خبير ومحلل عسكري لبناني : “فلسطين 2” اليمني وجبهة لبنان.. أي أبعاد ورسائل؟
إب نيوز ١٥ ربيع الأول
في الوقت الذي ارتفعت فيه نبرة تهديدات نتنياهو للبنان، بتنفيذ عملية عسكرية صاعقة، تغيّر الوضع على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، وتنهي قدرات حزب الله وبنيته الدفاعية، أو على الأقل تُبعد تأثيرات صواريخه عن مستوطنات الجليل وعن قواعد العدو العسكرية، جاءت الضربة الصاعقة لكيان الاحتلال من اليمن، من خلال استهداف عمقه الحيوي والإستراتيجي في محيط “تل أبيب”، بصاروخ “فلسطين 2” الفرط صوتي، والذي انفجر بالقرب من محطة قطارات رئيسية تبعد أقل من 6 كلم عن مطار “بن غوريون”.
فهل يمكن القول، إن هناك ارتباطاً ما بين تهديدات نتنياهو للبنان وبين استهداف “تل أبيب” بهذا الصاروخ اليمني، في نفس توقيت ارتفاع ذروة تلك التهديدات؟ أم أن هذا الاستهداف الاستثنائي بصاروخ “فرط صوتي”، والذي أطلقته القوة الصاروخية في صنعاء للمرة الأولى، يدخل في إطار مناورة الإسناد اليمنية دعمًا لفلسطين ولغزة ضد عدوان ومجازر العدو “الإسرائيلي”، حيث يمكن أن يكون تحديدًا، ردًا على العدوان الصهيوني الواسع على منشآت الطاقة والنفط في الحديدة؟
في الواقع، وقبل الإجابة ومحاولة تحديد تفسير معين لعملية الاستهداف الصاروخي هذه لأبعادها ولرسائلها، من الضروري الإضاءة على عملية الإطلاق من الناحية التقنية العسكرية، وعلى مميزات الصاروخ وقدراته الاستثنائية.
– فلسطين 2 صاروخ “فرط صوتي” يمني الصنع، يبلغ مداه الأقصى 2250 كلم، من الواضح أن تسميته ( فلسطين 2)، مع المدى الذي يمكن أن يصل إليه، مرتبطة بأهدافه التي يفترض أن تكون لمواقع ونقاط الاحتلال داخل فلسطين المحتلة.
– بعد أن قطع مسافة طبوغرافية (المسافة الجغرافية المباشرة من نقطة الإطلاق حتى الهدف) نحو 2040 كلم بتوقيت لم يتعد الاثنتي عشرة دقيقة، يمكن تحديد سرعته بأكثر من 10 “ماخ” ( سرعة الصوت)، خاصة أن مساره المقوّس والذي لامس الفضاء الخارجي ( مثل اغلب الصواريخ الباليستية ) تعدى الثلاثة آلاف كلم.
– أن يتجاوز بنجاح منطقتي البحر الأحمر وأجواء السعودية والأردن وأجواء فلسطين المحتلة، حيث كل هذه المناطق اليوم، تعجّ بمروحة واسعة من القطع البحرية الغربية وبالقواعد العسكرية المزودة بأحدث بطاريات وأنظمة الدفاع الجوي، والمكلفة حاليًا بتنفيذ مهمة اعتراض صواريخ ومسيرات الوحدات اليمنية، فذلك يؤشر إلى أن هذا الصاروخ ( فلسطين 2) يمتلك مميزات متقدمة جدًا في مجالات التغلب على أحدث منظومات الدفاع الجوي الغربية و”الإسرائيلية” وتجاوزها.
– من طبيعة انتشار وتبدد شظايا الصاروخ، وتوزع الحرائق التي سببها، مع التدمير الواضح من المشاهد، لقسم غير بسيط من إحدى سكك الحديد المعلقة على جسر داخل محطة القطارات المستهدفة، يمكن الاستنتاج أن للصاروخ قدرة تدميرية كبيرة، ليست بأقل من ٥٠٠ كلغ من المواد شديدة الانفجار.
أما لناحية رسائل الصاروخ والأبعاد المرتبطة بتوقيت إطلاقه وبمكان سقوطه، يمكن الإشارة إلى الآتي:
– لم يعلن اليمنيون أن عملية الإطلاق هذه، رد على العدوان “الإسرائيلي” على الحديدة، والتي كانوا قد أكدوا سابقًا أنهم سوف يردون حتمًا عليها، الأمر الذي يُبعد احتمال أن تكون عملية الإطلاق هي الرد المنتظر.
– انطلاقًا من استبعاد أن يكون الإطلاق ردًا على الاعتداء على الحديدة، يمكن أن ترتفع فرضية أن يكون هناك ارتباطًا ما، بين استهداف محيط “تل أبيب” بصاروخ “فلسطين 2” اليمني، وبين التهديدات “الإسرائيلية” الاخيرة للبنان، خاصة أن اليمنيين كانوا قد أعلنوا منذ عدة أشهر عن امتلاكهم لصواريخ “فرط صوتية” مثل “فلسطين 2″، وأن الاشتباك الدائر بينهم وبين كيان الاحتلال، على خلفية إسناد غزة والشعب الفلسطيني، وصل منذ فترة غير بسيطة، إلى مستويات مرتفعة وخطرة، وكان يمكن أن يخلق هذا الاشتباك، أكثر من حاجة أو فرصة يمنية مناسبة لإطلاق قدرات صاروخية مؤثرة في الكيان، شبيهة بعملية إطلاق “فلسطين 2” هذه.
انطلاقاً مما سبق، يمكن القول إن استهداف اليمنيين لـ”تل أبيب” بصاروخ “فلسطين 2” الباليستي “الفرط صوتي”، يرتبط بارتفاع مستوى الاشتباك بين محور المقاومة وبين كيان الاحتلال، ويمكن وضعه في خانة الرسالة اليمنية الصاعقة لهذا الكيان، بما يمكن أن تكون عليه الأمور، فيما لو تطورت المواجهة بينه وبين أطراف المحور، وتحديدًا في ما لو غامر بتنفيذ عدوان واسع على لبنان.
الخبير والمحلل العسكري اللبناني
العميد المتفاعد – *شارل أبي نادر