تضامنًا مع أهل غزة كانتا السند الحقيقي للشعب الفلسطيني الأبيّ ومقاومته المشهودة، فلولا هذه المقاومة ما رأينا إسرائيل وأمريكا تستجديانها وتطلب منها موافقة على صفقة، وما رأينا مندوبين أمريكيين وأوروبيين يصولون ويجولون جيئة وذهابا بين الدوحة وتل أبيب وجنيف وغيرها من المدن من أجل إرسال رسائل لحماس حتى تقبل بالصفقة المرتقبة التي طالب بها الإسرائيليون حكومة وشعبا ما عدا نتنياهو والمتطرفين بن غفير وسموتريتش ووزيرة الاستيطان.
ويعتقد الإسرائيليون أنه بضربتهم هذه سوف يكفّ الحوثيون عن مناوشة الجيش الصهيوني والمدن الإسرائيلية، لكن هذا ضربٌ من ضروب الأحلام الوهمية التي مازال يعيشها اليهود والصهاينة، فالذي لم يستوعبه الصهاينة اليوم أن المعادلة قد تغيّرت، وأن من يحاربهم اليوم لا يشبهُ مقاتل الأمس الذي حاربهم في السادس من أكتوبر سنة 1973م ولا في حرب سنة 1967م، فمقاتل اليوم لا يحمل الصبغة القومية ولا الصبغة الرسمية، بل يحمل عقيدة صلبة ويقينا صادقا وقوة وعزيمة لا تلين، ومقاتل اليوم يحمل في قلبه شهادة أو نصرا، لذلك فهو يقاتل من أجل دينه ووطنه، ومن أجل أن يتحرّر القدس من أيدي اليهود المجرمين الغاصبين، فهو حتما مختلف تماما لذلك هو يتقدم على الأرض.
وبالطبع فإن التمرّن والتدريب القاسي الذي استمر سنوات وبعد حروب متتالية استفاد منها المقاتل الفلسطيني وتدرب على جميع صنوف القتال وفي حالات متعددة وفي أقسى الحالات وأشدّها، وكيف يتصرف بهدوء وحكمة بالغة، فلا تتأثر نفسه بما يحيط به من مآس رغم أنها تجرحه كثيرا وتنزفه إلا أنه يتحمل الألم بما فيه ويمضي نحو الهدف الأسمى رغم خسارته المؤلمة، هو ذلك المقاتل الذي ترك الدنيا وراءه وعلم أن كل شيء سيأتي، وإنما يأتي بقدر الله وحده، ما دامت النية صادقة وما دامت الثقة بالله العظيم قائمة، وما دامت العزيمة نحو القتال ماضية، فلن يوقف الزحف شيئا، لذلك سمّى المجاهدون الفلسطينيون هذه المعركة الحاسمة بطوفان القدس.
وينطبق هذا على جميع الجبهات، فجبهة اليمن لا تقلّ صمودا عن جبهة غزة، فقد عانى اليمنيون معاناة شديدة إبان الحرب المسعورة التي شنتها السعودية وحلفاؤها عليها طوال سبع سنوات وقتل فيها من قتل، وأُهلك الحرث والنسل، لكن اليمنيين سطروا بصمودهم أسطورة كتبها التاريخ وستظل باقية إلى الأبد، فالمقاتل اليمني لا يرضى بالذل والهوان لأنه تربى هكذا في بلاده ولن يسمح بالغازي والمعتدي أن ينتصر، ولديه من القوة ما يكفيه لقلب المعادلة مهما كان العدو، فكما أجبر السعودية على القبول بالسلم والسلام يستطيع أن يجبر بني صهيون على الخنوع والاستسلام.
وأعتقد بأن لدى أنصار الله اليوم بعد هذه الضربة الموجعة في الحُديدة ما يقدّمونه لبني صهيون، وقد يُفاجأ الصهاينة بخططهم المستقبلية للرد الحاسم على هذا الاعتداء، ولن يسمح اليمنيون لليهود بأن يستمروا في عبثهم وسيردون عليهم بكل قوة، لكن كيف سيكون الرد؟ وعلى أي جبهة؟ وهل ستكون الضربة القادمة في العمق الصهيوني؟ وهل ستمتد الحرب على غزة إلى جبهة جديدة مع اليمن؟ وهل إسرائيل قادرة فعلا على تحمل الضربات اليمنية القادمة في ظل تذبذب الجيش الصهيوني وضعفه الشديد أمام جبهة غزة الأبية؟ وإلى متى سيظل الصمت العربي والإسلامي قائما؟ هل سيبقى حتى تحترق المنطقة برمتها؟ أم أن هناك تحركات جديدة لتطويق العمليات الحربية في قادم الأيام؟ كل هذا سنعرفه خلال الأيام القادمة وما ستقدم عليه إسرائيل وحركات المقاومة الباسلة.
*فوزي بن يونس بن حديد
كاتب تونسي