الشيعة ومستجدات الصراع مع إسرائيل ”فرض حقائق وتغيير معادلات“..!!
إب نيوز ٦ ربيع الثاني
غيث العبيدي..!!
منذ أكثر من أربعة عقود، وهنت الحكومة المصرية برئاسة انور السادات، وتنازلت وتكاسلت وقعدت وتركت الإعانة واستسلمت، للواقع العربي السيئ، وخذلت القدس، وتركت نصرة الفلسطينيين، وعقدت ”اتفاقية كامب ديفيد“ للسلام مع إسرائيل عام 1978، فأنهت الحرب والعداوة بين البلدين والى يومنا هذا. وبنفس تلك الفترة كان أغلب العراقيين يتطلعون إلى قيام الوحدة بين العراق وسوريا، كتطبيق عملي للشعارات التي يحملونها ضد اسرائيل، إلا أن وصول عينة النموذج الغربي ”صدام حسين“ للحكم في العراق، بددها وانقلب عليها، فأستفاق ”احمد حسن البكر“ متأخرآ ليجد صدام والبعث قد تجلوزوا وفرضوا طوق امني شديد الخطورة عليه، فما كان منه إلا أن يتنازل عن الحكم خائفا ودون رضاه.
وبدل من استنهاض همة العرب، ورص صفوفهم كتفآ بكتف وكعبآ بكعب، وتوحيد كلمتهم ومواقفهم وقواهم السياسية والعسكرية ضد إسرائيل، ذهب صدام وبدعم غربي وعربي قل نظيرة، لمقاتلة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحديثة الولادة، والتي تأسست بنفس تلك الفترة، ومن بين ركام تلك الأحداث الاسلامية، وتحديدا عام 1979، وكأن الله تعالى أراد أن يعمل بخاصية ”الاستعاضة والأستبدال“ كواحب تعويضي عن مصر المطبعة مع تل أبيب، بأيران المعادية لأسرائيل، فما كان لها إلا أن تناصر الفلسطينيين، وتحرر أول قطعة أرض لهم، فأستبدلت السفارة الإسرائيلية بالسفارة الفلسطينية في طهران، فوجد الرئيس السوري الراحل ”حافظ الأسد“ نفسه في تلك الجمهورية الإسلامية الفتية، فما كان منه إلا أن يتخندق معها بنفس الخندق، ليخالف العرب جميعا، طولا بعرض، ويصطف مع إيران ضد صدام حسين.
تغيير مؤشر بوصلة العداء العربي من أسرائيل لإيران، وتتابع خذلانهم للقضية الفلسطينية، وأنهزامهم السريع على مذبح الشهوات، وأهترائهم أمام بريق العلمانية الغربية، والتي فتحت النار على الروابط الدينية والاجتماعية فيما بينهم، وانشغال الأنظمة السنية الاستبدادية، بالاضطهاد النظامي للشيعة، والتنكيل بهم فرادآ وجماعات، وتكفيرهم على مذبح المعارك الفكرية والفقهية، والاستعانة بالغرب والصهاينة عليهم، ونبذهم أجتماعيا، وتعمد إبعادهم وأقصائهم طائفيا عن مفاصل الحكم الرسمية، السياسية والعسكرية، في كل البلدان العربية، فما كان من قادة الشيعة ورموزهم الدينية والاجتماعية، إلا أن يجدوا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعنوانها السياسي والديني، حقيقة كبرى على الأرض، وملاذ أمن لجميع الطوائف، وليست فقط الطائفة الشيعية.
بعد انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية، التي فرضها عينة النموذج الغربي، والعميل رقم (1) عربيا ”صدام حسين“ عليهم دون أن يحقق هدف واحد فيها، تحول الصراع مع اسرائيل من ”عربي سني اسرائيلي، لأيراني شيعي اسرائيلي“ لتنازل العرب عن هذا الشرف، فيما ‘شيعة’ العرب والعجم متمسكين به، ولا يمكن أن يتنازلون عنه حتى قيام الساعة، ومن أجل تحفيز الشيعة في المنطقة، تشكلت دول محور المقاومة، الساعية لتغيير موازين القوى مع إسرائيل، والحد من تفاخرها، وكسر شوكتها، وأفول نجمها الذي سطع كثيرا في تلك الفترة، والحد من توسعها وهيمنتها ومخططاتها ونفوذها، بعد أن مس الصهاينة بهيبة وسيادة وأمن وشرف العرب والمسلمين، بفضل تخاذل الحكومات العربية السنية.
اليوم محور المقاومة بكل أجنحته، حقيقة بليغة وعنوان كبير، وواقع فرض نفسه وقوته ووجوده على الجميع بدون استثناء، من أقصى الأرض لأقصاها، يضحون بحياتهم وممتلكاتهم وأموالهم وأعمالهم، من أجل قضية العرب والمسلمين الاولى ”فلسطين والقدس الشريف“ ومنشغلين بتحسين ذواتهم الإسلامية والجهادية، وواجباتهم الأخلاقية والشرعية، فيما غيرهم منشغلين بعروض اللهو وحياة الماعز.
وبكيف الله.