كاتب وصحفي مصري : اليمن أنموذج لأمن المنطقة

 

إب نيوز ٢٢ ربيع الأول

 بعد سلسلة الاغتيالات، وتصفية الصف الأول من قيادات دول محور المقاومة ونجاح جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) في تجنيد عملاء وخونة من ضعفاء النفوس المريضة أصبح تكوين جهاز مخابراتي على مستوي عالي في دول المحور مطلباً ضرورياً لكبح جماح عمل هؤلاء العملاء والخونة والطابور الخامس سواء في إيران، أو لبنان، أو العراق، أو سورية، أو فلسطين، وكشفهم وتقديمهم إلى المحاكمة.

لم تكن حادثة اغتيال القائد في فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني ورفيقه بالحشد الشعبي أبو مهدي المهندس إلا نتاج عمل استخباراتي دقيق، واختراق أمني من “الموساد” وأمريكا لدول المحور التي حملت على عاتقها مناهضة المشاريع الاستعمارية التي تقوم بها أمريكا والصهيونية في دول المنطقة، حيث كان ينبغي على دول المحور بشكل خاص، والدول العربية بشكل عام أن تتخذ خطوات تحصنها من أي اختراق بأجهزة استخبار قوية تردع “الموساد” الصهيوني الذي كشفت الأحداث من بعد حادثة اغتيال سليماني، والمهندس أنه نجح في تجنيد أيادٍ، وأعين داخل المحور من ضعاف النفوس، والإيمان والوطنية.

 يؤكد هذا أيضاً ما حدث من اغتيالات كثيرة، طالت قادة وعلماء إيرانيين، سواء في ايران، أو خارجها، والأعمال التخريبية الداعشية في بعض مدنها، وتلك الاحتجاجات المدعومة أمريكياً ضد الحكومة، والتي تهدف لاستهداف الحاضنة الشعبية لإيران، واستقرارها.

لا نستبعد أن تكون حادثة سقوط المروحية بالرئيس إبراهيم رئيسي هي اغتيال، وليس بسبب الطقس، أو المناخ، وإنما نتيجة عمل استخباراتي دقيق.. أيضاً حادثة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس القائد اسماعيل هنية في غرفة نومه في بيت الضيافة الإيرانية في طهران، والتي يفترض أن تكون أكثر حصانة لما تملكه من تقدم كبير في التكنولوجيا التي وصلت إلى النووي جعلها محل استهداف من دول الغرب وجعلت أسهم العداء، تتجه أكثر نحوها ليس فقط كونها دولة اسلامية تناهض مشاريعهم، وأول دولة تعترف بفلسطين وتدعمها، إنما لمستوى ما وصلت إليه من تقنيات، يرفضها الاعداء علينا كأمة إسلامية!

أيضاً ما حدث من استهداف خلال معركة “طوفان الأقصى” للقائد في حركة حماس صالح العاروري، والقائد فؤاد شكر، وحادثة تفجير أجهزة البيجر التي لولا لطف الله لكان عدد الشهداء أكبر بكثير من العدد المعلن للشهداء والضحايا، وكذلك حادثة استهداف القائد ابراهيم عقيل داخل الضاحية، فهذه الحوادث يجب الوقوف عليها ومحاولة تكرارها كما فعلت اليمن بعد اغتيال الرئيس صالح الصماد!

أعتقد أن اليمن هي الدولة الوحيدة من دول المحور التي استطاعت أن تمتلك جهازاً استخباراتياً قوياً كشفت من خلالها الخلية التي شاركت دول العدوان باستهداف الرئيس صالح الصماد وقدمتها للمحاكمة، وكذلك من اغتالوا الشهيد الوزير حسن زيد، كما تمكنت من كشف العديد من الخلايا التي تجندت في صف العدوان على حساب وطن كان أقوى من كل مخططاتهم، ومن ارتزاقهم الخبيث، أيضاً كشفت الخلية التجسسية التابعة للمخابرات الأمريكية، والتي كانت قد تأسست باليمن منذ وقت مبكر، وحاولت أمريكا من خلالها استهداف اليمن في جميع المجالات الدينية والثقافية والتعليمية والاقتصادية والسياسية، وغرست نفسها بجذور ثابتة داخل مؤسسات الدولة، وبدعم سخي من أمريكا سرعان ما انهارت على أيدي الاستخبارات، والأمن اليمني على الرغم مما تعانيه اليمن من حروب داخلية وخارجية ومحاولات زعزعة أمنها وتفكيكها وتمزيق نسيجها الاجتماعي لكنها كانت أكثر نباهة وحصانة من بقية دول المحور، وحتى العربية آخرها ما كشفته استخباراتها من عملية محاولة زعزعة الأمن عبر استغلال الاحتفال بثورة ٢٦ سبتمبر، وهذه ليست المرة الأولى، إنما مع كل ذكرى تأتي لهذه الثورة يكون الأعداء قد تجهزوا، وأعدوا العدة لاختراق صنعاء، فتسبقهم الاستخبارات اليمنية بخطوات تحبط كيدهم، وتفشل خططهم الدنيئة، إلى جانب بناء نفسها عسكرياً بأسلحة جابهت أخبث عدوان، واستطاعت هزيمة 17 دولة تكالبت عليها، وأثخنتها بالجراح، والحصار، واستطاعت أن تجابه حصارهم، وبنت نفسها اقتصادياً، وعسكرياً، وتجندت في لواء النصرة لفلسطين ملحقة الخسائر الاقتصادية العظيمة للصهاينة، والهزيمة الكبرى بأمريكا العظمى إلى حد امتلاكها صواريخ الفرط صوتي كخامس دولة تمتلك التقنية الأحدث في صناعات الصواريخ، والتي أمريكا بجلالة تكنولوجيتها ليست منها!

 وهنا نقف احتراماً لليمن، واستخباراتها العيون التي جعلت اليمن وأمنه بين جفنيها، رغم بساطة الإمكانيات، جهاز ردع وتأديب لكل خائن وعميل يفقأ عين العدو، لا جهاز قمع كما هو حال بقية الاستخبارات التي لا عمل لها إلا قمع الحريات، وتكبيل كل من ينتقد أخطاء في الدولة!

وعليه ينبغي أن تحذو بقية دول المحور حذوها في تحصين نفسها، وبناء أجهزة استخبارات تكسر كل يد تحاول المساس بها، وتخترق قلب كل من يحاول اختراقها، وتردع كل خائن لوطنه يجند نفسه لصالح الأعداء، وتجعله عبرة لكل معتبر، وتدق المسمار الأخير في نعش الموساد الصهيوني قبل أن يدق هو مسماره في قلوبنا، وهنا نصيحة محب لا كلام انتقاد، وانتقاص من قدرة دول المحور كما سيفهمه البعض الذين لا تتجرأ أقلامهم بقول كلمة حق تهدف إلى خلق الوعي، وسرعان ما يعتبرون أي نقد بأنه حقد وتشويه، ويعلم الله أنه كلام قلب يتألم، من واقع الاغتيالات التي طالت قادة شكل رحليهم خسارة علينا كأمة تبني نفسها قوة صلبة في وجه أعدائها الذين استفحلوا بشرهم واجرامهم آخره ما نراه اليوم في لبنان وغزة، في ظل تجاهل من المجتمع الدولي، وصمت عربي ينتظر حلولاً لمصائبه من أمريكا التي هي من تزرعها وتصنعها بغضاً وكراهية للعرب، وطمعاً بالأرض العربية، وبعداً لها كما بعدت ثمود.

——–

أشرف ماضي

*كاتب وصحفي مصري

:

المسيرة نتاشرف ماضي

 

You might also like